انتخابات ألمانيا: هل تبقى ميركل في منصبها؟
تحتاج المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، للفوز في الانتخابات البرلمانية العامة، من أجل الإبقاء على سياساتها الداخلية والخارجية، فيما لو قررت أن تترشح لمنصب المستشارة الاتحادية للمرة الرابعة. ورغم كثرة التنبؤات بسهولة نجاحها، ثمة شك يسود الصحافة الألمانية في أن ولايتها الجديدة ستكون الأكثر صعوبة.
تعتزم ميركل أن تترأس حكومة البلاد حتى عام 2021 إذا فاز تحالفها المكون من حزب الاتحاد الوطني والاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU / CSU) في انتخابات أيلول، وقد أعلنت عن ذلك رسمياً في مقابلة مع (ARD).
وقالت المستشارة الاتحادية - قبل مغادرتها إلى العطلة الصيفية التي ستجري الانتخابات بعدها: «لقد قدمت ترشيحي وسأستمر بالعمل لمدة أربع سنوات، ولدي نية قوية للقيام بالضبط بما وعدت الناس به».
برلين منافسٌ لواشنطن
مع بدء التغيرات في القارة الأوروبية، تراجعت شعبية ميركل بدرجات واضحة، لكنها عادت الآن إلى ما كانت عليه قبل الأزمة. وقد ذكرت ميركل مؤخراً مراراً وتكراراً أنها تريد «تصحيح» أخطائها، وأن أحداً لن يفعل ذلك أفضل منها. فضلاً عن حقيقة أن تجربة ميركل السياسية ستسمح للبلاد بالتغلب على التحديات الصعبة التي يمكن أن تواجهها، خاصة بعد أن ترأس دونالد ترامب الولايات المتحدة، التي كانت الحليف الرئيس وراعية ألمانيا.
الآن، ترى واشنطن أن ألمانيا واحدة من المنافسين الاقتصاديين والتجاريين الرئيسين الذين يفسدون السلطة الأمنية الأمريكية، ويتعاملون مع اليورو ويحاولون إخضاع الاتحاد الأوروبي، وفي هذه الحالة، قد تواجه الولايات المتحدة منافساً جيوسياسياً متساوياً في السلطة – ألمانيا العظمى- في المستقبل.
وعود الائتلاف الحاكم
وعد الحزب الديمقراطي المسيحي بخفض معدل البطالة إلى أقل من 3٪ في السنوات القادمة مقارنة مع 5.5٪ الحالية، مما سيساعد على خفض النفقات في الميزانية، من خلال دفع إعانات البطالة، وزيادة إيرادات الخزينة القادمة من ضرائب الدخل، وتحقيق الاستقرار في النظام حتى عام 2030. وزيادة الإنفاق على العلوم من 3 إلى 3.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة بدل الطفل بمقدار 300 يورو في السنة، وإدخال مدفوعات خاصة للأسر التي لديها أطفال لشراء المساكن.
وتخطط ألمانيا لبناء 1.5 مليون من الشقق والمنازل الجديدة حتى عام 2021. وهذا من شأنه – فيما لو صدقت الوعود- أن يساعد على تحقيق حلم الأسر في الحصول على منزل، في الوقت الذي ترفض فيه البنوك إعطاءهم الرهن العقاري، أو تطلب فائدة عالية جداً على القروض. وسيؤدي بناء منازل جديدة إلى استقرار أسعار العقارات، التي تتزايد بسرعة كبيرة. كما أن الحزب يعد بخفض الضرائب التي تنفق على اقتناء العقارات، من أجل تحفيز الألمان على شراء المنازل.
ونظراً لبرنامجه المعروف، يطرح الحزب تخفيض ضريبة الدخل للجميع، بمن فيهم الأغنياء، الذين يتعين عليهم دفع 42٪. ووفقاً للإحصاءات، فإن 15٪ من أغنى المواطنين في ألمانيا يدفعون 80٪ من مجمل الإيرادات المالية بعد فرض ضريبة الدخل.
أدوات أمريكية قابلة للاستغلال
ومع ذلك، ليس كل شيء في «المملكة الألمانية» رائعاً كما قد يبدو. فقبل ثلاث سنوات من سقوطه، اعترف الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث في أيلول/ 1867: «خلال السنوات ال 14 الماضية، العديد من آمالي قد تحققت، ولكن هنالك نقاط داكنة في أفقنا».
ولدى أنجيلا ميركل أيضاً «نقاط داكنة» في الأفق، وتستند تصنيفاتها وسمعتها إلى حقيقة أن الألمان يعتقدون بأنهم سيعيشون بحالة اقتصادية أفضل من غيرهم . ومع ذلك، فإن آفاق مزيد من الرخاء الألماني تبدو مشكوكاً فيها جداً بسبب إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة، والتي تهدد ألمانيا بحرب تجارية (لأنها لا تستطيع المنافسة بشكل عادل مع الصناعة الألمانية)، إضافة إلى تفكك الاتحاد الأوروبي والحاجة إلى زيادة الدعم المالي لأعضاء المجتمع.
هنا، يجب أن نفهم أن الأميركيين لا يلعبون وفق القواعد، وأنهم يستخدمون كل شيء، بما في ذلك الطرق المحظورة. فقد كانوا يتجسسون ويسيطرون على السياسيين الألمان، على مدى عقود، وهم يعرفون كل أسرارهم، ولن يفشلوا في استخدام هذه المعرفة لتشويه سمعتهم، مشيرين إلى أن هذا هو عمل «قراصنة الحكومة الروسية»، من أجل تخريب العلاقات بين ألمانيا وروسيا في الوقت ذاته. وفي الحالات كلها، فإن ورقة الخلاص بالنسبة لألمانيا، أياً كان المرشح الذي سيصل إلى منصب المستشار، تتمثل في انزياح السياسات في اتجاه تمتين العلاقات مع القطب الصاعد، بعيداً عن الالتحاق الذيلي بواشنطن المأزومة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 820