تفجيرات الجزائر والتأديب الأمريكي

كل قطرة من النفط تعادل قطرة من الدم

في نقاش حاد حول تفجيرات الجزائر الأخيرة والدور المشبوه لما يسميه بوش بمنظمة القاعدة وزعيمها بن لادن، انبرى الرافضون لنظرية المؤامرة باتهام المؤيدين لها بأنهم مصابون بالجنون وأنهم يعلقون خيبتهم وخيبة شعوبهم على شماعة التآمر الأمريكي والغربي، بدلاً من أن يروا حقيقة البيئة المتخلفة والمتشددة في بلدان العالم الثالث، وخاصة الإسلامية منها، ويصدقوا أنها هي من أفرزت هذا التشدد وهي من استبعدت الآخر وغذت الإرهاب.

تفجيرات القاعدة والإرهاب

الأمريكي للجزائر

بعد تفجيرات 6 سبتمبر 2007 التي راح ضحيتها 22 قتيلاً وأكثر من 100 جريح، اتهم الرئيس الجزائري أطرافاُ أجنبية بأنها وراء هذه التفجيرات. لم يمر سوى يوم واحد حتى انطلقت عملية انتحارية أخرى في 8/9/2007 بمرفأ «دلس» الذي يبعد 70 كم شرق العاصمة الجزائرية راح ضحيتها 28 قتيلاً ونحو 60 جريحاً.

لماذا يتهم بوتفليقة أطرافاً أجنبية لم يسمها، في حين أعلن «تنظيم القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي مسؤوليته عن التفجيرين؟ أليس في هذا من تناقض. فلنحاول تتبع التطورات السياسية والاقتصادية والعسكرية بالجزائر خلال عامي 2006 -2007 لتقصي أثر النفط والسلاح لمعرفة من هي الأطراف الأجنبية التي أتهمها بوتفليقة..

الجزائر تفرض ضرائب على

أرباح شركات النفط الأمريكية

في 5 يوليو عام 1962 تحررت الجزائر من الاستعمار الفرنسي. وفى عام 1963 تم تأسيس أول شركة وطنية للنفط بالجزائر «سونطراك». وفي 24 فبراير 1971 أممت الجزائر 51% من إنتاج النفط، و100% من إنتاج الغاز الطبيعي. اختار «بومدين» هذا اليوم المواكب لذكرى تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائري عام 1956 لإصدار قانون تأميم النفط (قانون فبراير 1971)، وأعطى هذا القانون لشركة سونطراك الوطنية نسبه 51 % من حصة المساهمة والمراقبة واتخاذ القرار داخل الشركات الأجنبية، بعد ان ظلت شركات النفط العالمية وخاصة الفرنسية مسيطرة عليها مقابل ثمن زهيد.

مات بومدين، وماتت معه أحلام التنمية والتحرر من التبعية. وتعاظم تدريجياً دور القوى التي تربطها بالغرب مصالح فردية اقتصادية مشتركة في مجال النفط ، وسعت منذ عام 1986 لتكييف تشريعات النفط لفتح مجال أوسع للمساهمة والشراكة الأجنبية في قطاع النفط. وفي نهاية التسعينات تمكنت العديد من شركات النفط الأمريكية من تعزيز مكانتها في الجزائر كانت شركات النفط العالمية تمنع شركة النفط الجزائرية «سوناطراك» من التحكم بكمية النفط المنتج حتى تتمكن من زيادة إنتاج النفط لتحقيق أرباح أعلى. لكن كيف يتسنى لها ذلك دون أن يكون هناك من يخدم مصالحها داخل مؤسسة الدولة الجزائرية؟

 

