فلسطين بين إنهاء الاحتلال ووحدة المشروع الوطني
ما بين احتفال حركة «حماس» في الذكرى السابعة والعشرين لانطلاقتها، ومحاولات السلطة الفلسطينية إحداث خرقٍ جديد في أروقة المؤسسات الدولية لإنهاء الاحتلال، خرجت خلال الأسبوع الفائت مستجدات الساحة الفلسطينية إلى الواجهة من جديد.
ذخر احتفال حركة «حماس» بذكرى انطلاقاتها في 14/12/2014، بخطابات هامة أبدى خلالها بعض قادة الحركة مرونةً أكبر في المساعي الجارية لإنهاء الخلافات داخل البيت الفلسطيني وبين فصائل المقاومة.
تصعيد ضد الصهيوني ويد ممدودة للداخل
خلال الاحتفال، أعلن أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب «القسام»- الجناح العسكري لحركة «حماس»- عن أن: «اليوم الذي سيرى فيه أسرانا نور الحرية بات أقرب من أي وقت مضى». مؤكداً: «سنحرر الأسرى في وقت غير الذي تحدده «إسرائيل»، وتقرره، وكتائب القسام، قطعت على نفسها وعاهدت ربها عز وجل على أن حرية الأسرى هي مسألة وقت فقط وهي أقرب من أي وقت مضى». فيما شدد أبو عبيدة على أن القسام «لن تقبل بأقل من إعادة إعمار كل آثار الحرب «الإسرائيلية» الأخيرة» محذراً من أن «استمرار حصار قطاع غزة، وتعطيل إعادة إعمار ما دمرته الحرب «الإسرائيلية»، سيولد انفجاراً جديداً في وجه الإسرائيلي».
كان لافتاً في خطاب أبو عبيدة، توجيهه الشكر إلى «جمهورية إيران الإسلامية، التي لم تبخل علينا بالمال وبالسلاح وبأمور أخرى، وأمدّتنا في المقاومة بالصواريخ التي دكّت حصون «الإسرائيليين» في صولات وجولات مضت مع المحتل». كما توجه بالشكر، بشكلٍ عام، إلى «من دعم القضية الفلسطينية من أفراد وجماعات ودول سواءً عربية أو إسلامية، وعلى رأسهم دولة قطر، والجمهورية التركية».
وفي الاحتفال ذاته، قال عضو المكتب السياسي في «حماس»، خليل الحية، إن: «الحركة ماضية على طريق وحدة الشعب وإنهاء الانقسام للوصول إلى شراكة سياسية، هذه أيدينا مفتوحة لإخواننا في حركة فتح وبقية الفصائل لنمضي إلى الأمام في سبيل حماية قضيتنا».
إنهاء الاحتلال: أمريكا تعرقل وروسيا تدعم
وبالتوازي مع الإشارات التي أطلقتها «حماس» وقوى مقاومة أخرى حول إمكانية إقلاق راحة المحتل في أراضي الضفة والقدس، عادت مساعي السلطة الفلسطينية لاستصدار قرار أممي ينهي الاحتلال ويعود إلى خارطة عام 1967، ليصطدم بجدار المصلحة الأمريكية، التي باتت تلوح بخيار استخدام الفيتو ضد مشروع القرار، بعدما أعلن وزير خارجيتها، جون كيري، أن بلاده لن تؤيد المساعي الفلسطينية في مجلس الأمن. فيما كان لافتاً كلام المندوب الروسي الدائم في مجلس الأمن، فيتالي تشوركين، الذي أكد أن: «موسكو، بالطبع، مستعدة لدعم مشروع القرار الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي».
مع جملة المستجدات على الساحة الفلسطينية، وفي غمار التصعيد الصهيوني الهادف إلى استدعاء ردود فعل فلسطينية محددة تسمح له في نهاية المطاف بتمرير مشروع «يهودية الدولة» وتهجير عرب الثماني والأربعين من مناطقهم، تبرز الضرورة بخلق أرضية مناسبة لتحقيق وحدة قوى المقاومة الفلسطينية حول مشروع عمل وطني موَّحد. إذ أثبت كل الكلام الفضفاض السابق حول ضرورة المصالحة ما بين الفصائل عقمه عن تجاوز مشاكل الداخل الفلسطيني، ما لم يكن مقروناً بالإجابة عن التساؤل حول ما هي الأسس التي تقوم وتنبني عليها هذه المصالحة؟ وهل يمكن أن تبصر النور دون أن تكون مستندة بشكلٍ أساسي على مشروع عمل وطني قوامه المقاومة المسلحة لتحرير فلسطين، وعلى ثوابت الشعب الفلسطيني الرافض لنهج التسويات؟
جاء تأزم الخلافات القديمة داخل البيت «الفتحاوي» خلال الأسابيع الماضية، ما بين جماعة أبو مازن ومحمد دحلان، لتؤكد مرة جديدة على أن حالة الشرذمة التي تعيشها الفصائل الفلسطينية، وغياب البرنامج الوطني الجامع لها، يفتح الباب واسعاً أمام الخلافات الجانبية الموجودة لدى معظم هذه القوى، والمرتبطة بالولاءات الناتجة عن اختراقات بعض الدول الإقليمية تنظيمياً وسياسياً بما يفتك أكثر بصلابة الفصائل الفلسطينية. وهو ما يجعل من مهمة توحيد قوى المقاومة مشروعاً وحيداً قادراً في أحد جوانبه على تعميق الفرز بما يفضي إلى إنقاذ الفصائل من أزماتها الداخلية المستعصية.