وسيم الدهان وسيم الدهان

انقلاب هندوراس.. مؤشر يأس أمريكي أمام «البديل البوليفاري»

بعيداً عن الآلية التي تم بها، وعن طريقة تنفيذه، وعن الحجج التي سيقت لتبريره، وبعيداً حتى عن الحق الرئاسي لـ«مانويل زيلايا» الذي توالت تنديدات الدول بالإطاحة به في انقلاب عسكري مباغت، يمكن القول إن ما جرى في هندوراس يأتي ليشير بطريقة أو بأخرى إلى سأم الإدارة الأمريكية من فشلها في إشعال الجزء اللاتيني من القارة الأمريكية، وأنها بصدد شن محاولة جديدة لتفجيره.

فمنذ شهور مضت والمحاولات الأمريكية مستمرة لإضرام الخصومات بين دول «البديل البوليفاري» المعادية للإمبريالية والرأسمالية بكل أشكالها، فتارةً تستغل ذريعة منظمة «فارك» الكولومبية لتأليب بعض تلك الدول على بعضها الآخر، وتارةً تماحك أبناء أمريكا الوسطى واللاتينية مباشرةً بلقاء انقلابيين في العاصمة الفنزويلية كراكاس أو بشكل غير مباشر حين يجول أسطولها الرابع قرب الشواطئ اللاتينية.
لقد أطيح بزيلايا إثر انقلاب عسكري قال قادته إنهم انقلبوا على نية رئيس هندوراس تعديل القانون الذي يحدد فترات بقائه في السلطة بالفترة الواحدة. ورغم إدانة الولايات المتحدة لهذا الانقلاب- شأنها في ذلك شأن منظمة الدول الأمريكية- ورغم قولها إنها لن تعترف بأية حكومة باستثناء حكومة الرئيس المخلوع، إلا أن ضلوعها يتكشف- بالحد الأدنى- حين تنفي إمكانية بدئهاً بأي حظر تجاري على هندوراس، علماً بأنه لو فرضت الولايات المتحدة حظراً من هذا النوع على الانقلابيين لمثل هذا العقوبة الأشد بحقهم، لأن هندوراس توجه نحو 70% من صادراتها إلى الولايات المتحدة وتستورد أكثر من نصف احتياجاتها من السلع المستوردة من هناك.
وبعيداً عن انتماء الرئيس المخلوع زيلايا إلى قوى اليسار اللاتيني الصاعدة (بعدما كان محسوباً على اليمين الليبرالي)، وعن اقتراحه إغلاق القاعدة العسكرية الأمريكية قرب تيغوسيغالبا (عاصمة هندوراس) والتي يتواجد فيها 600 عنصر من أفراد القوات المسلحة الأمريكية، يمكن القول إن المستهدف ثانياً بعد وحدة الصف اللاتيني، هو الثورة البوليفارية في فنزويلا التي هدد رئيسها هوغو شافيز بالتدخل عسكرياً في حال قيام القوات الهندوراسية بتحرك ضد سفارته أو سفيره هناك.
أما الرئيس الإكوادوري رفائيل كوريا فقال بدوره أن حكومة بلاده لن تشارك في عمل عسكري ضد هندوراس  إلا إذا كان هناك ما يهدد الدبلوماسيين الإكوادوريين أو دبلوماسيي حلفاء الإكوادور.
وفي مواقف الدول قال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إنه «يشعر بقلق عميق إزاء أحدث التطورات في هندوراس ويدين اعتقال الرئيس الدستوري للبلاد». بينما ندد الاتحاد الأوروبي بالانقلاب في حين «عبر» الرئيس الأميركي باراك أوباما «عن قلقه» من تطورات الأوضاع في هندوراس ودعا إلى عودة الدستور. ومن ناحيته وصف الرئيس المخلوع الانقلابيين بأنهم عصابة مارقة. وقال زيلايا إن الجنود «خطفوه» وبالكاد أعطوه فرصة لتغيير ملابس نومه، ورحل بعد ذلك في طائرة عسكرية إلى كوستاريكا.
وكانت وسائل الإعلام تطرقت إلى أن زيلايا (65 عاماً) الذي تولى منصبه عام 2006 وتنتهي ولايته التي تستمر لأربع سنوات في أوائل 2010، قد أثار غضب الجيش والقضاء والكونغرس عندما سعى لإجراء استفتاء يسمح بإعادة انتخابه لولاية ثانية. ولكن زيلايا بانضمام بلاده إلى منظمة «البديل البوليفاري» التي تضم دول أميركا اللاتينية وتحكمها أنظمة يسارية، خسر دعم الطبقة البورجوازية وأثار قلق الولايات المتحدة خصوصاً بعد زيارته لكوبا في 2007، وهي أول زيارة لرئيس هندوراسي إلى هافانا منذ نصف قرن..
ومن ناحية ثانية أعلن رئيس هندوراس المؤقت روبرتو ميتشيليتي حالة الطوارئ لمدة 48 ساعة بعد ساعات من الانقلاب، وأدان ميتشيليتي الرفض الدولي لتسميته رئيساً، وقال إن وصوله للرئاسة لم يأت عبر انقلاب عسكري «ولكن من خلال عملية قانونية تماماً كما هو مبين في قوانيننا» محذراً الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز بأن بلاده على استعداد لخوض حرب إذا حصل تدخل في شؤونها الداخلية، كما أكد أن لديه معلومات بأن عدة كتائب عسكرية تقف على مشارف هندوراس استعداداً لدخولها.
ومع تطور الوضع وإعلان تشافيز تأهب قوات بلاده على الحدود مع هندوراس، ما كان من الولايات المتحدة إلا أن أرسلت تحذيراّ مستتراً لشافيز وحلفائه، إذ قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية إنه ينبغي عدم التدخل بما يجري في هندوراس من أية دولة في الأميركيتين، وذلك طبعاً رغم تأكيد الإدارة الأميركية أن زيلايا هو الرئيس الدستوري للبلاد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
411