مخيم جنين علامة فارقة بين انتفاضتين سابقة ولاحقة

مخيم جنين علامة فارقة بين انتفاضتين سابقة ولاحقة

ترتفع وتيرة الأحداث في الداخل الفلسطيني، نحو تثبيت حالة المواجهة على الأرض وتصاعدها في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وليس آخرها في مخيم جنين، لترمي خلفها الشكوك حول عدم إمكانية استمرار الحراك الشعبي في الضفة تحديداً، وتبيانها من أطراف «التهدئة والتسويات» على أنها أحداث في إطار أمني جنائي سرعان ما تنتهي..

يتعهد عباس أمام اسحق هرتسوغ «زعيم» المعارضة الصهيونية في «الكنيست» بمنع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية بوسائل شتى، فيما تثار قضية الهدنة طويلة الأمد بين حماس والكيان المحتل. وبين هذا وذاك يعود العمل المسلح للضفة الغربية من بوابة مخيم جنين، الذي يحمل ذكريات مهينة للاحتلال.


مقاومة مسلحة في الضفة

يرتبط اسم مخيم جنين، باستكمال تلانتفاضة الفلسطينية الثانية، كونه شهد مقاومة مسلحة عنيفة انتهت باستشهاد عشرات المقاومين في نيسان 2002، أي أن المقاومة المشرفة في المخيم ارتبطت بحالة الانتفاضة الشعبية، وأصبحت جزءاً أساسياً منها، إلى حد أن ذكر المخيم وحده يكفي لاستذكار حالة الانتفاضة الثانية في أيلول من عام 2000.
اليوم يعود المخيم إلى الواجهة بمشهد يقارب أحداث حصار المخيم بعد الانتفاضة الثانية، والتي يصرّ أبناء الضفة على نعتها بالأسطورية، لكن الجديد اليوم في حراك المخيم، يقوم على أمرين، أولهما: أن ميزان القوى الدولي وانعكاساته الإقليمية، وعلى القضية الفلسطينية بخصوصياتها ضمناً، قد تغيرت عما كانت عليه في أثناء انتفاضة الأقصى، وحصار جنين، فسمة المرحلة الحالية هي في تراجع متزايد لنفوذ الولايات المتحدة على مستوى المنطقة، ما ينعكس بأشكال مختلفة على الحلفاء الإقليميين ومن بينهم الكيان الصهيوني، المخلب المتقدم للإمبريالية الأمريكية في المنطقة، أي أنه بتراجع الولايات المتحدة انكفأ هذا الكيان موضوعياً في قدرته على التمدد خارج حدود فلسطين المحتلة عسكرياً، ويتجه إلى الداخل الفلسطيني لتحصين دولته المصطنعة التي يدرك أن وجودها سيوضع على طاولة البحث عاجلاً أم آجلاً، وهو ما يبرر الحراك السياسي الأخير بين عمّان وأنقرة لتحصيل ما يمكن تحصيله في ظل وقائع الخروج الأمريكي من المنطقة.
الأمر الثاني: هو في ارتباط مخيم جنين بفكرة الانتفاضة نفسها، وباعتبار أن الظروف الموضوعية نضجت إلى حدٍ بعيد داخلياً لقيام انتفاضة ثالثة في الضفة، إضافة إلى مناخ إقليمي يشهد حراكاً شعبياً متصاعداً يعزز هذه الإمكانية آخذين بعين الاعتبار خصوصية القضية الفلسطينية، فإن أحداث جنين الأخيرة تشكًل دفعة قوية لن تكون الأخيرة على طريق الانتفاضة الثالثة.


«جنين»: شبح يطارد الاحتلال

أحبط المقاومون في الأسبوع الماضي، عملية كوماندوس لقوات النخبة بعد اشتباكات عنيفة، أصيب على إثرها جندي في رأسه، فيما استطاع جيش العدو اعتقال الأسير المحرر مجدي أبو الهيجا وشقيقه علاء.
وبحسب مصادر العدو فإن العملية «اعتيادية» لاعتقال عناصر من حماس والجهاد الإسلامي، لكنها سرعان ما تدحرجت بشكل غير متوقع. وعلى إثر المواجهات في المخيم، اندلعت مواجهات عنيفة في ضاحية أم الشرايط في مدينة البيرة، بين عشرات الشبان الفلسطينيين وجنود الاحتلال، فيما قال موقع «والا» «الإسرائيلي» إن قيادة «الجبهة الداخلية» طلبت من سكان المستوطنات المحيطة بقطاع غزة أخذ الحيطة والحذر والاستعداد خشية من انزلاق الأحداث إلى غزة بعد عملية جنين.