«خلية» حزب الله و«السيادة المصرية المفتقدة»!

وجب علينا تذكير قادة النظام المصري وأجهزة إعلامه، وقادة الإخوان المسلمين في مصر، وبعض اليساريين المرتدين (رفعت السعيد نموذجاً)، أن البطل سليمان الحلبي قرر قتل الجنرال كليبر نائب نابليون، وكذلك الاستشهادي جول جمال دخل مصر في العام 1956 (وكلاهما من سورية) ليس بقصد انتهاك السيادة المصرية، بل دفاعاً عنها والتحاماً مع الشعب المصري ضد الوجود الأجنبي على أرض الكنانة.

يوم كانت مصر تؤمن بالمقاومة وتحتضن المقاومين من الجزائر والمغرب العربي ومن بلاد الشام كانت السيادة المصرية مصانةً والدور الإقليمي للقاهرة فاعلاً إلى أقصى الحدود، وهذا ما انعكس في صيغة التلاحم بين السيادة الرسمية والروح الوطنية العالية لعموم الشعب المصري.

.. لكن بعد مجيء السادات المبرمج، وإعلانه المفضوح الانتماء بنسبة 99% إلى المخطط الأمريكي في المنطقة، بدأت مصر بقيادتها الجديدة تفقد سيادتها الوطنية تدريجياً وصولاً إلى خروجها من معادلات القوة في المنطقة بعد اتفاقات كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني، ثم التحول من معين للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني إلى «رأس مخلب» في تنفيذ مخططات الإمبريالية الأمريكية والحركة الصهيونية في المنطقة.

.. وإذا كنا لم نتفاجأ بموقف النظام المصري وغيره من دول الاعتلال العربي إزاء اتهام المقاومة اللبنانية وحزب الله بالمغامرة مع بداية حرب تموز 2006، فإن موقف نظام مبارك من حرب الكيان الصهيوني على غزة والمشاركة المباشرة في حصارها فاق كل تصور حول خطورة دور هذا النظام على الشعب المصري العظيم أولاً، وعلى شعوب المنطقة ككل ثانياً.

إن ما حاول القيام به سامي شهاب ورفاقه من مصريين وعرب آخرين لم يكن بالمطلق موجهاً ضد السيادة المصرية، بل دفاعاً عنها، واستمراراً لتقاليد الشعب المصري في الدفاع عن الوطن والقضية الفلسطينية التي تتعرض اليوم لأخطر أنواع التصفية والمؤامرات تحت عناوين مختلفة، من التخلي عن حق العودة وصولاً إلى الصيغة الأمريكية حول ما يسمى بـ«حل الدولتين»!

..شرف عظيم، ليس فقط لسامي شهاب، بل لأي حزب أو أي مقاوم، أن يفكر بكيفية إيصال السلاح والعتاد وحتى الرجال إلى المقاومة الفلسطينية في غزة بعد أن حاصرها نظام مبارك الاستخباراتي التابع، وأغلق معبر رفح وهدم الأنفاق الموصلة إليها واعتقل العشرات من أبناء سيناء ورفح المصرية لمجرد الشبهة بأنهم يتعاونون مع المقاومة لوجستياً، وبناءً على معلومات استخباراتية- إسرائيلية.

.. من اللافت جداً هنا توقيت الحملة الإعلامية والحرب النفسية ضد حزب الله، ففي الوقت الذي صمدت فيه المقاومة اللبنانية وحررت أرضاً عجزت عن القيام بهذه المهمة جيوش عربية منذ عام 1967 وحتى اليوم، وفي الوقت الذي حققت فيه المقاومة الفلسطينية صموداً أسطورياً في غزة، أثبت خيار المقاومة الشعبية نفسه كخيار استراتيجي وحيد لتحرير الأرض العربية واستعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب العربي الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

ففي هذا المناخ ونهوض الشارع العربي ضد المخططات الإمبريالية- الصهيونية أراد نظام مبارك تقديم أوراق اعتماد جديدة لإدارة باراك أوباما عبر البدء بحرب مكشوفة ضد المقاومة وتشويه صورتها وسمعتها في نظر الشعب المصري، وانتقاماً منها لكشفها عورة النظام الرسمي العربي وعلى رأسه نظام مبارك.

إن المقاومة في لبنان وفلسطين وفي العراق (المقاومة الحقيقية) أثبتت وطنيتها في الميدان وعلى أرض الوطن بدماء آلاف الشهداء والجرحى والمنجزات الملموسة، واكتسبت تعاطفاً شعبياً على المستويين الإقليمي والدولي، لذلك فإن محاولات وصمها بالتبعية لهذا النظام أو ذاك في المنطقة لا تنتقص من شرف المواجهة والإرادة السياسية التي اضطلعت بها فصائل المقاومة ضد الاحتلالين الصهيوني والأمريكي.

ويكفي نظام مبارك عاراً أن شمعون بيرس انتصر له في «معركته» ضد حزب الله قائلا: «إن إيران تحمل مشروعاً كولونيالياً للعالم العربي بصفتها أقلية قومية ومذهبية. إن هذا الأمر يعزز المصالح المشتركة العربية- الإسرائيلية في مواجهة إيران»!

إن مصداقية وقوة ووطنية أية مقاومة تتأتى من استمرارية المواجهة ضد الاحتلال، ومن التفاف شعبها وشعوب المنطقة حولها. وبناءً عليه فإن المعركة التي اختلقها نظام مبارك حول «خلية حزب الله» ستقوي المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، وفي الوقت ذاته فإنه لا سيادة لمصر في ظل قيادة مبارك الذي تحول إلى خائن لتقاليد الشعب المصري العظيم.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الأحد, 31 تموز/يوليو 2016 21:54