تكرار السياسات = النتائج ذاتها
سعد خطّار سعد خطّار

تكرار السياسات = النتائج ذاتها

لدى خروجه ضد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وكذلك ضد الرئيس السابق، محمد مرسي، كان الشعب المصري قد وصل إلى مرحلة القطيعة مع السياسات التي ورثها مبارك عن السادات، واستكملها مرسي عن مبارك بلبوس آخر وبجوهر واحد.

حاله حال المجتمعات كلها، يتحدد مستوى الرضى الشعبي المصري من خلال حضوره على الجبهات الأساسية، الاقتصادية- الاجتماعية والوطنية، وإن كان الاحتقان الشعبي في مصر، اقتصادياً واجتماعياً، قد وصل إلى مستوياته القصوى، كنتيجة للسياسات الليبرالية الجديدة التي جثمت على كاهل الشعب المصري لما يزيد عن أربعة عقود، دخل خلالها ملايين المواطنين في الفقر المدقع الذي لم يكن له من سبيل إلاّ الانفجار في وجه مبارك، واستكمال هذا الانفجار في الوقوف ضد «الشكل الإخواني» لمضمون السياسات السابقة ذاتها، فقد أضيف إلى ذلك تصاعد الاحتقان ضد سياسات التنازل التي حاولت تغييب مصر عن وزنها النوعي في المنطقة وعملت على إلحاقها ذيلياً بقوى إقليمية أخرى، ولجم دورها الفاعل في مواجهة العدو الصهيوني.

القطع النهائي.. استحقاق وطني

بالتالي، فإن ملاقاة حركة الشارع المصري تتطلب اليوم قطعاً نهائياً مع السياسات التي أدت إلى ثورتي 25 يناير و30 يونيو. وأي استمرار لتلك السياسات، فإن نهاياته المنطقية ستصل حتماً، بشكل موضوعي، إلى انفجار الشارع المصري في وجه هذه السياسات مجدداً، أو ما هو أسوأ، والمتمثل في خلق الثغرات التي تسمح بإدخال مشروع الفوضى إلى الداخل المصري، الذي إذا ما شهد هذا النوع من الفوضى فإن انعكاساته لن تنحصر في مصر، بل ستتعداها لتؤثر على العديد من الدول الأخرى في المنطقة.

ومن العوامل التي ساهمت حديثاً في ارتفاع موجة الاحتقان الشعبي المصري، برزت قضية جزيرتي تيران وصنافير، التي وإن كنا لسنا في صدد البحث في التفاصيل التقنية للموضوع، فإن الشكل التي خرجت به الاتفاقية المصرية- السعودية، هو بمثابة شحن مكثف للشارع المصري الذي رفض بغالبيته ما اعتبره خطوة في الطريق الخاطئ، الذي كانت إحدى محطاته اللاحقة الخطاب الرسمي الأخير الذي حمل دفاعاً غير مبرر عن اتفاقية «كامب ديفيد»، وإشارات «إيجابية» نحو حكومة الكيان، والحديث عن زيارة مرتقبة له، وتبنٍ معلن لـ«حلول» للقضية الفلسطينية تستند إلى منطق المرحلة التي كانت تتزعم فيها الولايات المتحدة دول العالم قاطبة.

هل تتحمل مصر؟

نتيجة لسياسات العقود الماضية في مصر، والانفتاح الاقتصادي، وتدمير القطاع العام، نشأت امبراطوريات للفساد داخل جهاز الدولة، وأصبحت هناك قوى تتحكم في مصير البلاد، لم يستطع أحد الوقوف في وجهها جدياً. حتى جاءت موجات الحركة الشعبية، لتفرز القوى الوطنية في الدولة المصرية، وتعطيها زخماً ثورياً. إلا أن تغيير النظام الاقتصادي- الاجتماعي اصطدم بحاجز رئيسي، هو قوى المال والفساد، وبمعادلها السياسي: الفلول وامتداداتها المستمرة، وجرت محاولات لتمييع الحراك الثوري، ودأب الفلول مراراً وتكراراً على نسب ثورة 30 حزيران لهم.

هل ستتحمل مصر هذا الضغط  كله؟ تقف أرض الكنانة أمام خيارين، إما أن تتجه الأمور صوب الانفجار، أو أن معركة كسر العظام ستنتهي لمصلحة الشعب المصري وجهاز دولته. وبذلك، تكون مصر قد أنجزت جزءاً من العملية الثورية، التي لا بد أن تكون نموذجاً وطنياً استقلالياً استند إلى موازين القوى ليغير بنيته بما يخدم مصالح الأكثرية الساحقة.