الحل الأمريكي

لتغيير قانون النفط لعام 1971

عندما أتى بوتفليقة للحكم في 15 أبريل 1999، طالبته الإدارة الأمريكية بتعيين أحد رجالها المخلصين وزيراُ للنفط بالجزائر. وافق الرئيس الجزائري على تعيين «شكيب خليل» وزيراً للطاقة والمناجم عام 2000. بدأ رجل أمريكا في عقد صفقات النفط مع الشركات الأمريكية واستبعد المعارضين لهذه الصفقات من شركة سونطراك وجمع بين الوزارة ورئاسة سوناطراك مبررا ذلك بالعمل على توحيد السياسة الوطنية للمحروقات. حاولت أميركا بعد عام واحد من تولى «شكيب» وزارة الطاقة والمناجم تغيير قانون تأميم النفط الصادر عام 1971. فقدم «شكيب» عام 2001 مشروع قانون جديد، لكنه فشل بسبب حملة الاحتجاج الواسعة التي قادها الاتحاد العام للعمال الجزائريين. لكن «شكيب» والقوى المساندة له لم يهدأ لهم بال حتى أعادوا إحياء مشروع قانون 2001 من جديد في عام 2005، وصدق عليه مجلس الوزراء في 22 فبراير 2005. ويسحب قانون 22 فبراير 2005 من شركة النفط الوطنية «سوناطراك» الحق في منح تراخيص استغلال حقول النفط والغاز لشركات أجنبية أو محلية، ويعطي هذا الحق للدولة التي تتجسد في شكيب ووزارته للطاقة والمناجم. وينص أيضاً على عدم تحديد نسبة أسهم الشركات الأجنبية في منشآت ومحطات الإنتاج، وأنها من الممكن أن تصل إلى نسبة 75%، وتحت شروط معينة يمكن للشركات الغربية أن تكون هي المالك الوحيد للمنشأة.

الجدير بالذكر أن «سوناطراك» التي استبعدها قانون النفط لعام 2005 والتي تم تأسيسها عام 1963، حققت 10 اكتشافات خلال سنة 2000 وترتيبها من حيث الأهمية يأتي كعاشر شركة عالمية والأولى في إفريقيا.

فى 9 يوليو 2006 طرحت الحكومة الجزائرية مشروع قانون جديد للنفط والغاز يعيد النظر في قانون النفط لعام 2005. وقد دعا المشروع للعودة إلى نظام الـ51■ الذي أعلنه «بومدين»، فأعادت الحكومة حق منح تراخيص استغلال حقول النفط والغاز لشركة النفط الوطنية «سوناطراك» مرة أخرى. كما أعطى القانون الجديد لشركة سونطراك حقوقا استثنائية تتيح لها نقل النفط والغاز عبر أنابيب لأي مكان تحدده الشركة وحمايتها من الإحالة على التحكيم الدولي في حالة نشوب نزاعات مع شريكها الأجنبي. واعترف بوتفليقة بخطئه في التصديق على قانون فبراير 2005.

 
غضب شركات النفط الأجنبية

أغضبت الجزائر شركات النفط الأمريكية والغربية برجوعها مرة أخرى لقانون «بومدين. فقد أعلنت شركة «آنداركو» الأمريكية استمرار تراجع أرباح الشركة في النصف الأول لعام 2007، وتسجيلها خسائر فاقت 300 مليون دولار، بعدما كانت تحقق أرباحاً سنوية تقدر بملياري دولار. لكن شركات النفط الأجنبية لم تنسحب رغم تراجع أرباحها بعد تطبيق قانون النفط الجديد لعام 2006. ويذكر أن حصيلة الحكومة الجزائرية ارتفعت إلى أكثر من 2 مليار دولار نتيجة للضرائب النفطية.

ترى ماذا أصاب بوتفليقة، ولماذا أغضب أصدقاءه الأمريكيين، هل علت عليه الوطنية في زمن أصبحت فيه العولمة هي الانتماء والمثل الأعلى، أم أنه أدرك بفراسته صعود نجم الصين وروسيا، فأعاد ترتيب حساباته وغير وجهته، أم أن الضغوط الأمريكية عليه دفعته للمواجهة رغماً عنه؟

 
بوتين في الجزائر

وصفقات في مجال الغاز والسلاح

لعبت زيارة بوتين التاريخية للجزائر في 10 مارس 2006. دوراً هاماً في تغيير وجهة السياسة الجزائرية. ويبدو أن بوتين الذي ألغى ديون الجزائر لروسيا والتي قدرت بنحو 4.7 مليار دولار مقابل شراء الجزائر لاحتياجاتها من السلع الصناعية والسلاح من روسيا، قد أقنع بوتفليقة بأهمية تعديل قانون النفط لعام 2005. وأوضح له أيضاً أن أقرب حلفاء الولايات المتحدة لم يفكروا أبدا في العدول عن تأميم نفطهم (السعودية نموذجاً). وربما لوح «بوتين» لبوتفليقة بمشروعه الطموح لتأسيس أوبك للغاز يتيح للجميع فرصة الربح بعيداً عن التلاعب والسيطرة الأمريكية على أسعار النفط والغاز.

