خطة للأمن أم زعزعته؟

في الوقت الذي تتمسك فيه سلطات الاحتلال الأمريكي وحكومة الدمى التي تنصبها في العراق بإتباع المقاربة الأمنية حصراً في التعامل مع ملف عراق ما تحت الاحتلال مع الإمعان في تمهيد التربة للتقسيم الطائفي العرقي هناك باتجاه خمس دويلات لا ثلاثة كما يشاع أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي رسميا بدء تطبيق خطة أمن بغداد التي تعتبر الأوسع منذ الاحتلال الأميركي للعراق في آذار 2003، علماً بأنه سبق ذلك إعلان قوات الاحتلال أن الخطة المذكورة ستشمل شن عمليات مداهمة واسعة للأحياء السكنية والمنازل.

وأعلن المالكي إطلاق ما سماه خطة فرض القانون خلال زيارة لمدينة كربلاء جنوب بغداد، مشدداً على «تصميم حكومته على تطبيق هذه الخطة» وأن «خطة محاربة الفساد والمفسدين ستظل مفتوحة تماما كالحرب على الإرهاب».

وإلى جانب زيادة عدد ساعات حظر التجول في بغداد التي تم تقسيمها إلى عشر مناطق، تشمل هذه الخطة أيضاً إغلاق المنافذ الحدودية مع سورية وإيران تنفيذاً لأوامر من المالكي لمدة أولية تحدثت منذ يوم الأربعاء عن 72 ساعة مع تخويل قوات الدفاع والداخلية العراقية صلاحيات واسعة.

وهي تشمل أيضا تعليق رخص حمل السلاح والذخيرة والمواد الخطرة لجميع الأشخاص باستثناء قوات الاحتلال والقوات العراقية وأفراد شركات الأمن المرخصة وقوات حماية المنشآت (والذين يعرف غالبيتهم بالمتعاقدين الأجانب تمويهاً عن توصيفهم بالعملاء المأجورين.

وينفذ هذه الخطة نحو 85 ألف جندي، 50 ألفا منهم عراقيون والباقون من جيش الاحتلال الأمريكي, على أن يرفع قائد العمليات تقريرا أسبوعيا إلى رئيس الوزراء.

ويتزامن تنفيذ هذه الخطة مع ازدياد عدد الهجمات التي تنفذها مجموعات إرهابية مأجورة بحق المئات يومياً من أبناء الشعب العراقي الواحد لتصويرها بأنها تندرج في إطار العنف الطائفي ولكنها تتزامن أيضاً مع تلك الهجمات التي تنفذها مجموعات المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال الأمريكية التي أسقط لها خلال ثلاثة أسابيع فقط سبعة حوامات وطائرات عسكرية وتكبدت فيها خسائر بشرية ومادية فادحة لتجد تلك القوات نفسها مضطرة في نهاية المطاف للاعتراف بأن هذه الحوامات جرى إسقاطها ولم تسقط نتيجة أخطاء فنية كما يحلو لها تصوير ذلك في البداية.

أما ما لا يريد الاحتلال الأمريكي والسلطات العراقية الاعتراف به فهو أن مفهوم الأمن في بلد يخضع للاحتلال وتجري محاولات محمومة للتلاعب ببنيته السكانية ووحدته الجغرافية لا يتوقف عند الإجراءات الأمنية فحسب بل يتعداه من ضمن مكونات أخرى إلى الأمن الاجتماعي-الأهلي الجماعي والشخصي، والأمن الاقتصادي-المعيشي  والأمن السياسي-الحكومي-المستقل، السيد حقيقة. وإن أي اقتصار على المعالجة الأمنية بعيداً عن هذه المعطيات فلن يزيد الطين إلا بلة، وهو ما يستدعي بداية رحيل الاحتلال.

آخر تعديل على الجمعة, 11 تشرين2/نوفمبر 2016 11:51