هبوط الدولار وآفاق الاقتصاد العالمي

أوردت نشرة العلم والتكنولوجيا الصينية اليومية أواخر العام الماضي مقالاً كتب استناداً إلى مقابلة مع الباحث الأمريكي ليندون لاروش وحين سئل الاقتصادي عن مستقبل الدولار، أجاب قائلاً:

«توجد مشكلة عضوية، مشكلة عدم كفاءة علمية لدى معظم المتنبئين الاقتصاديين. فهم يتبنون مقاربة عالم رياضيات يتوقع مسار كرةٍ على طاولة بلياردو. تتمثل طريقتهم في إجراء توقّعٍ ميكانيكي وسكوني للمسارات في الفضاء الزمني الديكارتي. يأخذ التوقع الاقتصادي الجيد بعين الاعتبار دورات الاستثمار الطويلة الأجل في رأس المال الفيزيائي لاقتصادٍ يعتبر مساراً ديناميكياً. هذه هي طريقتي في التنبؤ، وهي تتوافق مع الطريقة الريمانية.
ينبغي أن يأخذ أي تنبؤ جيد بالحسبان نقص الانسجام بين القيم النقدية المالية وبين قيمٍ فيزيائية ينظر إليها بمعزلٍ عن أيّ افتراضٍ نقديٍّ مالي.
وهكذا، ففي الاقتصاد العابر للأطلسي في السنوات الخمس والثلاثين الماضية، صعد رأس المال النقدي المالي بحدة وبسرعة متزايدة، في حين تراجعت القيم الفيزيائية موزّعةً على الأفراد والمساحة بإيقاعٍ متسارع.
إنّ ما سمح للسوق العالمية بالعمل منذ العام 1971-1972، أي منذ نهاية نظام بريتون وودز المستند إلى دولار يدعمه احتياطي من الذهب، هو اقتناع الدول والشركات بأنّ الدولار سوف يبقى قابلاً للتفاوض على المدى الطويل، وبمستوى شبه ثابت، ويحافظ بالتالي على القيم المسعّرة بالدولار.
إذا هبطت قيمة الدولار فجأةً إلى مستوىً يمثّل نحو 80 بالمائة من التقديرات الحالية، فسوف يؤدي ذلك إلى هبوط قيمة عملات جميع البلدان ذات الاحتياطي النقدي المالي المحسوب بالدولار. (...) مما سيؤدي إلى اندلاع ذعرٍ عام. في هذه الشروط، وإذا لم يجر تبني الإصلاحات النوعية التي اقترحتها، سوف تنهار التجارة العالمية بالتسلسل، وتجد نفسها بعيدةً جداً عن مستواها الحالي.»
أمّا في ما يتعلق بما يمكن للمجتمع الدولي، ولاسيما الصين، فعله لمنع انخفاضٍ كبير في قيمة الدولار، أجاب لاروش: «اتفاقيات تجارية واستثمارية طويلة الأجل مرتبطة بالقيم الفيزيائية وليس بالقيم النقدية المالية، ولاسيما استثمارات في البنية التحتية الأساسية. سوف تميل إلى إنقاص مفاعيل الأزمة وتوفّر العلامات الدالّة الضرورية من أجل اتفاقيات إصلاحٍ أخرى بين الأمم.»
وحين سأله الصحافي كيف بوسع الصين أن تستخدم بكفاءة الاحتياطيات الهائلة بالدولار لديها، أجاب قائلاً: «لو كنت مواطناً صينياً، لألححت كي تستخدم هذه الأموال كقروضٍ طويلة الأجل، تستثمر في إنشاء بنية تحتية اقتصادية فيزيائية أساسية ـ نسبة كبيرة من تكوينها تقني ـ في الصين وفي برامج تنموية مشتركة في أوراسيا.»