ستيركوه ميقري ستيركوه ميقري

ثورة 25 يناير:تغيير في الشكل واستمرار في الجوهر

المتابع للأحداث الجارية في مصر خصوصاً بعد عملية العريش ـ كرم أبو سالم والتي بدأت في 5آب 2012  الماضي  ومازالت مستمرة حتى اللحظة، والتي  لم تكن عادية، سواءً في شكلها أو في ملابساتها، يحتار كثيراً في توصيفها وأهدافها ومن يقف وراءها، فهذه العملية المريبة التي شهدتها المنطقة الحدودية ، راح ضحيتها 16 جندياً مصرياً آنذاك، وكان من المستهجن حينها تعامل السلطات المصرية باستخفاف تجاهها خصوصاً بعد صدور الإنذارات «الإسرائيلية» قبل ثلاثة أيام من حدوثها  حيث طلبت  من السّياح  مغادرة المنطقة على الفور، وهو ما دفع بكثيرين إلى التساؤل حول سبب عدم اتخاذ أية إجراءات جدية للحيلولة دون وقوع هذه الكارثة !.

البحث عن الفاعل

تقول تقارير إعلامية بأن كبار عائلات البدو في سيناء قامت بتخزين أسلحة مهربة من ليبيا للرد على أي حملات أمنية موسعة قد تنفذها القوات المسلحة والتي قد تشمل تنفيذ حملات اعتقال جماعية في صفوفهم، وذلك على غرار ما حدث في العامين 2004 و2006، وهو أمر يتطلب من السلطات المصرية التركيز على الشق السياسي للحملة أكثر منه على الشق الأمني. من جهة ثانية، قد يواجه مرسي، المنتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، إحراجاً في استهداف الجماعات الإسلامية الناشطة في سيناء، خاصة أن أية حملة أمنية ضد هؤلاء سينظر إليها على أنها خدمة ل»إسرائيل»، أما الوجه الآخر للإرباك فيتمثل في أن أحداً حتى الآن لا يستطيع تحديد هوية مرتكبي هذا الهجوم الدامي ، وهو ما أطلق العنان لسيل من التحليلات تراوحت بين الحديث عن مجموعات تكفيرية تسعى لفرض أجندتها على المنطقة، وبين الحديث عن دور «إسرائيلي» مشبوه يستهدف الإيقاع بين مصر وغزة من جهة لمنع إعادة فتح معبر رفح والاستمرار في سياسة تدمير الأنفاق على طرفي الحدود.

 

« بن لادن سيناء»

أدانت السلطات المصرية 5 متهمين من الموقوفين خلال حملات الجيش بشمال سيناء الذين قبض عليهم ، ولعل أبرزهم الملقب بـ»بن لادن سيناء»، وذلك لانتمائهم إلى جماعات جهادية وضلوعهم في ارتكاب أعمال إرهابية، كما وصفوا بأنهم من قيادات التنظيمات الجهادية فيها.

والمريب في هذا السياق، تأكيد عضو الهيئة العليا بحزب الحرية والعدالة ، استنكاره أن تستهدف الحملة الأمنية بريئين كل جريمتهم أنهم متدينون، وكأنهم معصومون عن الخطأ، كما أوضح أن «المعلومات التي وصلت إلينا تتلخص بأن الستة الذين تم القبض عليهم من أهالي رفح ممن يعملون ضمن لجان القضاء الشرعي وأن بعضهم تجاوز عمره 73 عاماً وآخر 65 عاماً، وليس لهم أي علاقة بحادث الاعتداء على أبنائنا من القوات المسلحة».

واللافت في الموضوع أن الإجراءات المتخذة من السلطات المصرية مازالت دون المستوى المطلوب بعد الهجوم المسلح على دورية مصرية في العريش ذهب ضحيتها ثلاثة من أمناء الشرطة وجرح ثلاثة آخرين ،فأضرب زملاؤهم عن العمل متهمين السلطات المصرية بعدم تسليحهم جيداً وتهاون محافظ سيناء والمسؤولين عن الأمن فيها.

