ماذا في سريلانكا... (لتفجير مجزرة)!

ماذا في سريلانكا... (لتفجير مجزرة)!

سلسلة تفجيرات ضربت سريلانكا في يوم عيد الفصح، وأودت بحياة أكثر من 290 شخصاً، و500 جريح، من بينهم عشرات الأجانب. الحدث الإرهابي الإجرامي الذي ملأ الشاشات تحليلات واتهامات، لا يمكن فصله عن الاعتداء الإرهابي السابق في نيوزيلاندا، حيث يجري تكثيف مشاهد القتل في آسيا على أساس ديني وعرقي، وهذا ما يريده مفتعلو الحدثين أن يُقال، ولكنه ليس ما يجب قوله بطبيعة الحال!

لم يتبنَ طرفٌ أو جماعة الأعمال الإرهابية في سريلانكا، حتى ساعة كتابة المقال، ولم تصل الحكومة إلى أجوبة حاسمة، بل صرحت مؤخراً بأن الهجمات منسقة بين طرف داخلي، وطرف دولي خارجي، مرجحة أن المهاجمين من جماعة التوحيد الإسلامية.
جميع الأطراف الدولية طبعاً أدانت الاعتداءات، بينما تتركز الاتهامات المتداولة على جماعتي: التوحيد الإسلامية، وعلى نمور التاميل، الجماعة العرقية الانفصالية التي خاضت حرباً أهلية في سريلانكا امتدت منذ الثمانينيات وحتى عام 2009.
وفي كلتا الحالتين، فإن الاتهامات تفيد في الإيهام بأن الاعتداء قائم على أساس ديني أو عرقي.
ماذا في سريلانكا؟
سريلانكا بلد لا زال هشاً، وهي لم تخرج من سنوات الحرب الأهلية العشرين إلا مؤخراً، وبمئة ألف قتيل تقريباً... ولكنها منذ أن وضعت الحرب أوزارها، تحولت إلى نقطة هامة في خريطة المنطقة، وتهتم باستقرارها كل من الصين والهند على السواء.
فالصين التي أنشأت في سريلانكا ميناءين، تضعها معلماً على خريطة الحزام البحري لمشروع الحزام والطريق. والهند التي تقع سريلانكا على حدودها البحرية، مهتمة أيضاً باستقرار سيرلانكا، حتى لا تندفع تداعيات الحرب الأهلية مجدداً إلى داخل الأراضي الهندية. إذ إن الهند اضطرت للتدخل العسكري في الحرب الأهلية في سريلانكا لإيقافها، واغتيل رئيس الوزراء الهندي راجيف غاندي على يد مجموعة نمور التاميل المذكورة... تلك المجموعة التي تعتبر قوة انفصالية ومتمردة، ولكنها امتلكت قوات بحرية وجوية، ورغم أن الغرب يصنفها منظمة إرهابية، إلّا أن رئيس الوزراء السريلانكي كان قد صرح في العام الماضي: أن الحركة لا تزال تنشط سياسياً وتجمع قواها في لندن مثلاً!
إن عدم تبني أي طرف للهجمات، يهدف عملياً لخدمة فكرة كيل الاتهامات بالشكل الذي يخدم جميع التوترات في المنطقة: الصدوع القائمة على الدِّين، والصدوع القائمة على العرق. ليبقي القائمون على المجزرة احتمالات الاستخدام قائمة في كل الاتجاهات. ويبدو أن سريلانكا تَفِي بالغرض في سياق تصعيد التوتر في آسيا، وتحديداً مع أهمية استقرارها لكل من الصين والهند على حد سواء.
أما الفاعل فرغم عدم وضوحه، إلّا أنه واضح عين الشمس، فقوى الإرهاب والإجرام الدولية، التي ترتبط عضوياً بالمتطرفين من أصحاب مشروع الفوضى الدولية في المنظومة الغربية. اختاروا منطقة رخوة جديدة في آسيا لتسقط عليها (قنبلة المجزرة) مرسلة رسائل الفوضى السياسية الدولية، ليس لسريلانكا فقط، بل لمحيطها الأقرب، ولعموم منطقة حوض الباسيفيك، حيث الطرق التجارية البحرية الهامة للقارة الآسيوية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
910