جول دوفور جول دوفور

هل منح جائزة نوبل للسلام للرئيس أوباما تحدٍّ للسلام الأمريكي؟

يبدو أن منح جائزة نوبل للسلام للعام 2009 للرئيس أوباما هو تعبير عن تحدٍّ للولايات المتحدة وحلفائها المتجمعين ضمن حلف الناتو. إنّ هذا الشرف الرفيع يضع الرئيس في موقعٍ لا يمكنه تحمّله بوصفه قائداً لأقوى جيوش العالم. فهو مطالبٌ، في رسالةٍ كونيةٍ، بوضع حدٍّ للاعتداءات الحربية التي تقوم بها بلاده في إطار الحرب العالمية على الإرهاب وبتسليط الضوء على الأحداث التي أطلقت تلك الحرب. إنّه الثمن الذي سيتوجب على الرئيس الجديد دفعه ليستحق هذا الاعتراف. هل سينجح في قلب التيار العام الذي يدفعه نحو حربٍ عالميةٍ واسعةٍ رأساً على عقب، أم أنّه سينتهج درب العدالة التوزيعية الخاصة بالدبلوماسية الوقائية؟

ترجمة قاسيون

تتجلى هذه الجائزة بوصفها هديةً «مسمومةً» بالنسبة للإدارة الأمريكية، إذ إنّها تقدّم نفسها ضمن عملية إقامة سياسةٍ خارجيةٍ جديدة ومختلف الإصلاحات داخل الولايات المتحدة نفسها. هذا هو السبب في أنّ كبريات وسائل الإعلام اليمينية الأمريكية قد وصفت الجائزة بأنّها «سابقةٌ لأوانها» و«خطرة» لأنّ تلك الوسائل تخشى من عواقب سلبية على مصالحها. وبالفعل، بالنسبة لمناصري مواصلة الحروب، تمثّل الجائزة كابحاً حقيقياً، والأهمّ أنّها تأتي في اللحظة التي تدخل فيها الحرب في أفغانستان طوراً ينبغي معه اتخاذ قراراتٍ ذات عواقب كبرى. هل ستمارس هذه الجائزة تأثيراً على توجه تلك القرارات؟ يزداد رجحان أن يتمّ في هذا السياق منحها قيمةً رمزيةً عبر الانتصار لمفهوم المثَل اللاتيني «Si vis pacem para bellum» (إن كنت تريد السلام، حضّر للحرب).

بالنسبة لمحللين من أمثال بول روجرز، تمثّل هذه الجائزة «إهانةً ضمنيةً للإدارة الأمريكية السابقة، إدارة جورج دبليو بوش، من حيث تحفظه على التفاوض حول المسائل النووية وانسحابه من معاهدة منع انتشار الصواريخ الباليستية وكذلك رؤيته للعالم الإسلامي وللتغير المناخي» (أوباما: جائزة نوبل معرضة للخطر مثيرة للجدل).

من أجل «سلامٍ دون أسلحة»

تلتفت شعوب العالم أيضاً نحو أمريكا لتطالبها بوضع حدٍّ لأفعالها العدائية ومطامحها الاستعمارية. هذه هي الرسالة الكامنة وراء منح الجائزة. بالنسبة لأكبر قوى هذا الكوكب، هل ستفسّر بوصفها تكريساً لدور الشرطي الذي جهدت للعبه في العقود المنصرمة أو دخول عهد تعاونٍ بهدف التطوير المنصف للجميع؟ هل ستحوّل رؤية العالم التي طورته أم أنها ستشارك حقاً بفعاليةٍ في عملية نزع التسلح وإقامة السلام عبر انتصار العدالة الاقتصادية والاجتماعية؟