على الرغم من أن زيارة بوتين للجزائر في 10/3/2006 لم تستغرق سوى 6 ساعات، إلا أنها حققت نتائج غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الروسية الجزائرية، فوقعت الجزائر عقود تسليح ضخمة مع مؤسسة تصدير الأسلحة الروسية «روس أوبورون اكسبورت» قيمتها 7.5 مليار دولار. إضافة إلى عقود مشتركة لاستغلال الغاز والنفط الجزائري وعقود لمد أنابيب الغاز لأوروبا وخطوط طيران واتفاقيات لتجنب الازدواج الضريبي، وتشجيع الحماية المتبادلة للاستثمارات.

لم يمر على زيارة بوتين سوى 4 أشهر حتى قررت الحكومة الجزائرية في 9 يوليو 2006 إعادة النظر في قانون النفط لعام 2005، ثم صدقت على ضريبة النفط في 1 أغسطس 2006. وفى 4/8/2006 وقعت شركة غاز بروم الروسية العملاقة وشركة سوناطراك الجزائرية اتفاقا، يستهدف إرساء أسس للتعاون بين الشركتين، اللتين تشكل صادراتهما الإجمالية من الغاز الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي نسبة 35 %.

في منتصف نوفمبر 2006، تناقلت وسائل الإعلام خبرا مفاده أن تقريراً «سرياً» وضعه خبراء اقتصاديون في حلف الناتو حذّر من خطة روسية لتأسيس منظمة للدول المصدرة للغاز تضم إلى جانب روسيا، الجزائر، قطر، ليبيا، ودول آسيا الوسطى وربما إيران. وفى 24 نوفمبر 2006 زار وزير الطاقة بالاتحاد الأوروبي الجزائر للإطلاع على ترتيبات الاتفاق الجزائري- الروسي، بعد قرار المفوضية الأوروبية بمراقبة اتفاق التعاون بين «غاز بروم» "سوناطراك"، خشية أن يؤدّي إلى رفع أسعار الغاز في بلدان الاتحاد الأوروبي «ضرب الاقتصاد الأوروبي».

لكن الأحداث لا تتوقف، في 20 ديسمبر 2006 يزور الجنرال يوري باليوفسكي قائد القوات المسلحة الروسية الجزائر ويعلن عن تسليم الدفعات الأولى من الأسلحة الروسية الثقيلة والمعدات العسكرية الضرورية لصيانتها.

عقاب أمريكا:

القاعدة تعلن عن وجودها بالجزائر

لكن عين النسر الأمريكي التي ترقب صفقات روسيا لبيع السلاح لكل من الجزائر وإيران وسوريا لم يعجبها ما يحدث فأصدرت إدارة الرئيس الأميركي بوش في الأسبوع الأول من عام 2007 قرارا بفرض عقوبات جديدة على ثلاث شركات روسية لتصنيع وتصدير السلاح من بينها شركة «روس أوبورون اكسبورت» التى وردت أسلحة للجزائر.

 يبدو أن الولايات المتحدة لم يكن بمقدورها أن تقف مكتوفة الأيدي أمام الحضور الروسي القوي بالجزائر في مجال الغاز والنفط والسلاح والتجارة. ولهذا كان لابد لها أن تستخدم عرائسها المتحركة المتمثلة في القاعدة والتي حققت لها مكاسب لايستهان بها على كافة الأصعدة، كان آخرها شريط بن لادن الذي هدد فيه الولايات المتحدة في ذكرى أحداث 11 سبتمبر 2007 بتفجيرات أخرى، كل ذلك قبل أن يقدم قائد القوات الأمريكية في العراق، الجنرال ديفيد بتريوس تقريره عن استراتيجية القوات الأمريكية في العراق أمام الكونجرس.

في 24 يناير 2007 أعلنت «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» الجزائرية تغيير اسمها إلى «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». وفى 13 فبراير دشن تنظيم القاعدة فرع الجزائر أولى علمياته الإرهابية بمجموعة من التفجيرات التي استهدفت مراكزاً للشرطة بالعاصمة الجزائرية، وبلغ عدد الضحايا خلال هذا الشهر 30 قتيلا.

