حركة اليسار المصري المقاوم: الثورة.. الأخطار.. الأهداف

عبّرت ثورة 25 يناير المجيدة عن مخزون هائل من غضب عشرات الملايين من الكادحين والوطنيين على مدى سنوات طويلة مضت، شهدت البلاد فيها أوسع حركة اضرابية واحتجاجية عمالية وفلاحية، ومن فئات المثقفين والمهنيين والموظفين وأساتذة الجامعات والقضاة... الخ، وجماعات سياسية مستقلة.

لقد أنتج ذلك الغضب بالتراكم اشتداداً للصراع الطبقي الذي أفضى إلى حالة ثورية نتيجة لسياسات الطبقة الرأسمالية المتوحشة واللصوصية والاجرامية الغاصبة للثروة والسلطة، والتي أوصلت البلاد إلى أزمة شاملة تجلت على المستوى الوطني في الارتماء في أحضان الولايات المتحدة الأمريكية بما أفسح الطريق أمام الصلح المشين مع العدو الصهيوني، وهو ما أدى إلى اضمحلال السيادة والاستقلال الوطني والقرار السياسي المستقل، وفقدان مصر لدورها القيادي العربي والدولي، وتصاحب ذلك مع التخلي عن خط التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية وفتح البلاد أمام رأس المال الامبريالي والخضوع للمؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد والبنك الدوليين) بما أطلق العنان لرأسمالية تابعة فاقدة لروح الانتماء الوطني، دمرت الاقتصاد وباعت ونهبت الأصول المملوكة للدولة حيث جرت تصفية معظمها وإلحاق دمار هائل بالصناعة والزراعة. وبالنتيجة تم كنس الحقوق الاجتماعية للغالبية الساحقة من الشعب، خصوصاً الطبقة العاملة وفقراء الفلاحين. وتفاقمت البطالة وتم طرد مئات ألوف الفلاحين من الأرض. وفي ظل التبعية الاقتصادية والهيمنة الاقتصادية الخارجية تعمق الفقر والتفاوت الطبقي غير المسبوق، حيث وصل أكثر من نصف سكان البلاد إلى ما تحت خط الفقر. وتم إلغاء واقعي لمجانية التعليم والعلاج والتأمينات الاجتماعية، والانتقال من الاقتصاد المنتج إلى الاقتصاد الريعي والطفيلي. ولم يكن ذلك ممكناً سوى بالتلازم مع فساد لا مثيل له، وتوحش في نهب وتجريف ثروات البلاد بكل الأساليب والوسائل غير المشروعة وتهريبها للخارج.

وامتد التخريب إلى المنظومة القيمية والأخلاقية وتزييف الوعي وتسطيح الفكر والعمل على طمس الهوية وروح الانتماء الوطني، باستخدام أجهزة إعلامية وثقافية هائلة. وركز التخريب على الحياة السياسية التي تم تجريفها باستخدام القمع والاختراق البوليسي، وتزييف الانتخابات واتخاذها سبيلاً إلى احتواء الأحزاب والنفاذ إليها عبر الصفقات الانتخابية، وخلط «البزنس» بالسياسة واستخدام قوة المال على أوسع نطاق، وصولاً إلى حظر الأحزاب على أساس طبقي حيث الهدف منه حرمان الطبقة العاملة والفلاحين من منابرهم السياسية، وتعميق التجريف بفتح الباب أمام التمويل الأجنبي لتنخرط فيه دوائر واسعة من السياسيين (اليساريين على وجه الخصوص) تحت شعارات حقوق الانسان والمجتمع المدني والديمقراطية على أجندات خارجية.

لم يكن ممكناً تمرير واستمرار تلك السياسات والأوضاع الناجمة عنها سوى باستبداد يفوق الوصف، وقبضة أمنية شديدة القسوة، وبناء قوة أمنية جرارة في إطار وزارة الداخلية وأجهزتها خصوصاً مباحث أمن الدولة وقوات الأمن المركزي. وفي ظل كل ذلك طفت إلى السطح مأساة تأبيد السلطة للرئيس المخلوع وتوريثها لابنه.

