مهدي خليل / بيروت مهدي خليل / بيروت

الملف اللبناني.. العدوان والموقف الداخلي

يستمر العدوان الإسرائيلي على لبنان محدثاً المزيد من الدمار والقتل الذي يطال الأبرياء والآمنين وخصوصاً الأطفال. يستمر ذلك وسط صمت عربي مريب، ووسط موقف مرتبك من السلطة اللبنانية مما يضعف الموقف اللبناني الداعم للعمل المقاوم الهادف للحفاظ على السيادة الوطنية واستكمال تحرير الأرض وإطلاق الأسرى وفي مقدمهم عميد الأسرى سمير القنطار. وكذلك يضعف الوحدة الوطنية والتضامن الوطني المطلوبين في هذه اللحظات الحاسمة. ويظهر هذا الإرباك في مواقف القوى السياسية حول القضايا التالية:

1ـ مسألة الحرب والسلم.

إن لبنان هو في حالة حرب مع إسرائيل مستمرة منذ أواسط القرن الماضي بحكم المطامع الإسرائيلية في أرضنا ومياهنا. وبحكم استمرارها في احتلال أجزاء من أرضنا وتعتقل مجموعة من أسرانا، وبحكم استمرارها ككيان غاصب لأراضي عربية في فلسطين وغيرها.

إذاً الحديث عن حق من يقرر "الحرب والسلم" حديث لا معنى له. فالحكومة في بيانها الوزاري والبيانات السابقة أكدت أننا في حالة حرب وأيدت استخدام كل الوسائل لتحرير الأرض والأسرى بما فيها المقاومة المسلحة، كذلك مؤتمر الحوار الوطني حيث كانت السياسة الدفاعية في مواجهة أطماع إسرائيل واعتداءاتها ضد لبنان هي النقطة الأخيرة على جدول أعماله...

إذاً أين السلم...؟

لا ننكر حق البعض في إبداء ملاحظات على أداء حزب الله حول عمله المقاوم ونحن قد يكون لنا ملاحظاتنا، لكن يجب أن لا نغفل أن ما قام به حزب الله هو في السياق الطبيعي لمواجهة العدوان...

لذلك كان المفترض من الحكومة والقوى السياسية كافة أن تتعاطى مع الحدث من خلال:

- وحدة الموقف اللبناني الداعي إلى صيانة السيادة والاستقلال واستكمال التحرير وإطلاق الأسرى، والعمل مع القوى الدولية المختلفة للجم العدوان وفرض منطق التبادل وليس إحداث ثغرات ومواقف قد يستفيد منها العدو لاستمرار عدوانه مشجعاً بمواقف بعض القوى، وللأسف بعضها رسمي. وكأن المسألة قد أثارت خلافات داخلية توظف في هذا الاتجاه أو ذاك، أو لتحسين مواقع هذا الطرف أو ذاك في إطار الصراع الداخلي... وهذه سياسة دفع لبنان ثمنها سابقاً في أكثر من مرحلة... لذلك نحذر من العودة إلى مثل هذه السياسات...

2ـ الموضوع الاقتصادي والموسم السياحي.

لا ننكر أن خسائر كبرى ستصيب لبنان وخصوصا ً مع بدء فصل الصيف. بمعزل عن أن وجود إسرائيل بحد ذاته هو أكبر خطر على دور لبنان الاقتصادي في المنطقة، وخصوصا ً إذا ما ترافق ذلك مع المشروع الشرق الأوسطي الذي تعده الولايات المتحدة وإسرائيل... فإن المسألة هي كيف يمكن أن نخفف الخسائر؟

ذلك بوقف العدوان الذي لا يتم إلا بإظهار إرادة وطنية جامعة متصدية له، وتفشل استهدافاته الداخلية...

3ـ الموقف من الدولة.

من المفترض أن تشكل الدولة المرجعية الصالحة لإدارة جميع اللبنانيين، والسهر على قضاياهم والمحددة لموقفهم من القضايا في الداخل والخارج.

ولكن عن أي دولة نتحدث؟

الدولة المطلوبة هي الدولة التي تشكل مرجعية وطنية ديمقراطية وممثلة لكل اللبنانيين، وهذا يفترض أن نوقف "مراهناتنا" وارتباطاتنا بالخارج، أي خارج. فالحديث عن نقل لبنان "من موقع إلى موقع" لا معنى له ولا مبرر، بل هو يؤكد على مراهنات البعض على تطورات خارجية يستفيد منها داخليا ً كما حدث عام 1982. فموقع لبنان يجب أن يكون محددا ً وواضحاً، وهو كبلد عربي، معني بالصراع العربي الإسرائيلي بحكم عروبته وبحكم الضرر اللاحق به جراء وجود الكيان الصهيوني والمشروع الأميركي.

4ـ هل يبقى لبنان ساحة مواجهة وحيدة عن العرب، وكذلك فلسطين؟ هذا التساؤل مشروع؛ خاصة في ظل الموقف العربي الرسمي المشين والمتخاذل... نعم، المطلوب أن نفتح كل الساحات العربية وهو الخيار الصحيح في مواجهة إسرائيل والغزو الأمريكي. وإذا كانت الجبهات الأخرى لم تفتح فهل هذا يعني أنه يجب أن نوقف جبهتنا وجبهة فلسطين حتى يتم ذلك؟ إن الإجابة على هذا التساؤل هي "لا"؛ فتحرير أرضنا واجب علينا؛ وكذلك مواجهة أطماع إسرائيل في بلدنا مهمة أمام شعبنا. وبهذا المعنى إن مواجهة العدوان هو مهمة لبنانية وطنية بامتياز قبل أن تكون مهمة قومية... والمطلوب من شعوبنا العربية أن تحذو حذو الشعب اللبناني في هذا الاتجاه... أي تعميم المواجهة لا التخاذل.

5ـ الاحتمالات

لا نتوقع اجتياحاً إسرائيلياً شاملاً في المرحلة الراهنة، بل نتوقع أحد الاحتمالين أو حتى الاثنين معاً:

الأول: ضربة عسكرية موجعة للبنان تطال بناه التحتية في أكثر من منطقة (تسعيراً للخلافات الداخلية). وتطال أيضا ً مواقع لحزب الله عسكرية ومدنية.

الثاني: ضربة عسكرية لسورية... بهدف تحقيق انتصار معنوي تحتاج إليه إسرائيل عبر (محاولة) إذلال سورية وتبيان عجزها عن الرد.

وبعد ذلك: التفاوض...

13/07/2006

موقع الحزب الشيوعي اللبناني

آخر تعديل على الجمعة, 18 تشرين2/نوفمبر 2016 20:53