الوحدة الوطنية المصرية.. بين الاستبداد ومخططات التقسيم!

استنادا إلى كافة التصريحات الرسمية وغير الرسمية والكتب والمذكرات الصهيونية، والتي تفيد أن الحلم الإسرائيلي بتفتيت المنطقة العربية طائفيا  لم يتوقف يوما عن أن يكون على رأس  جدول أعمال الحكومات الإسرائيلية، فقد جاءت الحوادث الأخيرة التي طالت أقباط بمصر اعتداء وقتلاً وتهديداً والتي ترافقت مع ضجة إعلامية كبيرة ومثيرة للريبة وشحن خارجي غير مسبوق، لتؤكد أن هذا الذي جرى في الإسكندرية، ومن ثم في عدد من القرى والمدن المصرية، لم يكن عفوياً وعابراً..

وبما أن من أشعل الشرارة الأولى في هذه الفتنة الخطيرة هم فئة من التكفيريين، فهذا بدوره يطرح أسئلة قديمة ومعاصرة عن مدى الارتباط والتنسيق والتعاون بين هذا الفريق المتزمت والمتطرف والمسيئ للإسلام وبين القوى المعادية للمنطقة وأبنائها..

كما أن هذه الحوادث التي باتت تتكرر كثيراً في العقدين الأخيرين، تضع السلطات المصرية برئاسة العميل الأمريكي – الصهيوني حسني مبارك في قفص الاتهام، فهي من دون أدنى شك مسؤولة مسؤولية مباشرة عن كل ما حدث، سواء من حيث استخفافها بحقوق شريحة أساسية من مكونات الشعب المصري وهم الأقباط، أو من حيث تراخيها في قمع هذه الظواهر اللا إنسانية، فيما تسارع لقمع أية مظاهرات طلابية أو نقابية..

لقد شكل العام 2000 بداية شديدة الوضوح والعلنية الوقحة للسير بالخطوات التنفيذية داخل الإدارة الأمريكية والإسرائيلية الصهيونية المتعاونة معها في التحضير لإثارة ما أطلقوا عليه قضية الحريات الدينية في الشرق الأوسط، والهدف من هذه الحملة خلق عدة كيانات طائفية ذات سيادة تستفيد من الزخم الأميركي في المنطقة والدعم اللامحدود من إسرائيل، وعلى ما يبدو فإن السلطات المحلية في أكثر من بلد عربي، وخصوصاً في مصر، تبذل أقصى ما بوسعها لدعم هذا المشروع الآثم ودفعه لتحقيق مآربه، وإلا فما معنى أن يبقى الأقباط المصريون يعيشون في حالة من القلق الدائم، تتهددهم خناجر المتشددين والمتزمتين، وتنتقص حقوقهم إلى الحد الأدنى، رغم أنهم أثبتوا وطنيتهم وانتماءهم في كل المناسبات، وخاضوا إلى جانب إخوتهم وأشقائهم المسلمين كل معارك التحرر والاستقلال بكل بسالة وشجاعة؟

إن من أبسط حقوق المواطن في بلده أن يشعر بالأمان، وألا يتبادر إلى ذهنه مطلقاً أن هناك من يرفضه ويرفض وجوده، كما أن أي تمييز بينه وبين الآخر الشقيق والشريك في الوطن في الحقوق والواجبات، يدفعه إلى مواقع ومواقف قد تصب في جملتها في صالح أعداء الأمة والطامعين بخيراتها وثرواتها، ولعل بعضاً من تبعات الحوادث الأخيرة قد تتأتى بشيء من هذا، خاصة وأن الراغبين في الصيد بالمياه العكرة كثر، وهم متربصون جاهزون للانقضاض على أرض الكنانة، ولا تنقصهم سوى الذريعة، وهذا أخطر ما في المسألة..

إن المطلوب اليوم لإفشال المخططات المعادية تجاه مصر، أن تتحقق مطالب الأقباط في المساواة بجميع الحقوق مع أبناء جلدتهم من المصريين، وعدم التمييز بينهم في كافة التشريعات والقوانين.