«المعلم واحد» من غزة إلى نهر البارد!!

كنا قد أكدنا منذ انفجار الوضع في مخيم نهر البارد، أن ما يحدث هناك هو بداية انتقال مسلسل حرب التفتيت والفوضى العمياء والتدويل من العراق إلى كل لبنان بالتوازي مع ما يجري الآن في الأراضي الفلسطينية المحتلة من اقتتال داخلي رهيب يقوم به «اللحديون» من كلا الطرفين بالوكالة عن قوات الاحتلال الصهيوني وخدمة لمشروع المحافظين الجدد والأطلسيين الجدد والذي من بين أكبر أهدافه ضرب المقاومة وانتزاع سلاحها في كل مكان من منطقتنا، وبالمقابل توفير السلاح والتمويل والتغطية الأمنية والسياسية والإعلامية للمرتزقة من كل حدب وصوب كرأس حربة لإشعال الحروب الأهلية وإشاعة الفوضى في كل مكان من هذا الشرق!

... من هنا، فإن ما يحدث الآن في مخيم نهر البارد وما سيتبعه من تداعيات، هو جرح لبناني - فلسطيني مفتوح على كل الاحتمالات، وأكبر ضحاياه هو الجيش اللبناني وآلاف الفلسطينيين الذين اضطروا تحت النار إلى نزوح جديد مع كل مايرافق ذلك من مهانة إنسانية لم تنته فصولها بعد من نزوح 1948 حتى اليوم.

... وإذا استعدنا قراءة الوضع في لبنان، والضفة والقطاع المحتلين منذ احتلال العراق، لابد من التأكيد مجدداً أن المخطط الأمريكي-الصهيوني لتفتيت المنطقة أكبر بكثير من «زواريب» الطبقة السياسية اللبنانية وكذلك الفلسطينية الغارقتين في خديعة السلطة الشكلانية والمرتهنة للمدد الخارجي وصولاً للقبول بالتدويل بديلاً عن خيار المقاومة والاعتماد على الشعب لكنس الاحتلال وتحرير الأرض وانتزاع الحقوق! وإذا كان الهدف الأساسي للمخطط الآنف الذكر هو تدمير المقاومة والممانعة في بلاد الشام وما بين النهرين، فإن ما نراه الآن بالعمق من وراء انفجار الوضع في مخيم نهر البارد عبر صاعق عصابة «فتح الإسلام»، هو شن هجوم معاكس على انتصار المقاومة اللبنانية على جيش الكيان الصهيوني في تموز الماضي وإفشال المخطط الإمبريالي-الصهيوني في أقوى حلقاته الرامية إلى استباحة لبنان ثم سورية وصولاً إلى إخماد المقاومة الفلسطينية وفي العراق وتقسيمه، ثم توجيه ضربة عسكرية لإيران وكل ذلك بدعم مكشوف ومستتر من النظام الرسمي العربي والذي تقوده الآن ما يسمى بالرباعية العربية /مصر- السعودية، الأردن، الإمارات/.

... عندما نقول بأن ما يجري الآن في لبنان وفي فلسطين المحتلة هو بمثابة هجوم معاكس على انتصار المقاومة اللبنانية البطلة في حرب تموز 2006، لا نجانب الحقيقة، بل نقرر أمراً واقعاً لا يجوز القفز فوقه، وأبرز سماته هي:

* إن الفشل الجدي الذي دخل فيه المشروع الأمريكي في العراق من جراء المقاومة العراقية الحقيقية ضد القوات الاحتلال، يفرض على واشنطن الذهاب إلى توسيع رقعة الحرب في المنطقة والتي هي رقعة عمليات واحدة.

* استغلال انكشاف ظهر المقاومة اللبنانية سياسياً بسبب تآمر وتخاذل النظام الرسمي العربي ضد المقاومة وسلاحها خلال حرب تموز وحتى الآن، وانحيازه اللامحدود لصالح حكومة السنيورة وفريق 14 شباط، والتدخل غير المسبوق من سفراء واشنطن وباريس ولندن في إدارة السياسة اللبنانية الداخلية والخارجية، لدرجة أن كل ما تعجز حكومة السنيورة في فرضه على الشعب اللبناني، يقوم مجلس الأمن بزعامة الثلاثي الأمريكي- الفرنسي- البريطاني بمحاولة فرضه بموجب قرارات تحت الفصل السابع، أي أن فريق 14 شباط أصبح واجهة لفرض التدويل على لبنان!

*... وطالما يعترف الجميع بأن الجيش اللبناني هو صمام أمان الوحدة الوطنية، كان لا بد «للمعلم في واشنطن» وأدواته في الداخل اللبناني من زج الجيش في معركة غير متكافئة في الزمان والمكان مع عصابة «فتح الإسلام»، ولاحقاً مع عصابات أخرى تكفيرية مرتبطة مع منظمات سبق أن استولدتها ودربتها الإدارات الأمريكية، وموّلتها بعض الأنظمة العربية تحت اسم «الجهاد المقدس» في أفغانستان. ولازالت تلك المنظمات التكفيرية تحت «الطلب» في خدمة مخطط التفتيت وإشعال الحرب الأهلية حتى ولو من بوابة زعزعة الجيش، وقد سبق الكشف عن مخطط يتولاه الأمير بندر بن سلطان «لإقامة ما سماه توازن رعب مع حزب الله عبر تسليح ورعاية المنظمات السلفية الأصولية في لبنان مثل فتح الإسلام وعصبة الأنصار وجند الشام»!

* بالعودة إلى ما يجري في غزة لإخماد المقاومة - عبر اللحديين - لابد من إلقاء الضوء على خطورة ما طرحه وزيرا خارجية مصر والأردن، «حول ضرورة إدخال قوات دولية» إلى الضفة والقطاع لفرض ما يسمى بالتهدئة بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية. ولا شك أن هذا الإجراء سيكون من أخطر ما ستتعرض له المقاومة وحقوق الشعب بالفلسطيني، التي لا تنتزع إلا بالمقاومة وليس «بالتدويل» الهادف إلى ديمومة الاحتلال وتهويد الأرض.

بالأمس طالعنا «تيري رود لارسن، «بأن المنطقة أمام خطر الانزلاق إلى «مواجهات مسلحة» وقبلها أجرى جيش الاحتلال أكبر مناورات برية في الجولان المحتل، ومنذ أسبوع وحتى الآن تقيم واشنطن وتل أبيب أكبر مناورات جوية مشتركة في صحراء النقب، وأول تصريح لإيهود باراك الفائز بزعامة حزب العمل» أنه هو من يعرف كيف يصلح الخلل في الجيش الإسرائيلي».

فأمام كل ما سبق من أخطار موصوفة ليس أمامنا إلا ثنائية حقيقية: (مواجهة - استسلام)، وإذا كان كل ما يجري هو هجوم معاكس على انتصار المقاومة في حرب تموز، ليس أمامنا من خيار إلا إفشال هذا الهجوم الإمبريالي ـ الصهيوني عبر التزام خيار المقاومة الشاملة! وهذا ليس بكثير على شعوبنا في سورية ولبنان والعراق وفلسطين.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الخميس, 17 تشرين2/نوفمبر 2016 17:54