40 عاماً على اغتيال المهدي بن بركة.. تواطؤ المستعمرين مع المستبدين لذبح حركات التحرر

شهد العام 1965، أي قبل نحو أربعين عاماً، اغتيال زعيم المعارضة المغربية، الشخصية الرمز في حركة مناهضة الاستعمار، المهدي بن بركة، في منفاه في قلب باريس.

عملية مشتركة نفذتها الأجهزة الأمنية التابعة للملك المغربي الحسن الثاني، بالتواطؤ مع رجال الشرطة وبعض المجرمين الفرنسيين. وحتى هذا التاريخ، لم تتضح ملابسات هذه القضية المثيرة على الرغم من إجراء تحقيقين، كما لم يتم العثور على جثة بن بركة، الذي أسس الاتحاد الوطني للقوى الشعبية في العام 1959 قبل أن يتحول في العام 1975 إلى الاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية، كما لم تتضح ظروف مقتله.

في يوم الجريمة النكراء، حضر بن بركة، الذي كان حينها رئيس منظمة القارات الثلاث التي تجمع دولاً حديثة الاستقلال وحركات تحرير، إلى حانة <<ليب>> الشهيرة في شارع سان جرمان في قلب باريس، حيث كان على موعد مع عدد من الأشخاص، ففوجئ باثنين من رجال الشرطة الفرنسية، لوي سوشون وروجيه فواتو، يدعوانه إلى مرافقتهما في سيارة كان يقودها مخبر لجهاز الاستخبارات الفرنسي، هو أنطوان لوبيز. واقتيد بن بركة إلى فونتني لو فيكونت في ضواحي باريس، في فيلا أحد أكبر المجرمين جورج بوشيساش، ومن حينها لم يره أحد على قيد الحياة. وبعد أسابيع من عملية الخطف، أعلن أحد شهود العملية انه رأى وزير الداخلية المغربي حينها اللواء محمد اوفقير يقتل بن بركة في الفيلا المذكورة. وأشار التحقيق القضائي سريعاً بأصابع الاتهام إلى عدد من رجال السياسة الفرنسيين ورجال الشرطة ومجرمين معروفين، وتبين أن أوفقير ومدير الأمن الوطني المغربي أحمد الدليمي وزعيم وحدات مغربية خاصة يدعى شوكي، كانوا جميعاً موجودين في باريس في ذلك الحين. وأسفر التحقيق الأولي عن توجيه التهم إلى ثلاثة عشر شخصاً من بينهم اوفقير وأحد مسؤولي جهاز الاستخبارات مرسال لوروا فينفيل، ولوبيز وأحد المجرمين ويدعى فيغون، والذي عثر عليه ميتاً في السابع عشر من كانون الثاني من العام 1966، حيث أفاد التحقيق انه انتحر. وفي الخامس من تشرين الأول الحالي، عين وزير العدل المغربي محمد بوزوبع قاضياً للتحقيق لتنفيذ الإنابة القضائية التي وجهها القضاء الفرنسي للمغرب في أيلول من العام 2003، وجددها في أيار الماضي، حيث يتوقع أن يتوجه قاضي التحقيق الفرنسي باتريك رامائيل في نهاية تشرين الثاني إلى المغرب لبحث القضية. وفي هذا الإطار، أعلن الابن الأكبر لبن بركة بشير في مؤتمر صحافي أمس، انه «لن يكتفي بحقيقة مزورة» حول مقتل أبيه، مؤكداً أن المسؤولية السياسية لهذا العمل الإجرامي الذي أدى إلى مقتل والده منبثقة عن أعلى مستوى في الدولة المغربية، في إشارة إلى الملك الحسن الثاني. من ناحيته، أعرب المحامي موريس بوتان الذي يدافع عن أسرة بن بركة منذ أربعين سنة، عن أمله في أن تتوصل الإنابة القضائية التي جددت في أيار الماضي، إلى تحديد مستوى مسؤولية وتواطؤ الأجهزة المغربية والفرنسية.

لقد بدأت تتكشف في الفترة الأخيرة مجموعة من الوثائق والمعلومات التي تثبت تورط فرنسا وأجهزتها الأمنية في كثير من الأعمال الإجرامية ضد زعماء ورجالات حركات التحرر، وخاصة الأفارقة منهم.

 

يأتي كل هذا في وقت تحاول فيه الحكومة الفرنسية استعادة مواقعها ومكانتها في بعض مستعمراتها السابقة من خلال ادعائها مناصرة الديمقراطية وحقوق الإنسان في هذه البلدان.