الحلف الإمبريالي وخطوات تفتيت المنطقة!
تتضح يوماً بعد يوم ملامح الخطة الأمريكية لتقسيم العراق، وتتسارع وتيرة الخطوات الانتقالية نحو فدرلة العراق طائفياً. وما أن أعلن أوباما بأن الحرب على «داعش» قد تمتد ثلاث سنوات، حتى زادها سعود الفيصل إلى عشر.
جاء ذلك، على التوازي مع المعلومات المسرَّبة من قبل ضابط كبير في هيئة أركان الجيش العراقي عن الشروط الأمريكية التي أبلغها كيري للعبادي، مقابل فك الخناق عن بغداد وتحرير المناطق الغربية والجنوبية والشمالية من سيطرة «داعش». فوفقاً للضابط، اشترطت الإمبريالية الأمريكية 1- تأسيس الحرس الوطني، ليحل تدريجياً محل الجيش المهزوم، على أن تكون نواته من متطوعي الجيش العراقي المنحلّْ، بقرار أمريكي حتى رتبة عقيد، إرضاء للمناطق «السنية» ودمج المليشيات «الشيعية» في إطار الفرق المكونة للحرس الوطني المقرر تشكيلها على أساس مناطقي، فرقة لكل محافظة، مع الاحتفاظ بثلاث فرق سيادية (القوة الجوية- فرقة بغداد- فرقة عمليات التدخل السريع). 2- قطع العلاقة مع النظام السوري وفق النهج السابق، القائم على مده بالمساعدات العراقية أو تلك الإيرانية عبر الأجواء العراقية. 3- منح القوات الأمريكية «الخبراء» حصانة قانونية وتسهيل إقامة «مراكز- قواعد» تواجد دائم وفق ملاحق «اتفاق المصالح الاستراتيجي» غير المعلنة!
أما التفاصيل، فتركت لسعود الفيصل، الذي قال: «بأن يستمر التحالف لمحاربة (داعش) عشر سنوات كي يضمن المجتمع الدولي قضاء نهائياَ على الإرهاب!.. انتقال العراق مع قيام حكومته الجديدة إلى مرحلة التوازن السياسي الذي افتقدته الحكومة السابقة.. وعلينا مؤازرتها في تطبيق أوجه الإصلاح السياسي المطلوب !».
من جهته، سرَّب البنتاغون موقفه من جيش نظام 9 نيسان 2003، المشكَّل على أنقاض الجيش العراقي المنحلّ، معلناً أنه عندما كانت القوات الأمريكية تتهيأ لمغادرة العراق نهاية 2001، قال الجنرال، فرانك هيلميك، رئيس بعثة التدريب العسكري حينه عن القوات الأمنية العراقية: «حدسي يقول لي إنهم سيكونون قادرين على القيام بالواجب.. إنهم الآن قادرون عليه، لكن لا نعرف مدى صحة ذلك على المدى البعيد».
خلال الصيف الحالي، تم التحقق من شكوك هيلميك بعد أن شاهد العالم بذهول كيف أن عدة مئات من مسلحي «الدولة الإسلامية» أجبروا فرقاً من الجنود على التراجع. اليوم تبدو جهود ثماني سنوات من التدريب والتجهيزات (بقيمة 25 مليار دولار) لا قيمة لها، بسبب الفساد والانقسامات الطائفية. اليوم تبدأ الولايات المتحدة من الصفر بمهمة «إصلاح» عاجل للجيش العراقي، وجاءت أولى خطوات هذا الإصلاح المزعوم بتشكيل جيوش المحافظات- الإمارات! جيوش «شيعية وسنية وكردية وتركمانية ومسيحية وإيزيدية، على أن تتشكل فرقة كركوك من 32% عرب و32% أكراد و32% تركمان 4% مسيحيين» إضافة الى جيش عشائري لحراسة الطرق البرية بين العراق وكل من سورية والأردن، فقد اتفق الجانب الأمريكي مع «عشائر الأنبار» لتتكفل بحماية هذه الطرق، مقابل فرض ضريبة على سائقي شاحنات النقل بمبلغ 20 دولار عن كل سيارة.
خلاصة القول، استخدمت الإمبريالية الأمريكية داعشها لاحتلال ثلث الأراضي العراقية، وإرهاب السكان المحليين وإرعاب المجتمع العراقي ككل، وتجاوز الحدود العراقية السورية لإحداث الصدمة الجيوسياسية المطلوبة، وإدخال المنطقة في حروب التقسيم والتفتيت المقرر أن تكون جائزتها الكبرى مصر المقسمة.
إذا كنا كيساريين مبدئيين نتصدى تاريخياً للإمبريالية الأمريكية، فالمعركة الراهنة قد تكون معركتنا الحاسمة، مما يستدعي موقفاً وفعلاً طبقياً ووطنياً ثورياً من كافة الأحزاب والقوى والشخصيات اليسارية.
منسق التيار اليساري العراقي*