مشروع النظام الرئاسي في تركيا رهن الـ 10%

مشروع النظام الرئاسي في تركيا رهن الـ 10%

منذ توليه منصب الرئاسة في تركيا، يجهد رجب طيب أردوغان، ومن ورائه حزب «العدالة والتنمية»، لإقرار النظام الرئاسي في البلاد، مع ما يتيحه ذلك من صلاحيات واسعة ومطلقة بيد الحزب. وتأتي الانتخابات البرلمانية التركية في السابع من هذا الشهر لتشكِّل استحقاقاً لهذا الهدف.

يخوض «العدالة والتنمية» معترك الانتخابات البرلمانية التركية، ساعياً إلى هدفٍ أبعد، يتمثل في ترسيخ النظام الرئاسي الذي يتيح للحزب إمكانية التحكم والانفراد بالسياسة التركية، ولهذا، فهو بحاجة إلى ثلثي المقاعد البرلمانية، التي تؤهله لتمرير المشروع.

 

تشير استطلاعات الرأي التي تجري في تركيا إلى أنه من المرجح أن ينال «العدالة والتنمية» نسبة تتراوح بين 40 و45% من مجموع الأصوات، ثم حزب «الشعب الجمهوري» الذي يعود تأسيسه إلى مصطفى كمال أتاتورك، والذي من المتوقع أن ينال نسبة بين 20 و25%، وتحلُّ في المركز الثالث، بحسب الاستطلاعات، «الحركة القومية» اليمينية المتطرفة، بنسبة ما بين 15 و19%. وهو ما يعني أن مجموع أصوات القوتين التاليتين يكاد يعادل مجموع ما قد يحصل عليه «العدالة والتنمية».
«الشعوب الديمقراطي»: المفتاح بيدنا
على هذا الأساس، يخرج حزب «الشعوب الديمقراطي في تركيا» بوصفه لاعباً أساسياً في هذه الانتخابات، و”بيضة القبان” التي من شأنها أن تقلب معادلة «العدالة والتنمية». كل ما على الحزب أن ينجزه مرحلياً هو تأمين 10% من مجموع الأصوات، ستكون كفيلة بتأهيل 50 إلى 60 من مرشحيه لعضوية البرلمان.
في هذا السياق، قرر «الشعوب الديمقراطي» المشاركة في الانتخابات كحزب، وليس كمرشحين مستقلين، وهذا ما يضع الحزب أمام استحقاق جدي وصعب في آن، حيث ينبغي له أن يتخطى عتبة الـ10% للدخول إلى البرلمان، وإلا فإن الأصوات التي سيحصل عليها مرشحوه ستذهب، حسب النظام الانتخابي التركي، إلى القوة الثانية التي نجحت عن منطقة المرشح، بشرط تجاوزها هذه النسبة. وهنا تشير التقديرات إلى أن المناطق التي يراهن عليها «الشعوب الديمقراطي»، ستذهب أصواتها إلى «العدالة والتنمية» فيما لو لم يتجاوز الحزب هذه العتبة.
غير أن الصورة لدى «الديمقراطي للشعوب» تبدو أكثر ارتياحاً، حيث أكد عضو المجلس المركزي في الحزب، بركات قار، في حديثٍ سابقٍ لـ«قاسيون»، أنه: «سنكون نحن الرابحون بعد الانتخابات. والحزب سيكون في الواقع هو الحزب الذي بيده المفتاح، وستجري المعادلة من خلاله.. والآن، عندما ننظر إلى الشارع فالناس تناقش حزبين فقط، حزبنا وحزب السلطة».
وسائل الضغط المتنوعة
نتيجة لهذه المعادلة، يشنُّ «العدالة والتنمية» هجوماً واسعاً ومتنوع الوسائل على «الشعوب الديمقراطي». فعدا عن الاعتداءات التي تعرضت لها مقرات الحزب، والتي وصل عددها إلى ما يقارب 64 اعتداءً بمقابل وقوف السلطات «عاجزة» عن كشف هوية منفذي تلك الاعتداءات. أما الأداة الأهم في الهجوم على الحزب، فتتمثل في حملات التشويه بصورته من خلال ترويج الادعاءات المكرورة كاتهامه بالإلحاد أو بأنه «حزب يقتصر تمثيله على الأكراد»، عدا عن استغلال أردوغان لموقعه الرئاسي، ومشاركته بشكلٍ شخصي في الحملة الدعائية لـ«العدالة والتنمية».
ووصلت محاولات الضغط إلى حد اتهام «الشعوب الديمقراطي» بالتنسيق مع أحزاب المعارضة الأخرى بغض النظر عن انتماءاتها. كما حاول رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، شن هجومٍ مباشر على الحزب، بادعائه أن «العقلية التي كانت تدافع عن الدولة العميقة (ما يشبه دولة داخل دولة) بالأمس، توجّه اليوم نداءات إلى الناخبين الأتراك لانتخاب حزب الشعوب الديمقراطي، لتمكينه من عبور الحاجز الانتخابي (10%) في الانتخابات». ولاستهلاك جميع «أوراقه»، يستغل «العدالة والتنمية» ورقة اللاجئين السوريين والعراقيين في أراضيه، مفنداً «الامتيازات» التي قدمتها تركيا إلى هؤلاء، متهماً خصومه بالولاء للأنظمة في منطقتنا.
في الأحوال كلها، تتوجه الأنظار إلى الانتخابات البرلمانية التركية بوصفها المعبِّر عن مدى قدرة «العدالة والتنمية» على الاستفراد بالبلاد، وهي التي تتخذ طابعاً أبعد من كونه محلياً تركياً محضاً، بحكم اختلاف المقاربات والطروحات حول العلاقات الخارجية لتركيا ما بعد الانتخابات. في هذا السياق، يؤكد «الشعوب الديمقراطي» أنه في حال تسلم حزبه السلطة بعد احتمال فوزه في الانتخابات، «سيوقف كل أنواع الدعم للجماعات الإرهابية، ولن يسمح لها بالتحرك عبر الحدود مع سورية.. وسيسعى لحل المشكلة السورية بأسرع ما يمكن، من خلال الدعوة إلى مؤتمر دولي بمشاركة القوى الإقليمية والدولية»، واعداً بتغيير «السياسة الخارجية التركية بأكملها، ليس فقط في سورية، بل في المنطقة عموماً».
لا يزال حسم المسألة مرهوناً بالنسبة التي سيحصدها «الشعوب الديمقراطي»، وبمستوى التضييق الذي سيتعرض وأنصاره له، وقبل ذلك بمدى شفافية الانتخابات، واحتمالات اللجوء إلى تزوير نتائجها من حكام حزب «العدالة والتنمية».