 
الجزائر وقاعدة «أفريكوم» الأمريكية

في الصراع الدائر بين شركات النفط الصينية والأمريكية على نفط أفريقيا بدأت شركات النفط الأمريكية في أكتوبر عام 2000 بتمويل مشروع أنشاء خط أنابيب تشاد- الكاميرون برأسمال قدرة 4.4 مليار دولار، وقاد تمويل المشروع شركة «إكسون موبيل» بنسبة 40% ، تليها بيتروجاز الماليزية بنسبة 35% وأخيرا شيفرون تكساكو الأميركية (التي كانت ترأسها كونداليزا رايس) بنسبة 25%. ومن باب التمويه شارك البنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي بمقدار 233 مليون دولار لكل واحد منهما. وكان من المتوقع أن يبدأ الإنتاج في نهاية 2004 بضخ نحو 250 ألف برميل يومياً. لكن ضخ النفط عبر الأنبوب تم في شهر يوليو من عام 2003، وتصل نسبة الأرباح السنوية لهذا المشروع إلى 4.7 مليار دولار لمصلحة الشركات النفطية والبنوك. وتسعى الإدارة الأمريكية إلى مد أنبوب نفط عملاق ينطلق من ميناء «ينبع» على ساحل الجزيرة العربية، يعبر البحر الأحمر ممتداً بإقليم دارفور حاملاً نفطه ليسير عبر دول أفريقية ويصب أيضاً على سواحل الأطلنطي ومن هناك إلى السواحل الأمريكية. ولكي تتمكن واشنطن من تحقيق حلمها هذا، فلابد من حماية منابع «الثروة العالمية». وحمايتها تستدعي وجود القوات الأمريكية بالقارة الأفريقية، ولكي تجبر الدول الأفريقية المارقة على استقبال قوات الاستعمار الجديد، لابد وأن يكون هناك إرهاب.

 ولهذا أعلن «بوش» في 2/2/2007عن تأسيس «أفريكوم»، بموجبها تصبح القارة الأفريقية بأكملها - باستثناء دولة واحدة هي مصر-ابتداء من 30 سبتمبر عام 2008 تحت قيادة عسكرية أمريكية واحدة، وسوف تدار هذه القيادة مؤقتاً من قاعدة عسكرية أمريكية في مدينة "شتوتغارت" الألمانية.

 يبدو أن تفجيرات فبراير لم تقنع الجزائر بالموافقة على قبول أفريكوم. فحاولت الإدارة الأمريكية مرة أخرى إقناعها بالتي هي أحسن قبل أن تهددها مرة أخرى بتفجيرات أبريل 2007. ففي 24 فبراير أعلنت مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للعلاقات العامة كارن هيوز أثناء زيارتها للجزائر أن مشروع إنشاء قيادة عسكرية لإفريقيا داخل (البنتاغون) «يسمح لنا بان نكون أكثر فعالية والعمل إلى جانب الشعوب الإفريقية». لكن وزير خارجية الجزائر «محمد بجاوى» لم يقتنع بما قالته هيوز فأعلن في 3 مارس 2007 رفض بلاده القاطع لإقامة قواعد عسكرية على أراضيه. وفى 12 مارس 2007 حذرت السفارة الأمريكية الجزائر في رسالة صادرة عن مسؤول الأمن بالسفارة تم وضعها على الأنترنت بموقع المجلس الأمني الاستشاري في الخارج التابع للحكومة الأمريكية بأن هناك معلومات بأن متشددين ربما يخططون لشن هجوم على طائرة تجارية تقل عمالا غربيين في الجزائر. وأنه لا توجد في الوقت الحالي معلومات إضافية، وحذّرت الأمريكيين من السفر للجزائر. لم تنفذ العملية و ثارت الشكوك لدى المسؤولين بالجزائر حول الغرض من هذا التخويف.

وفى 9 أبريل 2007 انعقد مؤتمر الدوحة للدول المنتجة للغاز بحضور 16 دولة هي الجزائر وبوليفيا ومصر وإيران وأندونيسيا وليبيا وماليزيا ونيجيريا وقطر وروسيا وترينداد والإمارات وفنزويلا والنرويج. وبدأت الدعوة لتشكيل أوبك للغاز بتأييد من إيران وفنزويلا وروسيا. وقد أثار هذا المؤتمر قلق واشنطن.

وفى 10 أبريل 2007 دوت الانفجارات بالمغرب و11 أبريل بالجزائر استهدفت مبنى رئاسة الحكومة ومكتب رئيس الوزراء الجزائري، عبد العزيز بلخادم، ومركزاً للشرطة بباب الوزير خارج نطاق العاصمة. وأسفرت عن مقتل 30 شخصاً وإصابة 200 آخرين.

في 10 يونيو 2007 زار الجزائر وفد عسكري أمريكي يقوده مساعد وزير الدفاع «ريان هنري» للتباحث بشأن القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا في إطار زيارات متعددة تشمل كل من تونس والمغرب وليبيا ومصر وجييوتى وأثيوبيا بعد زيارته للجزائر. واستبعدت الجزائر وليبيا كل على حدة استضافة قيادة «افريكوم» المزمعة، وقالتا إنهما ستعارضان بحزم استضافة أي من دول الجوار لمثل هذه القيادة.

