هل تستطيع واشنطن إسقاط حق العودة؟

هل تستطيع واشنطن إسقاط حق العودة؟

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية: أن الولايات المتحدة قررت ايقاف أي تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، معللةً الأمر بأن الوكالة «معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه»، ويأتي هذا القرار بعد إعلان واشنطن العام الماضي خفض تمويلها للوكالة بأكثر من النصف.a


تزامن هذا الإعلان مع حديث أمريكي عن عدد الفلسطينيين المعترف بهم كلاجئين، إذ شككت نيكي هايلي سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة، في إحصاء الأمم المتحدة لعدد اللاجئين الفلسطينيين قائلةً: «سنكون أحد المانحين إذا قامت (أونروا) بإصلاح ما تفعله..إذا غيرت بشكل فعلي عدد اللاجئين إلى عدد دقيق سنعيد النظر في شراكتنا لهم».
الأمر الذي اعتبره البعض محاولة أمريكية لتصفية حق العودة، عطفاً على الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، في إطار «صفقة القرن» التي يجري الحديث عنها. فهل تستطيع أمريكا اليوم فعلاً رعاية تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين يجري فيها إسقاط حق العودة والقدس؟
لا بد هنا من إعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي، وعدم الانسياق مع المبالغات الإعلامية، فأمريكا اليوم ليست كأمريكا قبل، إذ يمكن التأكيد على مسائل عدة:
أولاً: هنالك أزمة اقتصادية تعصف بالمركز الرأسمالي منذ عام 2008 باعتراف مؤسساته وخبرائه، وسياسة الانسحاب وتخفيض التمويل الأمريكي من عدة نقاط حول العالم، ليس إلّا انعكاساً لهذه الأزمة، وهنا قد يكون الحديث عن مخطط سياسي أمريكي لإعطاء الأمر أكبر من حجمه.
ثانياً: إن انخفاض مستوى هيمنة الولايات المتحدة حول العالم وداخل المؤسسات الدولية، وازدياد عزلتها وتعمق خلافاتها مع باقي دول العالم، وظهور قوى صاعدة تعمل على الحلول العادلة والسلمية للأزمات الدولية، يجعل من واشنطن أضعف من أن تكون قادرة على إسقاط حقوق وقرارات معترف بها دولياً مثل: حق العودة.
ثالثاً: إن الشعب الفلسطيني الصامد منذ سبعين عاماً والمتمسك بحقوقه من بينها حق العودة، والمتشبث في ساحات المقاومة والمبدع لأشكال جديدة من النضال، هو صاحب الكلمة الأعلى في هذا الشأن.
رغم الضعف والانقسام والتخبط على صعيد القوى والقيادات الفلسطينية، ورغم مستوى الضغط والحصار العالي على الشعب الفلسطيني، إلّا أن واشنطن التي لم تستطع في فترة صعودها أن تنال من الخطوط الحمراء الفلسطينية، لن تستطع اليوم في ظل تراجعها وفي ظل الظرف الدولي الجديد أن تفعل ذلك.