اللبرلة الاقتصادية-الاجتماعية تثير غضب الشوارع الفرنسية مجدداً

 تظاهر عشرات الآلاف من الموظفين والطلاب في فرنسا في إطار 150 مظاهرة نظمت في كل أرجاء البلاد احتجاجا على عقد عمل جديد مخصص للشباب أرادت حكومة دومينيك دوفيلبان اعتماده لمكافحة البطالة.

ودعت إلى التظاهر أحزاب اليسار وكل الاتحادات النقابية ومنظمات الطلاب، حيث تجمع آلاف الأشخاص عند انطلاق المظاهرة في العاصمة الفرنسية وراء لافتة كبيرة تطالب بسحب هذا النوع من العقود المعروف باسم "عقد التوظيف الأول". ويسمح هذا العقد خصوصا لصاحب العمل بتسريح الموظف خلال سنتين تعسفياً خلافا للقواعد العامة لقانون العمل في فرنسا.

وتزامن هذا التحرك الاحتجاجي مع بدء البرلمان بمناقشة هذا النوع من العقود المخصصة للأشخاص دون سن السادسة والعشرين، علماً بأن البطالة تطال قرابة 23% من الشباب دون سن الخامسة والعشرين في سوق العمل في فرنسا وتصل هذه النسبة إلى 50% في بعض المناطق الفقيرة مثل الضواحي التي شهدت «أعمال الشغب» في تشرين الثاني الماضي والتي كانت تعبيراً عن الاحتقان من انعدام الأمان والخوف من المستقبل بسبب سياسات الإقصاء والتهميش والتمييز التي تمارسها الليبرالية الفرنسية الجديدة حتى بحق مواطنيها.

دعوة للإضراب

وفي رده على تصريحات دوفيلبان المتمسكة بعناد بموقفها الحكومي والبرلماني بذريعة أن خطته هذه ستشجع الشركات على توظيف الشبان، دعا رئيس الاتحاد الوطني لطلاب فرنسا برونو جوليار الطلاب للتصويت على الإضراب "في مجمل الجامعات منذ الثالث عشر من الشهر الجاري قائلاً: "أعتقد أنّ رئيس الوزراء لم يفهم شيئاً مما يجري". وحذّر جوليار من أن دوفيلبان يستطيع أن يقسم الشباب لأنّ الطلاب يمنعون اليوم شباب الضواحي من العثور على عمل. ولكنه قال إن رئيس الوزراء لن يجديه نفعاً اللعب على الانقسام بين الشباب".

وأكد رئيس أول نقابة طلابية فرنسية، أن رئيس الحكومة "يحاول إطفاء حريق غابة بكأس ماء". ووفقاً لبعض الأرقام فقد أحصى الاتحاد الوطني لطلاب فرنسا 45 جامعة مضربة من أصل 84، في حين قال وزير التعليم الوطني إنّ ثماني جامعاتٍ مغلقة بالكامل، بينما تضطرب الدراسة في 26 منها.

وكانت الشرطة الفرنسية أجلت بقوة الهراوات والغاز المسيل للدموع مئات الطلاب الفرنسيين من حرم جامعة السوربون بعد أن كانوا اقتحموها احتجاجا على القانون المذكور، وغير بعيد عن الجامعة أقامت جماعات أخرى حواجز مؤقتة في شارع سان ميشال، وهو نفس المكان الذي كان مسرحا لحوادث ضارية مماثلة اندلعت في أيار من عام 1968 احتجاجا على قانون العمل آنذاك.

احتجاجات عمالية على تحرير خدمات الموانئ الأوروبية

وفي السياق ذاته تصادم عمال الموانئ مع الشرطة الفرنسية وحطموا نوافذ مبنى البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ خلال احتجاجات على اقتراحات الاتحاد الأوروبي بتحرير خدمات قطاع الموانئ.

وأوضحت نقابات عمالية أن ما بين 7 آلاف و8 آلاف عامل من 15 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تجمعوا في ستراسبورغ الفرنسية للتعبير عن رفضهم للقوانين الأوروبية المقترحة والتي تسمح لأطقم السفن الداخلة للموانئ الأوروبية بتفريغ حمولتها بنفسها الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تسريح آلاف العمال الأوروبيين ويكون له تأثير على أمن الموانئ.

وقد أعدت المفوضية الأوروبية الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي قانونا في عام 2001 خاصا بخدمات الموانئ يهدف لزيادة القدرة التنافسية للموانئ الأوروبية  عبر زيادة دور القطاع الخاص.

ورفض البرلمان الأوروبي اقتراح المفوضية في تشرين الثاني عام 2003 حيث انتهت تظاهرة سابقة لعمال الموانئ بمواجهة عنيفة مع الشرطة الفرنسية.

وقدمت المفوضية مشروعا معدلا للقانون المثير للجدل في عام 2004 وبناء على قواعد الاتحاد الأوروبي فإن رفض البرلمان للاقتراح مرة ثانية يعني إسقاط الاقتراح تماما.

فقر الفرنسيين يعاود الصعود

وفي السياق العام قالت مصادر الجزيرة نت من باريس إن الفقر حصد المزيد من الفرنسيين بعد تراجع استمر سبعة أعوام حيث كشفت دراسة أجراها (المرصد الوطني للفقر) عن أن التراجع في أعداد الموظفين في القطاع الخاص على نحو لافت أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة.

وأظهرت الدراسة أن معدل الفقر ظل في تراجع ضئيل لكن بدون انقطاع منذ عام 1996 قبل أن يعاود الصعود بدءً من عام 2003.

وأفاد المرصد الذي درس مستويات الفقر في فرنسا عن ذلك العام أن 6.0% من العائلات الفرنسية تعيش تحت خط الفقر. واستند في هذا السياق إلى معيار الـ645 يورو كدخل شهري لمسكن يقطنه شخص واحد.

ومع تطبيق هذا المعيار تبين لواضعي الدراسة أنه ينطبق على 3.7 ملايين شخص، مقابل 3.43 ملايين شخص (5.9%) في عام 2002 أي بزيادة مقدارها 270 ألف شخص هبط دخلهم الشهري إلى ما دون عتبة الفقر خلال عام واحد فقط.

 

وكذلك زادت أعداد الباحثين عن عمل من الذين لا يتلقون إعانة بطالة إذ تقدمت نسبتهم من 36.5% نهاية عام 2002 إلى 42% من إجمالي الباحثين عن عمل في تشرين الأول الماضي.