 

الوظيفة المطلوبة

وقد ركز «أحد الباحثين المصريين المختص في شؤون القاعدة، على ملامح التيارات التكفيرية في سيناء، حيث  أشار إلى أن الجماعات التكفيرية التقليدية الموجودة في هذه المنطقة ، تعتمد في فكرها على القاعدة التكفيرية الشهيرة، « من لم يُكفر الكافر فهو كافر».

وأضاف أن سيناء أصبحت بها العديد من الجماعات التكفيرية، التي يتلقى مُعظمها تمويلاً من جماعات خارجية ، وأن هذه الجماعات لا ترى غضاضة في استهداف المدنيين، كونهم أبناء مجتمع كافر لا يُقيم حدود الله  من وجهة نظرهم ، مُستشهداً في ذلك بما تسبب في إثارة الفزع بمناطق مختلفة بالعريش، خلال الفترة الماضية، بعد تعدي تلك الجماعات على بعض المواطنين وأصحاب المحال، لذلك لا يحظى أبناء هذه الجماعات بأى تعاطُف من أبناء سيناء، مما يترتب عليه انتشار هذه الجماعات في المنطقة الحدودية خارج المدن، حيث يمتلكون أسلحة.

 

حكامنا بتوع ربنا

أحد الصحفيين المصريين يتساءل عما يجري من أحداث في البلد قائلاً: «وهكذا نستطيع أن نبلع التنسيق مع «إسرائيل» والتعاون الاستخباري معها، وقبول بعثة تحقيق أمريكية في أحداث مدينة نصر، على أساس أن حكامنا بتوع ربنا، لكن النظام السابق الذي فعل نفس الشيء وبصــــورة أقل فجــــاجة ممــــا يحدث الآن، اتهم بالعمالة لأنه بتاع ابليس ومش بتاع ربنا، حرام النظام السابق صار حلالاً لنــــظام بتوع ربنا، وهذه هي الاستراتيجية الأمريكية العبـــقرية، استراتيجية رفع المصاحف على أسطح دبابات وطائرات الاحتلال، وإعطاء قيادة المارينز لذوي اللحى والجلاليب ليصبح الاحتلال دينياً والاغتصاب شرعياً والتقسيم والتفكيك حلاً حلالاً، وآدي الحكاية من طق طق لسلامو عليكم، ومن العريش إلى ميدان التحريش ».

 

 «إقامة حكم الله»

ويبدو أن القيادة الإخوانية في مصر تسعى للاستفادة من  الوضع المتأزم في مصر عموماً وسيناء خصوصاً  وذلك من خلال وضع الشعب المصري أمام خيارين فإما تطرف السلفيين أو القبول باعتدال الإخوان!! وفي هذا السياق أيضاً تندرج دعوات لمظاهرة المليونية تحت شعار « إقامة حكم الله » والتي دعا إليها بعض السلفيين ومن ثم قاطعتها حركة الإخوان ومجموعات سلفية أخرى تدعي الاعتدال.

وهكذا يمكننا الحديث أن ما سميت بـ«ثورة 25/يناير»، قد أفرغت من معناها حيث تم تغيير في الوجوه مع بقاء جوهر النظام السابق على ما كان عليه سابقاً ليأتي الإخوانيون «بتاع ربنا »ليثبتوا كل موبقات النظام السابق وإجرامه بحق الشعب المصري، وهاهم قد أبقوا على التزام مصر باتفاقية « كامب ديفيد »التي أعادت سيناء لمصر منقوصة السيادة، بعدما عاد السفير المصري إلى عمله مزوداً برسالة المودة التي أرسلها الرئيس المصري لرئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز ، وحافظوا على علاقاتهم الذليلة مع أمريكا واتباع وصفات البنك وصندوق النقد الدوليين، و يمكن أن نعتبر أن كل ماجرى ويجري ليس إلا تطبيقاً للمثل المصري القائل:«يا ريتك يابوزيد ما غزيت».