أنتجت الأزمة بكل جوانبها بيئة حاضنة لبروز التيارات الدينية المتعصبة والتكفيرية وتوسيع نفوذها نتيجة للحالة المزرية للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية والوطنية، حيث استفادت الطبقة الحاكمة من هذه التيارات لطمس الصراع الطبقي والوطني وافتعال صراع ديني ومذهبي لا أساس له.

لقد تفجرت الثورة لتثبت أن الأزمة الشاملة الخانقة وكل ممارسات النظام لم تؤد إلى هزيمة عشرات الملايين من كادحي وشباب الشعب المصري. ولم توهن عزيمتهم.

الثورة في بدايتها.. الثورة في خطر

لا تزال الثورة في بداياتها. الثورة تعني التغيير الجذري الشامل لكل جوانب الحياة  السياسية– الوطنية، الاجتماعية– الاقتصادية، الديمقراطية. وحيث أن كل عناصر وجوانب الحياة المصرية قد طالها التخريب، فإن الثورة تعني هدم البناء القديم، وإقامة البناء الجديد على أسس ثورية.

تم فعلاً– حتى الآن– هدم بعض عناصر النظام القديم، وأهمها طرد رئيس الجمهورية، والإطاحة بحكومة أحمد شفيق، وحل جهاز مباحث أمن الدولة، والقبض على بعض رموز النظام وإحالتهم إلى التحقيق والتحفظ على أموالهم، والتحقيق والتحفظ على أموال آخرين. لكن النظام لم يسقط بعد. فما جرى هو التعامل مع الجزء الظاهر من جبل الجليد العائم.

بل لقد كانت التعديلات الدستورية التي جرى الاستفتاء عليها، وإصدار قانون الأحزاب الجديد، والإعلان الدستوري الذي صدر مؤخراً لا تمثل جميعها سوى مجرد تحسينات للنظام القديم، لا ترقي إلى مستوى الاستحقاقات التي طرحتها الثورة، ولا تتناسب إطلاقاً مع مقدار الدماء التي بذلها الشهداء والجرحى، الذين قدموا التضحيات من أجل ثورة حقيقية تستهدف تغييرات جذرية وشاملة، ولا مع النضالات المديدة التي خاضها الشعب تحت أقسى الظروف.

الثورة  تواجه خطراً شديداً، والقوى المضادة لها لا تزال تعشش في كل مفاصل المجتمع وفي كل ركن من البلاد، بل والحكومة ذاتها التي يفترض أنها حكومة الثورة. وقد بدأت محاولات الاغتيال والاجهاض والاحتواء منذ أيامها الأولى باستخدام القوة الخشنة والناعمة على السواء. ولعل أخطر ما في المشهد الآن هو ادعاء كثير من القوى المضادة للثورة بأنهم ثوريون، وبدء عملية انقضاض مريعة على الثورة. وتلك النداءات التي بدأت لاجراء ما يسمى «مصالحة وطنية». ولا يدري أحد كيف تتم مصالحة بين القاتل والمقتول، بين السارق وصاحب الحق، بين الوطني والخائن!!!

وإذا كانت «المصالحة» هي آخر صيحة أطلقتها القوى المضادة للثورة بهدف إجهاضها، فإن أخطاراً أخرى ماثلة بوضوح.

الخطر الأول هو محاولة تقزيم أهداف الثورة، وحصرها في مطالب الحريات السياسية فقط، عبر الترويج للأفكار الليبرالية السياسية، رغم أن الليبرالية في الأصل تعني الليبرالية الاقتصادية، أي الحرية الاقتصادية التي تسمى «الاقتصاد الحر» أي الرأسمالية التي تطبق في مصر حالياً، والتي أنتجت كل الويلات والمعاناة التي نعيشها، وحيث يستحيل الحصول على حريات سياسية حقيقية  في حين تتركز الثروة في أيدي الطبقة الرأسمالية المتوحشة. ولذلك فإن القصد من الترويج لهذا الوهم هو تثبيت مقومات النظام الرأسمالي التابع القائم. في حين أن الجماهير الشعبية التي خرجت بالملايين إلى الفعل الثوري في كل ميادين وشوارع المدن المصرية تمثلت مطالبهم وأهدافهم الثورية في الوطني– القومي، والطبقي الاجتماعي– الاقتصادي، والديمقراطي. وهكذا فإن أهداف ومطالب قوى الفعل الثوري تعكس وبعمق الحالة الثورية واستحقاقاتها دون تقزيم واجتزاء. في حين كان هدف النخب السياسية الهبوط بسقف الثورة  إلى المستوى الذي يضمن لهم فقط اقتسام «كعكة الوطن»، وبقاء الأمور على ما هي عليه قبل الثورة.

