دالاس دارلينغ/  ترجمة: د. عبدالوهاب رشيد دالاس دارلينغ/ ترجمة: د. عبدالوهاب رشيد

إذا كذب اوباما.. فهل سيموت الآلاف أيضاً؟

«ليس فقط سأنهي الحرب الدائرة في مختلف أنحاء العالم، بل أيضاً عقلية الحكومة القائمة على الخوف والتخويف، لأنها ليست عقلية جيدة تحتذى». (السيناتور باراك اوباما، أمام مركز المصارف ألأمريكية، 21 فبراير/ شباط 2008)

بعد سنوات عديدة من الحروب المدمرة والتورط في عدد من الحملات العسكرية في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، صار واضحاً الآن ماذا كان يقصد المتظاهرون أيام بوش بلافتاتهم وقد كتب عليها: «كذب بوش.. آلاف سيموتون». وفي بريطانيا كانت اللافتات تقول: «كذب بلير.. آلاف سيموتون». هذا القول يوضح، بالطبع، كيف أن بوش وبلير تلاعبا بمعلومات مخابراتية وبالأدلّة المقدمة لإشعال الحرب ضد العراق، وبذلك شهد العام 2003 إثارة الصراع بقيادة الولايات المتحدة ومقتل آلاف العراقيين والجنود الأمريكيين والبريطانيين.

وكما يخطط أوباما لإطلاق الميزانية الجديدة، فقد يكون شعار «كذب بوش.. آلاف سيقتلون»، مناسباً ومطابقاً جداً في هذه الحالة.. سيطلب اوباما 320 بليون دولار لتمويل تكاليف السنتين القادمتين في كل من العراق وأفغانستان. وستكون ميزانية وزارة الدفاع 549 بليون دولار. في حين، ومقابل وعد تخفيض الصواريخ النووية، سيطلب أكثر من سبعة بلايين دولار للأنشطة المتعلقة بأبحات الأسلحة النووية، وبزيادة قدرها 624 مليون دولار. وعند إضافة ميزانيات وكالة الاستخبارات (سي آي إيه) مركز (راند) للأبحاث العسكرية، وخدمات قدامى المحاربين، العمليات السرية، والأمن الداخلي، يصل مبلغ الإنفاق الكلي على الأنشطة العسكرية إلى أكثر من تريليون دولار.

وبينما يخطط اوباما لتوجيه الدولارات لقطاعات مثل التعليم، العمل والبرامج الاجتماعية (ستحصل كافة الخدمات البشرية فقط على زيادة ضئيلة من الملايين الدولارية)، فسوف تخفض مخصصات وزارتي البيئة والطاقة.. وفي حين ينوي تجميد الإنفاق على الرعاية الطبية والضمان الاجتماعي- حيث سيؤذي غالبية المهددين اجتماعياً وزيادة حالة الخوف من المرضى وكبار السن- فكم من الأمريكيين سيموت ارتباطاً بنقص الأدوية والرعاية الصحية والعمالة الكاملة، وغيرها من الخدمات والحاجات الحيوية؟

في 21 فبراير 2008، وقبل بضعة أشهر من فوزه بالرئاسة، لم يقف السيناتور اوباما عند حد إدانته للحروب الأمريكية الدائرة في مختلف أنحاء العالم، والمبالغ التي تنفق على الحروب، بل كذلك ادعى أن العقلية الحكومية القائمة على الخوف والتخويف ليست مرشدة جيدة. قال بأنه تعب من رؤية الجنود الجرحى العائدين إلى الوطن، بخاصة هؤلاء الناس المصابين بصدمات عاطفية ونفسية، علاوة على من بترت أطرافهم. ذكر أن الشركات الخاصة والمتعاقدين في مجال الدفاع شكلت هدراً لبلايين الدولارات وجعلت العالم أقل أمناً.. تعهد بإعادة بناء الدبلوماسية، ليس فقط بالتحدث مع الأصدقاء، بل كذلك مع الأعداء..

بعد أن أكد لجمهور كبير في حملته الانتخابية «لم يحصل منذ وقت طويل، لكن التغيير قادم لا محالة.. وسوف نبعث جورج بوش عائداً إلى تكساس»، عندئذ قال اوباما: إن أول أمر سيصدره سينصب على خلق اقتصاد عادل، الاستثمار في البنية التحتية لأمريكا، وضمان أن كل أمريكي سيحصل على تغطية كافية للرعاية الصحية والوظيفية. ووفقاً له، فمنذ دخل الاقتصاد في حالة فوضى، صارت زيادة الحد الأدنى للأجور غير جيدة بما فيه الكفاية. وأضاف: ينبغي تحقيق هذه الزيادة كل سنة لمواكبة التضخم.

لكن التجارة الاقتصادية صارت تتجه على خطى العسكرة بتدفق بلايين الدولارت للطائرت دون طيار، نظم الأسلحة والصواريخ المتطورة، الحوامات، طائرات النقل من أجل تسريع زيادات عديد القوات وحملاتها العسكرية، قوات خاصة وتغطية العمليات لفرق الاغتيالات، الطائرات النفاثة، وهي قاتلة في مشروع العسكرة، علاوة على أنها تقود إلى سحق العمال الفقراء الأكثر هشاشة في المجتمع. وفي الخارج ترد أقوال كثيرة بأن الإصابات بين المدنيين ستتصاعد في أفغانستان هذا العام (2010). كما أن استمرار الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار والغارات عبر الحدود، أحدثت دماراً في باكستان.

الحشد البحري مؤخراً في الخليج العربي من اوباما والبنتاغون، لن يؤدي إلا إلى زيادة التوتر مع إيران والمزيد من المصاعب للأمريكيين. فعندما يتعلق الأمر بإنفاق الأموال والموارد على النزعة العسكرية والحرب، عندئذ يكون جلياً أن حكومة الولايات المتحدة قلّما تعلمت أن تقوم بالمفاوضات بعيداً عن عقلية الخوف والتخويف بدلاً من المفاوضات السلمية. هذا النوع من التفكير الايديولوجي سيكون قاتلاً وسيقود إلى المزيد من الإفقار الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك قتل المزيد من عناصر القاعدة والطالبان والأفغان المدنيين وعلى نحو أكثر من أي وقت مضى..

لكن الكذب عند الكلام أو الممارسة، وبشكل مقصود لخداع الآخرين، قد يؤشر إلى أن العلّة أعمق بكثير مما هو ظاهر على السطح.. ربما وجد كلا اللاعبين نفسيهما رهينة في أيدي المؤسسات القوية (الصناعة/ المال والتصنيع الحربي) التي هي بعيدة عن الديمقراطية. كما أن ثقافتها لا تقتصر على مكافأة الأكاذيب، بل كذلك خداع النفس. عليه، ومنذ البداية، ألم تكن أمريكا سباقة لتوجيه اللوم إلى الآخرين وهي تتهيأ لشن الحروب وارتكاب الفظائع!؟

«أمريكا والأمريكيون .. إذا استمروا في الكذب.. كم آلفاً سيقتلون!؟»

آخر تعديل على الإثنين, 28 تشرين2/نوفمبر 2016 22:07