عادل الملا عادل الملا

الشعب الفلسطيني يواصل نضاله لتحرير الأرض وإقامة الدولة الوطنية المستقلة

المقاومة هي الخيار الوحيد
أسفرت العملية الاستشهادية التي نفذها أحد المقاومين الأبطال، بواسطة سيارة مفخخة استهدفت حافلة تقل عدداً كبيراً من جنود الاحتلال عند تقاطع طرق «مجدو» قرب حيفا شمال إسرائيل  عن سقوط 17 جندياً إسرائيلياً وجرح اكثر من 40 آخرين، ووجهت ضربة قوية لقدرة الردع الإسرائيلية وأدت إلى انهيار «السور الواقي» الإسرائيلي، وأن جميع العمليات العسكرية الإسرائيلية التي نفذت منذ 29 آذار الماضي وحتى اليوم، أكدت فشل جميع المحاولات لكسر إرادة الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل الاستقلال  والسيادة، وبذلك يكون الشعب الفلسطيني قد اقترب مرة أخرى من تحقيق ما يمكن أن يوصف بالفعل بأنه «توازن الرعب» الأول من نوعه في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

تغير في الأسلوب والهدف ثابت
إن هذه العلمية تشير إلى أن الفلسطينيين نجحوا لأول مرة في استخدام أسلوب السيارة المفخخة التي يقودها استشهادي ضد حافلات إسرائيلية، وقد وضع هذا الشكل من العمليات إشارة استفهام كبرى على قواعد حماية المواصلات العامة في إسرائيل.
كما أن استخدام هذا القدر الكبير من المتفجرات والذي بلغ نحو 100 كغ دلل على توفر القدرات الفنية لدى الفلسطينيين لإنتاج كميات كبيرة كهذه، غير أن ما أذهل  الإسرائيليين على وجه الخصوص هو السرعة التي تمكن بها الفلسطينيون من استرداد قدرتهم التنفيذية.
وقد لاحظ أكثر من معلق عسكري إسرائيلي أن اختيار الهدف والقدرة على الاختراق وتحديد المكان والتحهيزات المستخدمة تؤكد بأن حركة الجهاد الإسلامي، منفذة العملية وكذلك المنظمات الفلسطينية الأخرى أفلحت في الحفاظ على قدراتها من جهة، وتمكنت من تطوير هذه القدرات أيضاً.

من الهزيمة.. الى المواجهة
وقد تزامن تنفيذ العملية مع الذكرى الـ 35 لحرب حزيران 1967 التي انتهت باحتلال إسرائيل لكامل الأراضي الفلسطينية.
ومن جهة أخرى، اهتز التحرك الأمريكي لعقد مؤتمر دولي للسلام على وقع هذه العلمية الاستشهادية.

التهديدات الأمريكية
وكالعادة، بعد كل عملية استشهادية ترفع واشنطن عقيرتها بالويل والثبور وعظائم الأمور وتدين العملية وتصفها بأنها «هجوم إرهابي وحشي» داعية السلطة الفلسطينية إلى «اتخاذ إجراءات ملموسة لوضع حد لهذه العمليات»، ووجه الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض إنذاراَ إلى عرفات، مشيراً إلى أنه ليس بالشخص الذي «لا يمكن تعويضه»، وبحسب مسؤول فلسطيني فإن مدير المخابرات الأمريكية جورج تينيت كان قد حذر عرفات أثناء اللقاء به من أنه «يتوجب عليه مواجهة الانتقام الإسرائيلي بمفرده في حال مواصلة العمليات»!! لكن العمليات تواصلت وسوف تتواصل رغم كل ذلك.

الحج إلى واشنطن!!
منذ الغزو الإسرائيلي لأراضي السلطة الفلسطينية في 29 آذار المنصرم والقادة العرب يحجون إلى واشنطن بدءاً من الأمير عبد الله السعودي والملك المغربي محمد السادس وانتهاء بالملك الأردني عبد الله الثاني، وكان آخرهم الرئيس المصري والسمسار الأمريكي حسني مبارك الذي صرح أنه ذاهب إلى واشنطن «للضغط على واشنطن» وكان الأحرى به أن يقول «التوسل» لدى الرئيس بوش لحفظ ماء الوجه، ولكن هذه الزيارات لم تسفر عن شيء ولم تقدم المنطقة خطوة نحو السلام الحقيقي الذي لابد أن ينتهي إلى  الانسحاب  الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية  انسحاباً كاملاً وتأسيس الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وكل ما قدمته واشنطن حتى الآن إعلانها بضرورة قيام دولة فلسطينية غير واضحة الحدود والمعالم، والدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام تستثنى منه سورية ولبنان!!
وقبل أن يصل الرئيس المصري إلى هناك صرح ناطق باسم البيت الأبيض بأن الرئيس بوش «سيكتفي بالإصغاء» إلى قادة المنطقة الذين سيستقبلهم في الأيام المقبلة، معلناً أنه من المبكر توقع خطة أمريكية محددة لاستئناف مفاوضات السلام دون التطرق إلى ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها من جديد ودمرتها، حسب قرارات مجلس الأمن القديمة والجديدة، وقال مسؤول أمريكي بارز أن بوش «لن يوافق على اقتراح مبارك بإعلان قيام دولة فلسطينية مستقلة قبل التفاوض حول حدودها».

المقاومة هي الخيار الوحيد
إن الوضع الرسمي العربي المتردي والموقف الأمريكي المعادي للقضايا العربية قد وضع الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام والقبول بالشروط الإسرائيلية الأمريكية التي لن توصله إلى حقوقه المشروعة، وإما المقاومة ومتابعة النضال. والعملية الاستشهادية الأخيرة تؤكد بأن الشعب الفلسطيني قد اختار طريق المقاومة  التي لا سبيل غيرها.
وقد أكد الأرشمندريت عطا الله حنا الناطق باسم الكنيسة الأرثوذكسية في القدس بأنه لم يبق أمام الشعب الفلسطيني أي خيار آخر سوى خيار المقاومة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني وأضاف: إن خيار المقاومة هو الكفيل بتحرير الأرض من المحتل الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وقال: إن العدوان الإسرائيلي على المدن والقرى الفلسطينية ترك بنية تحتية فلسطينية مهدمة ومدمرة إضافة على الحصار المفروض عليها، وأن ما يفعله الجيش الإسرائيلي في هذه المدن والقرى لا سابقة له.
لقد اتخذ الشعب الفلسطيني قراره الحاسم وهو أن العمليات الاستشهادية ستستمر، فالمقاومة ستبقى وهي القمة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
177