الخطر الثاني الذي يعزز الخطر الأول، هو جعل المرحلة الانتقالية قصيرة إلى أدنى مستوى، تجري بعدها انتخابات سوف تسفر بالقطع عن مجلسي شعب وشورى أكثر سوءاً مما سبقهما، وحيث يتم إعداد دستور جديد في إطار هذه المعطيات. أي إجهاض الثورة لمصلحة الطبقة الرأسمالية المتوحشة، متمثلة في بقايا الحزب الحاكم سابقاً، وجماعات أخرى مختلفة. أي القوى الجاهزة بقوة المال وبالتنظيم وبالدعم الخارجي والخليجي، وذلك قبل أن تتمكن قوى الثورة من لملمة نفسها بعد كل ما عانته في العقود السابقة. وهو ما يكشف عن التحالف الموضوعي بين مكونات الطبقة الرأسمالية بصرف النظر عن صراعاتهم حول الثروة والسلطة، ولكن في إطار الحفاظ على النظام الرأسمالي المتوحش.

الخطر الثالث يتمثل في الدولة الدينية التي يسعى تيار الاسلام السياسي إلى إقامتها، سواء بالإعلان الصريح عن ذلك من قبل بعض الفرق، أو بالتمويه والخداع والمراوغه من قبل فرق أخرى تدعي قبولها للدولة المدنية فقط كجواز مرور إلى الحكم ثم فرض الدولة الدينية.

هكذا تتضح أهم الأخطار على الثورة. كما تتضح قوى الثورة المضادة الظاهرة والخفية، الواضحة والمراوغة  التي ينبغي على الثوار التصدي لهم وافشال مخططاتهم.

أهدافنا

أن أهدافنا تنطلق من ضرورة بناء مشروع نهضوي مبني على استراتيجية مؤداها الدولة المدنية والتحرر الوطني والاشتراكية التي تعني العدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقة أي أن تكون كل الثروة وكل السلطة للشعب، والتي تقيم نظاماً منتجاً متطوراً متقدماً علمياً وتكنولوجياً وثقافياً يلبي كل الحاجات المادية والروحية للشعب وتحرره من أشكال الاستغلال والفقر، مع النضال من أجل وحدة عربية تقوم على أسس ديمقراطية وطوعية وتراعي التنوع القومي والثقافي والديني والمذهبي. كل ذلك لا تتهيأ له فرص التحقق سوى ببناء القوة العسكرية التي تصونه. فالحق لابد له من قوة تحميه.

لقد ظلت بلادنا طوال ما يقارب أربعين عاماً تسير دون  إستراتيجية، وهو ما يتنافى مع طبيعة الدولة الحديثة. وتركز الاهتمام بشكل متصاعد على نهب ثروات البلاد وتخريب كل مناحي الحياة، واحتماء مبارك وطبقته الرأسمالية المتوحشة بحليفهم الصهيو– أمريكي، وأجهزة قمع بوليسي جرارة.

إن الخطوط العامة لاستراتيجية الدولة المصرية لابد أن يتاح الوقت الكافي لإعدادها، لأنها الحاملة لمستقبل البلاد ومشروعها النهضوي، وعلى أساسها يصاغ الدستور الجديد الذي يحدد العلاقات في المجتمع.

المرحلة الانتقالية اللازمة

للنهوض بهذه المسؤولية الجسيمة فإن المرحلة الانتقالية لابد أن تكون كافية لدراسة جبال المشاكل والتعقيدات المتراكمة وتحديد الأولويات العاجلة وتقدير الإمكانيات المطلوبة، وحشد الإمكانيات والخبرات الوطنية لصياغتها. ذلك أن الاستعجال الذي يبديه «الإخوان المسلمون» وبقايا الحزب الحاكم سابقاً ومن لف لفهم بحجة ضرورة عودة القوات المسلحة إلى الحدود إنما يستهدف أن تتم الانتخابات في عجالة بما يعود على هذه الأطراف بالكسب. لكن الكامن وبصرف النظر عن أي ادعاء بحسن النوايا، هو في الحفاظ على النظام القديم وإعادة اقتسام الغنائم.

