تهويد منطقة غور الأردن ... جدار فصل عنصري جديد !

 شهد الأسبوع الأخير من الشهر المنصرم، إعادة تسليط الضوء على النشاطات التي صاحبت الإعلان عن الخطة الجديدة لتوسيع ومضاعفة الإستعمار الصهيوني بمنطقة الغور الفلسطينية.

وبالرغم من تشديد العديد من وسائل الإعلام على تصوير وزير الزراعة الحالي في حكومة العدو " اسرائيل كاتس " على أنه المبادر لوضعها، فإن الحقائق المتداولة تؤكد أن خطة تهويد المنطقة وتحويلها لحزام أمني بدأت بعد إحتلالها مباشرة عام 1967 فقد أصدرت حكومة العدو قراراً بتحويل ثلاثين في المائة من الأغوار إلى منطقة عسكرية مغلقة، كما أن شارون وزير الحرب في حكومة العدو عام 1982 بدأ بوضع خطة تهويد المنطقة وزرعها بالمستعمرات، لينفذ على أرض الواقع ماخطط له فور استلامه لوزارة الإسكان عام 1990 . التحرك الجديد الذي يقوده كاتس مع مايسمى " اللجنة الوزارية لشؤون المجال القروي " وبتنسيق مع " إيلان كوهين " مدير عام مجلس الوزراء والمسؤول عن الميزانيات في وزارة المالية " كوبي هابر " يعكس برنامج العمل الصهيوني الإحتلالي للسيطرة على المنطقة، وهو ماصرح به كاتس بقوله _ بعد لقاء شارون / عباس فإننا نطلق خطة لتنمية مناطق يهودا والسامرة " الضفة الفلسطينية " وأن الرد على الإرهاب هوتعزيز الإستيطان في غور الأردن _ و خطط التنمية المتداولة في الدوائر السياسية الصهيونية هي التمويه اللفظي لخطط التهويد وهو مايحصل أيضاً في " مناطق الجليل والنقب " .

      تمتد منطقة الأغوار من بيسان شمالاً إلى عين جدي جنوباً بطول 150 كم ومساحتها تعادل ثلث مساحة الضفة وتمتاز بكونها منطقة زراعية هامة، يعيش فيها ثلاثون ألف مواطن فلسطيني ينتشرون على عشرة بلدات أهمها " أريحا " أقدم مدينة بالتاريخ  وأقيمت في المنطقة 21 مستعمرة أكبرها " معالية أفرايم " التي يقطنها خمسة آلاف مستعمر. التطويرالجديد لخطة" زيادة قطعان المستوطنين " تستند على موازة مالية ستصل إلى 540 مليون شيكل بهدف بناء 50 وحدة استعمارية للسكن سنوياً، مع تطوير للزراعة " منح مبلغ 100 مليون شيكل للمزارعين وتوزيع للمياه بشكل مجاني تقريباً " وتهيئة المنطقة للنشاط السياحي وربطها بشبكة طرق سريعة مع المدن والمستعمرات الأخرى . إن تنفيذ هذه الخطة سيفرض على الأرض " حقائق جديدة " يتم التعامل معها لاحقاُ _ حسب الرؤية الشارونية / البوشية _ كواقع نهائي وهذا ماأكده  كاتس  بقوله  "الفلسطينيون يجب أن يعرفوا أنهم لن يحصلوا منا على أية ذرة أرض أخ ( إشارة لإنسحابهم المحتمل من غزة )نحن سنكثف الإستيطان في المنطقة ". رئيس بلدية طوباس  عقاب ضراغمة  أشار لخطورة مايجري قائلاُ_ إن اجراءات الإحتلال بمنطقة الغور هي مقدمة لنشاط استيطاني سيطال الضفة كلها _ وهو مايعلنه قادة كيان العدو صباح مساء من أن خروجهم من غزة هدفه الإنتشار والتوسع في القدس والضفة كلها .

       مسؤول دائرة الخرائط والأراضي بمركز الدراسات العربية بالقدس خليل التفكجي يؤكد _ أن نجاح الإحتلال بإنجاز خطته الجديدة في اخضاع منطقة الأغوار لمشروع استيطاني جديد، سيلحق أضراراً فادحة بالأراضي الفلسطينية وبالمشروع الوطني كونه يجعل فكرة الدولة غير ممكنة _  فتقطيع الأراضي بالمستعمرات وبالحواجز ونقاط التفتيش سيعيق ويعرقل حركة المواطنين الفلسطينيين وينسف آمال البعض بقيام " دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة " . إن كيان العدو الصهيوني بخطته هذه ينفذ برنامجه الإستراتيجي القائم على المزيد من التوسع، فبموازاة الإنسحاب من غزة  يتحول القطاع الصامد إلى سجن كبير، مطوق بجدار اسمنتي وسياج معدني متكامل داخل البحر وبسياج كهربائي داخل منطقة الحزام الأمني الذي يبلغ عرضه 1 كم تقريباً على طول الحدود البرية الشرقية البالغة 72 كم، مع تكثيف للمستعمرات بالضفة وضم كتلها الكبرى للأراضي المحتلة منذ عام 1948 .

 إن فضح خطة التهويد القديمة / الجديدة يتطلب جهداً وطنياً فلسطينياً على الصعيد الإقليمي والدولي _ خاصة الدول العربية المعنية والمنظمات والهيئات الدولية ذات الصلة والإختصاص _ والتأكيد على أن مايجري في منطقة الأغوار ماهو إلا ّ الوجه الآخر لجدار الفصل والضم العنصري المتلوي في مناطق غرب الضفة .  

 

■ محمـد العبـد اللـه