كاتب خطابات بوش لا يعرف ماذا يكتب!

تبين أن خطة الرئيس جورج بوش لتقليص استيراد النفط من الشرق الأوسط ليست عملية أكثر من خطته التي أطلقها قبل عامين ثم ضاعت في غياهب النسيان لإرسال رجل إلى المريخ!

لكن ماذا كنتم تتوقعون؟ بعد خمس سنوات في السلطة، ما زالت إدارة بوش ربما أكثر من أي وقت مضى تدار من  أشخاص ميكافليين ممن لا يأخذون مهمة الحكم بشكل جدي، وإليكم قصة النفط.

ففي خطابه عن «حالة الاتحاد» قال بوش إن الوسائل المبتكرة لإنتاج الإيثانول والأنماط التكنولوجية الأخرى ستمكن الأمريكيين من تقليص استيرادهم للنفط من الشرق الأوسط بنسبة 75 بالمائة.

ولكن في اليوم التالي أوضح المسؤولون في إدارته انه لم يقصد ما قاله فعليا وان ذلك مجرد مثال، كما قال وزير الطاقة سامويل بودمان، ولكن الإدارة عاكفة حالياً على تقليص ذات الأبحاث التي أبرزها بوش في خطابه، فالمختبر القومي لأبحاث الطاقة المتجددة على وشك تقليص موظفيه بسبب تخفيض الموازنة حسب قول أحد الباحثين المخضرمين، وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن موظفي المختبر أبلغوا بأن التخفيضات سوف تتركز على الباحثين في مجال الرياح والمواد البيولوجية والتي تشمل أبحاث الايثانول.

فلماذا أعلن بوش هذه الأهداف الرنانة رغم عدم وجود خطة لتحقيقها؟ أفضل إجابة تخمينية يمكن أن تكون أن «خطة» الطاقة قد لفقت بسرعة لإعطاء بوش شيئاً ايجابياً ليقوله في خطابه عن حالة الاتحاد.

على مدى أسابيع ومصادر إدارة بوش تقول للمراسلين إن خطاب الرئيس عن حالة الاتحاد سوف يركز على الرعاية الصحية ولكن في الدقيقة الأخيرة ربما أدرك البيت الأبيض أن مقترحاته الخاصة بالرعاية الصحية استندت إلى الفكرة القائلة أن الأمريكيين لديهم فائض من الضمانات وأنها سوف تلقى المصير السياسي نفسه الذي لقيته محاولات البيت الأبيض لخصخصة التأمينات الاجتماعية، وقال بوش في خطابه إن الكونغرس لم يتجاوب مع مقترحاته لتوفير التأمينات الاجتماعية.

لذلك طلب ممن كتب خطاب بوش استبدال مقترحات الرعاية الصحية بكلمات رقيقة حول الاستقلالية في توفير الطاقة وهي كلمات ليست مدعومة بأية سياسة فعلية.

ماذا عن بقية الخطاب؟ خطاب حالة الاتحاد عادة ما يكون مناسبة للتفاخر بالإنجازات التي تحققها الإدارة، ولكن ماذا يفعل كاتب خطاب بوش عندما لا تكون لإدارته إنجازات يعتد يها؟ إحدى الإجابات هي بالتظاهر بأن الأمور السيئة لم تحدث أبداً.

واليوم فان علاوة الدواء الطبي تعتبر أكبر مبادرة محلية لبوش، وهي أيضا كارثة، فقد أدارت إدارة بوش حالة ملايين من كبار السن الأمريكيين بتكاليف باهظة لكي تصبح حالهم أكثر سوءاً، ولذلك لم يذكر شيئا عن هذه المبادرة في الخطاب عن حالة الاتحاد.

الإجابة الأخرى هي الاعتماد على اللغة المراوغة، ففيما يتعلق بالعراق قال بوش لقد غيرنا توجهنا نحو إعادة البناء، ولكن في الواقع فإن عملية إعادة البناء فشلت، وبعد حوالي ثلاثة أعوام من بداية الحرب، ما زال إنتاج النفط أقل من مستواه قبل الحرب وبغداد تحصل على الكهرباء بمعدل 3 ساعات في اليوم وأكثر من 60% المياه والمجاري الصحية.

لذلك بعد أن بددنا مليارات الدولارات من عائدات نفط العراق ودافع الضرائب الأمريكي قلنا للعراقيين من الآن فصاعدا عليكم أن تحلوا مشاكلكم بأنفسكم.

وفيما يتعلق بخطة مارشال الأمريكية الموعودة في العراق فان صحيفة لوس انجلوس تايمز تقول إنها وصلت إلى نهايتها هذا العام دون أن تحقق معظم وعودها ولا توجد خطط لتمديد تمويلها، واعتقد بأنه يمكننا أن نسمي هذا تغيراً في التوجه.

توجد رسالة مشتركة كامنة بين عملية إعادة البناء الفاشلة في العراق والفشل في مواجهة إعصار كاترينا الذي لم يأت بوش على ذكره أبداً، وبرنامج الدواء للمسنين الفاشل وعدم وجود خطة للطاقة.

أوضح جون دلوليو أحد كبار المسؤولين في البيت الأبيض سابقاً هذا الأمر قبل أكثر من ثلاث سنوات، فقد أبلغ المراسل رون سوسكند بالكيفية التي تعمل بها إدارة بوش، لا توجد أي سابقة في تاريخ البيت الأبيض للطريقة التي يعمل بها حالياً: افتقار كامل لوجود جهاز لرسم السياسات، وقد سمعت الكثير من المناقشات بين الموظفين، ولكنني لم اسمع حتى بضع مناقشات لسياسات ذات معنى، فليست هناك سياسة فعلية ولا أوراق معدة حول السياسات المحلية.

بكلام آخر فان إدارة بوش تعرف كيف تحتفظ بالسلطة ولكنها لا تملك أية فكرة حول كيفية الحكم، ولهذا السبب أُخذت هذه الإدارة على حين غرة وهي غائبة عن الوعي عندما وقع إعصار كاترينا‚ ولهذا السبب أيضا كانت غير مستعدة إطلاقا لمواجهة المشاكل المتوقعة، الناجمة عن برنامج الأدوية للمسنين، و للسبب لنفسه  أعلن بوش خطة للطاقة لا تقوم على أساس مادي وللسبب نفسه حالة الاتحاد كئيبة جداً.                          

■ بول كروغمان

 

موقع إيكاوس