 
تفجيرات 6 و 8 سبتمبر 2007

بعد أن أدركت الجزائر تورط الولايات المتحدة في مسالة التفجيرات المتكررة بالجزائر أسرعت بإنهاء البنود المعلقة حول اتفاق الغاز مع الإتحاد الأوروبي الذي دارت حوله مفاوضات طويلة. وفى 12 يوليو 2007 وقعت الجزائر واللجنة الأوروبية ببروكسل على اتفاق خاص بالبنود المتعلقة «بالقيود الإقليمية». وجاء في بيان اللجنة الأوروبية أن «الاتفاق يزيح عائقا رئيسيا لإنشاء سوق أوروبية مشتركة للغاز». وقام شكيب خليل بزيارة لبروكسل للترويج لمشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا وأوروبا عبر النيجر والجزائر. وتؤمن الجزائر حاليا ما لا يقل عن 15 بالمائة من احتياجات الاتحاد الأوروبي من الغاز. ويتقاطع المشروع الجزائري لمد أوروبا بالغاز عبر نيجيريا والنيجر مع مشروع الأنبوب الأمريكي من ينبع عبر البحر الأحمر، مروراً بالسودان بعد تطويعها بالقوة ومنه لدول افريقية أخرى ستكون منها نيجيريا بالتأكيد وصولاً إلى سواحل الأطلنطي.

يبدو أن الجزائر لم ترتدع من تفجيرات 11 يوليو الماضي، بل أمعنت في استفزاز الولايات المتحدة بعقد هذا الاتفاق مع الإتحاد الأوروبي. والأخطر من هذا أنها استقبلت «محمود أحمدي نجاد» في 6/8 /2007 في زيارة استمرت يومين، رافقه فيها وزير الدفاع بالإضافة لوفد اقتصادي وسياسي. ودارت المحادثات حول العلاقات الاقتصادية الثنائية والتعاون في مجال الطاقة وخصوصا الغاز والوضع في الشرق الأوسط والتعاون في مكافحة «الإرهاب».

فلم يبق أمام الولايات المتحدة سوى الرئيس الجزائري. محاولة للاغتيال إذ لم تنجح، فالتهديد باغتياله قد يجعله يتروي في انطلاقته السريعة نحو أوروبا وروسيا وإيران. وبعد محاولة اغتيال بوتفليقة التي أدت لمقتل 22 وجرح 107 من المدنيين الذين كانوا يتجمعون في «باتنة» لاستقبال موكب الرئيس. قامت ماتسمى بالقاعدة مرة أخرى يوم 8 سبتمبر 2007 بتفجير سيارة مفخخة بثكنة للقوات البحرية بـ«دلس» بمنطقة بومرداس أودت بحياة 26 من الجنود وجرحت 60 مواطناً. وأعلنت القاعدة مسؤوليتها عن التفجيرين وأكدت أنها كانت تعتزم اغتيال بوتفليقة.

هذه الشراذم المسلحة المأجورة المختفية في الأحراش والغابات والجبال هي ما تسميه أمريكا «بالقاعدة»، أنهم مجموعة من العملاء في كل بلد، تجندهم المخابرات الأمريكية وتدفع لهم، وتستخدمهم في الوقت المناسب لتحقيق أغراضها ومصالحها، وتقوم هذه المجموعات بعمليات اختطاف متكررة بالجزائر واستعمال المختطفين وقوداً للقتل والدمار.

مايزال صراع الولايات المتحدة على أرباح ومكاسب النفط مستمراً. ولا تزال القوات الأمريكية تقوم بتدريباتها في عدد من الدول الأفريقية التي وافقت على المشروع الأمريكي تمهيداً لبناء قاعدة «أفريكوم» في نهاية سبتمبر 2008 ترى هل نصمت أكثر من هذا، وندفن رؤوسنا في الرمل؟؟

مايزال العراق يقاوم، وماتزال لبنان تقاوم، وماتزال فلسطين تقاوم، ولا تزال سورية تقاوم، وما تزال إيران تقاوم، وما تزال الجزائر تقاوم، وماتزال الولايات المتحدة عالقة في كل الأمكنة التى استهدفتها. فأين أنت يامصر؟

أمل زكي ــ كاتبة مصرية