الجوهري الذي ينبغي الانتباه إليه في هذا الظرف التاريخي، هو أن شرعية زائفة قد سقطت، وأن شرعية ثورية جديدة قد قامت. وقد عبرت جماهير الفعل الثوري منذ اللحظات الأولى عن ثقتها بالقوات المسلحة، واستدعت ذاكرتها التاريخية مدركة للعلاقة بين الشعب وجيشه كشركاء في اللحظات المفصلية في تاريخ الوطن، وهو ما دفع القوات المسلحة إلى اختبار هذه العلاقة مجدداً.

إن الظرف الراهن يلقي على عاتق المجلس الأعلى للقوات المسلحة مسؤولية جسيمة في إيصال البلاد إلى شاطئ الأمان بعد المرحلة الانتقالية الكافية واللازمة لذلك، وعدم الاستجابة للقوى الرامية إلى إجهاض الثورة، وهو ما يتطلب التزامه بأهداف استكمال مهام الثورة وبناء النهضة الشاملة، وفاء بما قطعه على نفسه منذ البداية من أنه ضامن لأهداف الثورة، منطلقاً من تأييد جماهير الثوار حينما رددت «الجيش والشعب يد واحدة»، وهو ما يعني أنه شريك في المسؤولية.

كما يلقي الظرف الراهن أيضاً وبالمقابل مسؤولية مماثلة على جماهير الثورة إزاء الاستحقاقات الهائلة، بأن تظل في حالة تعبئة ويقظة في مواجهة القوى المضادة للثورة، والحفاظ على قوة الدفع الهائلة للفعل الثوري.

في هذه المرحلة الانتقالية يجب البدء في ارساء سياسات «وطنية– قومية، اجتماعية– اقتصادية، ديمقراطية» باعتبار هذه المكونات الثلاثة سبيكة واحدة لا تقبل التجزئة، وتهيئ شروط إعداد إستراتيجية مشروع النهضة على أسس ثابتة، ونتطرق إلى هذه الجوانب باختصار شديد.

وطنياً

عودة البلاد إلى سياسة وطنية مستقلة وعلاقات دولية متكافئة ترفض الاملاءات من أي نوع، وعودة البلاد إلى دورها العربي والافريقي والإسلامي بما يحقق المصالح المشتركة، ودرء المخاطر الماثلة (مياه النيل نموذجاً) والانحياز إلى المقاومة  العربية ومساندتها، وإلى قوى التحرر العالمية  بما يعيدها إلى دورها العالمي، واستئناف العلاقات القوية التاريخية مع بلدان آسيا وأمريكا اللاتينية، وإنهاء علاقات التبعية للولايات المتحدة والغرب الامبريالي. وفي السياق ذاته فإن الأمر يتطلب إلغاء تعاقد تصدير الغاز المصري إلى العدو الصهيوني، وكذا اتفاقية الكويز، وما شابههما من اتفاقيات. وفتح معبر رفح بشكل دائم، وانجاز مصالحة فلسطينية على قاعدة حق مقاومة الاحتلال، ورفض المعونة الأمريكية التي تقررت كثمن لاتفاقيات الصلح مع العدو. والأهم هو نشر اتفاقيات الصلح مع العدو الصهيوني ببنودها العلنية والسرية، وطرحها لاستفتاء شعبي لتحديد الموقف منها بإرادة شعبية.

اجتماعياً– اقتصادياً

اعتماد سياسة اجتماعية– اقتصادية تقوم على خطط تنمية شاملة وملزمة ومعتمدة أساساً على الذات، تحقق التحديث والتطوير لحياة المجتمع واشباع حاجاته المادية والروحية، وتطوير الصناعة والزراعة والثقافة والتعليم والبحث العلمي، وتقضي على التفاوت الطبقي والخلل الاجتماعي الهائل، وتحقق العدالة الاجتماعية بتوزيع عادل للثروة الوطنية، وتعود إلى الاقتصاد المنتج وتجاوز الاقتصاد الريعي القائم وتحقق إشباعاً لحاجات الجماهير من الخدمات والحقوق الاجتماعية.

