أمريكا تقرع طبول الحرب.. والعالم يرفض العدوان على العراق

لاتزال الولايات المتحدة تبذل جهوداً محمومة لإرغام العالم على تأييد عدوانها على الشعب العراقي الشقيق، كما جرى قبلاً في حرب الخليج الثانية حيث كانت الحرب أمريكية والغطاء كان دولياً.

واشنطن .. والمعارضة العالمية

أما في هذه المرة فإن واشنطن تجد نفسها وحدها دون أي دعم أو سند إلا من تابعها التقليدي، الحكومة البريطانية وإسرائيل بينما تلقى معارضة شديدة جداً، سواء في أعلى هيئة دولية ـ مجلس الأمن ـ أو  بين شعوب العالم أجمع التي تتظاهر وتحتج على أي عدوان على العراق، ويشارك في هذه المعارضة قواها السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها.

الرفض الفرنكو ـ روسي

ففي ردهات الأمم المتحدة تصطدم واشنطن يوماً بعد يوم بالرفض الفرنكو ـ روسي لصوغ أي قرار يتضمن بين فقراته تورية يمكن أن تفسر مستقبلاً بأنها تفويض منه لاستخدام القوة تلقائياً ضد العراق،وهي من أجل ذلك تضغط بشدة على أعضاء المجلس وتهدد بأنها، إذا لم يوافقوا فستشن الحرب وحدها، وهي تقدم كل يوم صيغة جديدة لعلها تخدع الآخرين للموافقة على خططها العدوانية.

العالم ضد العدوان

أما في العالم فإن المظاهرات الضخمة تجتاح عواصم مختلف البلدان معلنة رفضها الشديد لأي عدوان محتمل على العراق الشقيق.

ومما يلفت النظر ويثير الاستهجان والاستغراب هو أن يهب العالم كله للدفاع عن العراق بينما يخيم الصمت المطبق على العواصم العربية حيث يربض الحكام على صدور شعوبهم ويمنعونهم من التعبير والاحتجاج على أي عدوان أمريكي محتمل على الشعب العراقي وفي  السر يقولون لحكام واشنطن غير ما يعلنونه. وقد اعترف بذلك وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد الذي صرح بأن  الولايات المتحدة تقف على أرض صلبة لأن كثيراً من الحكام العرب يؤيدونها، وينسى هؤلاء الحكام أن الحبل على الجرار، وأن دورهم آت لا محالة.

هل العراق بمنجاة من العدوان؟

على الرغم من أن العراق قد قطع الطريق على أية حجة تبرر العدوان عليه وذلك بموافقته على قبول المفتشين الدوليين والاتفاق معهم بشكل كامل، وعلى الرغم من أن الضغوطات الأمريكية لم تثمر حتى الآن في مجلس الأمن فإن العراق ليس بمنجاة من هذه الحرب، لأن القوى العدوانية في الإدارة الأمريكية، والطامعة بثروات المنطقة لا يمكن أن يوقفها عند حدها إلا عزم الشعوب العربية وقواها الوطنية والتقدمية على مقاومة أي عدوان محتمل على الشعب العراقي الشقيق. وكذلك نشاط القوى الخيرة في العالم، والعمل المشترك ضد بربرية الاحتكارات النفطية والحربية الأمريكية التي تعمل على تحقيق مطامعها المجرمة من خلال إذلال الشعوب ونهب ثرواتها والتحكم بمصير العالم أجمع.

لقد جربت النازية السيطرة على العالم بالحرب والعدوان وفشلت، والآن فإن الإمبريالية الأمريكية لن تكون أوفر حظاً من النازية، فستخفق أيضاً فالشعوب ستجد كل الوسائل لدحر العدوان وصون حريتها واستقلالها وثرواتها.

أضخم مظاهرة في واشنطن

وكانت أضخم المظاهرات هي التي جرت في واشنطن يوم 28/10/2002 ضد الحرب التي يهدد الرئيس بوش بشنها على العراق، والاحتجاج على إنفاق المليارات عليها دون جدوى، وذكرت الأنباء أن المتظاهرين تدفقوا من عدة مدن أمريكية إلى واشنطن وتجمعوا بجوار النصب التذكاري لحرب فيتنام، وقد رفع المتظاهرون لافتات كتبت  عليها شعارات تندد بالحرب وتدعو إلى توفير تكاليفها الباهظة على التعليم والصحة وتحسين ظروف الحياة للأمريكيين وخصوصاً الفقراء.

كما شهدت مدينة سان فرانسيسكو تظاهرة مماثلة رفع فيها المتظاهرون شعارات قوية مثل: «بوش إرهابي»، «قاوموا دوبيا» وهو اسم شهرة الرئيس بوش، و «لا للحرب على العراق»، كما رفع المتظاهرون شعارات مؤيدة للشعب الفلسطيني.

وقد حض جيسي جاكسون، المرشح الرئاسي السابق والزعيم الزنجي المعروف على ضرورة عدم تحويل الأنظار عن القضايا الحقيقية التي يواجهها المواطن الأمريكي، كفقدان الوظائف وازدياد معدلات البطالة وانخفاض قيمة أسواق المال، والتركيز على حرب غير ضرورية، وقال: لقد حان الوقت للتغيير ونحن بحاجة إلى تغيير للنظام في هذه البلاد.

وقدر منظمو المظاهرة عدد المشاركين فيها بنحو 150 ألف شخص كما وجه 13 ألف أستاذ جامعي أمريكي رسالة مفتوحة إلى الرئيس بوش يدعونه فيها إلى تجنب الحرب  على العراق وطالبوه بالتفكير ملياً بالمآسي التي ستترتب على هذه الحرب وأضرارها.

وفي إسبانيا

وفي إسبانيا تظاهر آلاف الإسبان الذين يمثلون أكثر من ستين منظمة سياسية واجتماعية ونقابية ضد العدوان العسكري الأمريكي المحتمل على العراق، وأوضحت المسؤولة عن التضامن الدولي في تكتل اليسار المتحد الذي يقوده الحزب الشيوعي الإسباني «إنجليس مايسترو» إنه من واجب المواطنين التعبير عن موقفهم إزاء حكومات مثل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية التي تنتهك القانون الدولي وقالت إن الهدف الصريح والواضح لهذا التدخل هو النفط، والسيطرة الكاملة على الشرق الأوسط، مبينة أن، ذلك لا علاقة له بخصوصيات النظام السياسي العراقي.

وعبرت عن اعتزازها بأن الشعب الإسباني فيه أكبر نسبة من معارضي العدوان على العراق، إذ بينت استطلاعات الرأي أن الأغلبية العظمى من الإسبان تقف ضد الحرب الأمريكية على العراق.

ألمانيا لن تشارك في الحرب

وفي برلين جرت تظاهرة ضخمة قدر عدد المشاركين فيها بثلاثين ألفاً، ومن جهة أخرى شدد المستشار الألماني شرويدر في بيانه الحكومي الأول موقف بلاده الرافض لمخططات التدخل العسكري الأمريكي في العراق وقال: إن ألمانيا لن تشارك في أية ضربة عسكرية للعراق.

 

■ عادل الملا