الدبلوماسية الروسية، وسورية!

الدبلوماسية الروسية، وسورية!

تبدو الدبلوماسية الروسية عنيدة في التعاطي مع الأزمة السورية، على غير عادتها منذ انهيار مرحلة الثنائية القطبية، وهذا ما لم يتوقعه الكثير من المتابعين.. استثنائية الموقف تتجاوز أهمية الدور الروسي بردع أي شكل للتدخل العسكري المشرّع في سورية، بل تتعدى ذلكإلى ملامح دور روسي جديد على الساحة الدولية لايجد الزعماء الروس حرجاً في الإفصاح عنه، بدءاً بالرئيس الحالي، وقبله الرئيس السابق، ثم اللاحق بوتين، إلى وزير الخارجية لافروف.. كل الوجوه الأساسية في الدبلوماسية الروسية تتسابق هذه الأيام على إرسالرسائل واضحة الى تلك القوى التي كانت تصول وتجول كما تتطلب مصالحها في بقاع العالم كافة.

لا غرابة أن يكون الموقف من الأزمة السورية بهذه القوة، بما لهذه الأخيرة من أهمية ودور استراتيجي فرضته الجغرافيا السياسية، إيذاناً بدور روسي جديد على الساحة الدولية تحتمه قبل كل شي المصالح الاستراتيجية لروسيا، التي تحاول النهوض وملء الفراغ بعدتراجع الهيمنة الامريكية إثر الأزمة الاقتصادية التي أنهكت اقتصاديات المراكز الراسمالية، أي أن الدور الروسي في الأزمة السورية هو دور عالمي يشكل الخطوة الأولى نحو تشكل نظام عالمي جديد ينهي ما اصطلح عليه بمرحلة الاحادية القطبية.

الموقف الروسي تجاه سورية يتجاوز تأمين الغطاء الدولي بل يذهب الى أبعد من ذلك ليدخل الى دائرة تفاصيل الأزمة السورية من حيث مقاربة الأزمة ووضع الحلول الواقعية، ومحاولة تسويق حلول سياسية في هذا الاطار.

في لقائه الأخير مع وزير الخارجية التركي ندد لافروف بمحاولات افتعال الكارثة الإنسانية في سورية وتزويد المجموعات المسلحة بأسلحة حيث قال: «هناك أفكار أخرى يجري تطبيقها كإرسال ما يسمى بالقوافل الإنسانية إلى سورية في محاولة لتصوير الوضع على أنهناك كارثة إنسانية.. وتتوارد كذلك معلومات لا ينفيها أحد عن وصول أسلحة إلى متطرفين يحاولون استغلال الحركة الاحتجاجية في سورية لكي يستولوا على السلطة». ونوه بأن كل ذلك «مرفوض إذ لا يؤدي إلا إلى تصعيد العنف». وقال: «إننا ندعو إلى بدء الحوار بينالقوى السورية كافة بدون شروط مسبقة».

إن إصرار الدبلوماسية الروسية على ضرورة اتباع الحلول السياسية في الأزمة السورية و رفضها المتكرر لمحاولات التدويل يرسخ فكرة بروز قوة دولية جديدة تعي مصالحها والتي تتقاطع إلى حد كبير مع مصالح  شعوب العالم وأسلوب جديد في العلاقات الدولية قائمعلى أخذ مصالح الاخرين بعين الاعتبار .