«شرق تموز».. «غرب التوتر» و«قباب» الصراع

...على العالم ودول المنطقة وشعوبها ألا تقلق، فالكيان الصهيوني «قرر» وأعلن على الملأ أنه في الحروب القادمة، خلافاً لعدوانه على غزة، «سيقلص من استهداف المدنيين بالفوسفور الأبيض»(!!)..

«طمأنة» تغلف «تهويلاً»، رافقه حديث ترهيبي عن استهداف المناطق الآهلة لبنانياً بعد نشر صور وخرائط عن سلاح ومراكز حزب الله المنتشرة في لبنان، ووازتها «طمأنة» أخرى يشكك حتى «الإسرائيليون» بجديتها وجدواها تتحدث عن نشر «القبة الفولاذية» المضادة للصواريخ قصيرة المدى، كتهويل آخر عن قوة جيش ثبت عجزه، وبالتالي يخشى تهوره.

وبينما يتوالى هذا كله على الجبهة الفلسطينية برفع وتيرة التصعيد العدواني الإسرائيلي ميدانياً في الضفة والقطاع مع مواصلة الاستيطان وتهويد القدس، تتواصل محاولات تنفيذ سيناريو لا يقل خطورة على الجبهتين اللبنانية- السورية من خلال متابعة إطلاق «التسريبات» بخصوص «اتهامات» المحكمة الدولية المتعلقة باغتيال الحريري وتحديداً باتجاه حزب الله(!) والغاية في حدها الأدنى تتمثل في سرقة احتفالات المقاومة والشعب اللبناني بانتصار تموز، والأعلى دق أسفين في علاقة تحالف المقاومة السوري اللبناني. ويبدو أن الأداة أو الوسيلة تتمثل فيما يجري تسريبه من توجيه الاتهام لعناصر «غير منضبطة» في حزب الله، الذي سيرفض التهمة جملة وتفصيلاً وعلى أي مستوى كان، الأمر الذي سيدخله في سجال مع خصومه السياسيين ويُدخل لبنان في نزاع سياسي جديد لن ترضاه سورية بالطبع بسبب انعكاساته داخل لبنان وعلى تخومها، لتتوسط في مسعى لاحتواء أي تصعيد بين تيار المستقبل، مثلاً، والمقاومة، والخروج بتسوية توافقية ما. غير أن ذلك لن يكون ملزماً للمحكمة الدولية التي ستواصل بدفع من الأطراف المستفيدة، من إعادة تأجيج الوضع الداخلي في لبنان، سلسلة اتهاماتها بالمستوى والشكل اللذين «يضمنان» لهؤلاء تلطيخ سمعة حزب الله ولو على مستوى منخفض، وفرض «تباين» في المصالح والأدوار بين المقاومة وإحدى شريكتيها في النصر، دمشق، والعزف على وتر تفاعلات ذلك لدى الشريكة الثانية، طهران، ودائماً بهدف التشويش على الدور الإقليمي السوري المتنامي الذي كانت إحدى تجلياته مؤخراً اللقاءات اللبنانية التركية، والعراقية- العراقية، عبر البوابة السورية.

وإذا كانت سورية بحاجة وتبذل ما في وسعها لقيام حكومة عراقية غير مناوئة لها، حكومة تمثل أطياف الشعب العراقي برمتها وتعمل في الوقت ذاته لتحقيق شيء من استقرار العراق وأمن شعبه ضمن ظروف ومعطيات أكثر من صعبة ليس أقلها استمرار الاحتلال، فإن أصابع التفتيت والاضطراب والفتنة في العراق، أمريكية التوجيه والتوجه، صهيونية الأهداف، مازالت تمعن في غيها على حساب الدماء العراقية كمسوغ لبقاء التدخل العسكري الأمريكي، وطلب تعزيزه دولياً، كما جرى في تفجير السليمانية مؤخراً، أي تحديداً في شمال العراق والذي طالب قائد قوات الاحتلال الأمريكية رايموند أوديرنو بانتشار قوات «أممية» فيه «درءاً للفتنة».

إلى الشرق أكثر، يتواصل شد الحبال بين طهران وواشنطن، التي كشفت عن نواياها بعدم الخروج من أفغانستان المجاورة، رغم اتساع دائرة خسائرها العسكرية هناك، بالتوازي مع إرسال وزيري حربها وخارجيتها إلى سيؤول «للإعراب عن التضامن معها» في مواجهة كورية الديمقراطية، المتهمة هي الأخرى بتفجير بارجة كورية جنوبية بمن فيها، رغم كل المؤشرات التي تفيد أن الهجوم كان من تدبير واشنطن ذريعة للتصعيد مع بيونغ يانغ وابتزازها، وهو الأسلوب المتبع حتى مع روسيا، على تأرجح مواقفها، من خلال عودة التفجيرات فوق أراضيها وضد منشأتها مجدداً بهدف زعزعة استقرارها وليّ ذراعها أكثر فأكثر.

هذه اللوحة تؤكد أن القوى المعادية تعمل مع منطقتنا خصوصاً والشرق وعموماً كساحة صراع واحدة، في وقت تعمل فيه الشعوب وقوى المقاومة على إعادة رسم الخرائط لمصلحتها، ومصلحة تطورها واستقلالها الحقيقي واستقرارها. ولكن إذا ما كان معسكر قوى العدوان والهيمنة المأزوم والمتصدع لا يزال يغزل على تأجيج قوس التوتر في جزئه الشرقي، فإن الشرق العظيم يحتاج إلى «قبته» الخاصة المضادة، والتي يدخل في قوامها الالتفات لتحصين الجبهات الداخلية عبر إتباع سياسات تنموية، غير ليبرالية، وتحت أي مسمى، على أن تصب في مصلحة السواد الأعظم من الشعوب، فعلاً لا قولاً، بوصفهم أصحاب المصلحة الحقيقية في الدفاع عن الأوطان، وكذلك رفع وتيرة التنسيق إقليمياً ودولياً فيما بين هذه الدول والشعوب، أي بالمحصلة تعزيز مختلف القدرات الدفاعية- الهجومية بوصفها ضرورة، لكي يبقى تموز هو تموز الخصب، تموز التضحية، تموز المقاومة ويوسف العظمة، تموز الانتصار.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.