إن الانطلاق إلى هذه السياسة يتحقق بالوقف الفوري للخصخصة وتطوير القطاع العام والعمل على استرداد ما تم تبديده والتفريط فيه عبر السرقة والنهب والصفقات غير المتكافئة، واسترداد الثروات المنهوبة التي تم تهريبها إلى خارج البلاد ومصادرة ممتلكات النهابين التي حصلوا عليها غصباً من دم وعرق الشعب وثروات البلاد، ووقف بيع الأرض لغير المصريين، وإتباع سياسة زراعية تحقق الاكتفاء الذاتي من الغذاء أو بالأقل تحد من الاعتماد على الخارج، إقرار حد أدنى وحد أعلى للأجور، وإقرار إعانة بطالة للعاطلين، وإعادة التعاون الزراعي لصالح فقراء الفلاحين، وإعادة الحقوق في التعليم والعلاج المجانيين وغيرهما التي حرم منها الفقراء واقعياً وإلغاء قانون العمل الموحد ووضع قانون عمل جديد يعيد ويدعم حماية حقوق العاملين، ونشر التأمين الاجتماعي للعاملين وإلزام أصحاب الأعمال به، ووضع قانون عادل للضرائب، والرقابة على الأسواق وعودة التسعير الجبري للسلع، وضمان استقلالية التنظيمات النقابية والحق في إقامتها، والسماح بإقامة اتحاد مستقل للفلاحين الفقراء. 

ديمقراطياً

إن الديمقراطية هي «حكم الشعب». جوهرها أن تكون الثروة والسلطة للشعب. حيث أن من يملك الثروة هو من يهيمن على السلطة. لذلك فإن الدستور باعتباره عقداً اجتماعياً لابد أن يحدد بدقة الموقف من نظام الملكية في المجتمع، باعتبارها العمود الفقري لأي دستور. لذلك فلابد من النص على ثلاثة أشكال للملكية، هي الملكية العامة لمفاتيح الاقتصاد الوطني وهى التي تقود التنمية، والملكية التعاونية، والملكية الخاصة. وأن ينعكس ذلك على مجمل بناء الدستور، خاصة فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية وحقوق الطبقة العاملة والفلاحين. وأن يصاغ بمعرفة جمعية تأسيسية منتخبة في نهاية المرحلة الانتقالية التي يجب أن تطلق فيها الحريات العامة على أوسع نطاق، ويتم إقراره باستفتاء شعبي عام بعد مناقشة مجتمعية واسعة له، على أن يتم اصدار قانون انتخابات جديد  ينص فيه على أن تكون انتخابات كل المجالس بنظام القائمة النسبية غير المشروطة، وأن تكون البلاد كلها دائرة واحدة بالنسبة لمجلسي الشعب والشورى.

إن الانطلاق إلى الديمقراطية يبدأ بإنهاء العمل بقانون الطوارئ والافراج عن المعتقلين السياسيين وإلغاء المحاكم الاستثنائية وتجريم التعذيب وضمان استقلالية جميع الاتحادات العمالية والطلابية والمهنية، وإصدار قانون جديد للأحزاب بديلاً عن القانون المعيب الذي صدر مؤخراً، وإطلاق حق الإضراب والتظاهر والاعتصام السلمي وإصدار الصحف، وتجريم الممارسات التكفيرية والتعصب والاضطهاد الديني سواء بالقول أو بالفعل، وتجريم التمويل الأجنبي.  غير أن الأمر الذي لا يحتمل التأجيل هو محاكمة مبارك وعائلته وكل من نهبوا الشعب ودمروا الاقتصاد وأفسدوا الحياة السياسية، وحل حزب الرئيس المخلوع ومصادرة أمواله، وسرعة محاكمة من أصدروا الأوامر ومن نفذوا قتل الثوار المتظاهرين.

في مرحلة النهوض الراهنة فإن اليسار الشيوعي الجذري مطالب برص صفوفه للاسهام الفعال في الصراع ضد قوى الثورة المضادة، ودفع الثورة إلى الأمام على طريق الاستكمال والنصر.

في مرحلة النهوض الراهنة فإن الجميع على المحك. المجلس الأعلى للقوات المسلحة على المحك  وعليه إثبات انحيازه إلى الشعب. وقوى الفعل الثوري على المحك لاثبات يقظتها وتصميمها على انتزاع النصر.