هل يحترق مشروع الإخوان في مصر؟

يعم العصيان المدني القاهرة وعدداً من محافظات مصر، وقد دعت لهذا العصيان عدد من قوى المعارضة في محافظة بور سعيد.

استجابت لهذا العصيان المحافظات الأخرى، واللافت فيه انطلاقه من محافظة بورسعيد العمالية وقيام قوى شعبية بالدعوى له، كما استجابت الكتل المعارضة له، و شاركت فيه كل من جبهة الإنقاذ وحركة كفاية وحركة السادس من إبريل، وهو ما يشيرإلى حالة جديدة تتشكل في الشارع المصري وتنضم إلى الحراك فيه.

تزامن هذا العصيان مع عدة أحداث جرت في الآونة الأخيرة، فمصر التي تحتضن المؤتمر المغلق لبعض قوى المعارضة السورية والتي يتم فيها مناقشة مبادرة الخطيب كخطوة على طريق الحل السياسي في سورية، تشهد أعمال عنف ضد القوى المعارضة فيها !!

طالبت هذه القوى وعلى رأسها جبهة الإنقاذ الرئيس مرسي بتشكيل حكومة وحدة وطنية كاملة الصلاحيات، حيث صرّح البرادعي أن لا حوار مع الحكومة قبل تشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة الصلاحيات إلا أن مرسي لم يستجب لمبادرة الجبهة.

الإخوان على نهج مبارك

 ضد إيران

في ظل الوضع السياسي القائم في مصر أطلقت الحكومة المصرية عدة تصريحات كان اللافت منها تصريح وزير الأوقاف المصري ضد زيارة الرئيس أحمدي نجاد للقاهرة حيث قال: «إن مصر مدينة مغلقة في وجه المد «الشيعي» ويجب ألا تأخذ زيارة أحمدي نجاد هذه الأهمية»، ويبدو أن هذه التصريحات تأتي في سياق محاولة نيل رضا الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن قامت حكومة مصر بإرسال وفد اقتصادي قام بتوقيع عدة عقود اقتصادية في طهران يشمل العديد من المجالات الاقتصادية، وتحضيراً لزيارة وفد مجلس الشيوخ الأمريكي لمصر في الأيام المقبلة خلال جولته في المنطقة.

تؤشر هذه الازدواجية في الموقف المصري إلى قضيتين، الأولى هي انخفاض دعم الولايات المتحدة لها نتيجة لتراجعها السياسي والاقتصادي عن كونها القطب الداعم بقوة للأنظمة التابعة مثل نظام الإخوان في مصر، والثانية الميل الانتهازي لهذه الأنظمة في ظل التراجع الأمريكي، حيث تحاول هذه الأنظمة الاستفادة من موقعها الإقليمي وذلك بالتبازر مع الأمريكان وأعدائهم في المنطقة، وهو مايضع أداءهم السياسي في موضع التناقض ويثير الكثير من إشارات الاستفهام حول هذا الأداء، كما أنه يظهر مضمونها الهش وبعدها عن المصداقية وخصوصاً أمام شعوبها.

البحث عن المدد

في هذه الأثناء وافق مجلس الشورى المصري على تعديلات، طلبت المحكمة الدستورية العليا إدخالها على مشروع تشريع خاص بمجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، تمهيداً للدعوة للانتخابات التي أُعلن أنها ستجري في نيسان المقبل.

كما ترافقت هذه التحضيرات مع مساعي الإخوان لإيجاد داعمين لهم من شريحة رجال الأعمال المحسوبين سابقاً على الرئيس مبارك، حيث صرح مرسي أنه مستعد لفتح مسارات التصالح مع رجال أعمال كانوا قد فروا من مصر بعد سقوط مبارك إثر إدانتهم بتهم الفساد وغسيل الأموال، وقال مرسي إن التصالح  يعني عودتهم إلى مصر وإلغاء أحكام السجن و أحكام تجميد الأموال الصادرة بحقهم.

كذلك أصدرت «الإدارة العليا» قراراً بإعادة الضباط الملتحين إلى رأس عملهم في الشرطة والأمن، بعد أن تم تجميد عملهم بسبب نسبهم إلى قوى سلفية، وقد جاء هذا القرار تأييداً لقرار محكمة القضاء الإداري ضد قرار محكمة الطعن.

تسلط هذه التحضيرات والإجراءات الضوء على بروز دور للإخوان في السلطة القضائية في مصر، حيث تسهم هذه الإجراءات في دعم حركات الإسلام السياسي في مصر، تحضيراً للانتخابات، وبالتالي يبدو أن الشارع المصري سيشهد صراعاً عنيفاً في المرحلة المقبلة، وقد يتولى تحالف قوى الإسلام السياسي اليميني عملية تقسيم الشارع المصري برعاية حكومية تطبيقاً لمبدأ (فرق تسد)، مما سيلقي على عاتق القوى الوطنية والشريفة في مصر مسؤوليات ضخمة وجدية لمواجهة الواقع الجديد.