العراق: النصر آت... رغم سوداوية المشهد

العراق: النصر آت... رغم سوداوية المشهد

لعب سقوط «المثقف الشيوعي الرسمي» في طريق الذل، طريق الدولار وحاويته الملحقة بقوات الاحتلال الأمريكية الغازية والتحاق هتافة النظام الساقط بالاحتلال بالحاوية التي اخذت تنبعث منها رائحة متصهينة تستخف بالقيم الوطنية ومفهوم الوطن وتحتقر الشعب، دوراً تخريبياً مدروساً في بث روح اليأس من إمكانية التغيير الوطني بالإرادة الشعبية، ومن ثم لا مفر من الاستسلام «للقدر الأمريكي» طريقاً أوحد للخلاص من الفاشية، حتى وإن كان الثمن تفيتت الوطن.

يتساءل مثقفون يساريون أكراد بحق عن ماهية مصلحة الشعب الكردي في أن تتحول أربيل إلى مركز لنشاط «داعش» وفلول النظام الساقط: «لقد تعجبت واستغربت كثيراً عندما شاهدت أولئك الرجال... واقفين في صالة فندق جهينة اللبناني ذي الـ (5) نجوم, وهم يعلنون عن تشكيل هيئة تنسيقية مؤقتة لإدارة (الثورة) في العراق...؟! والأغرب من ذلك، يقول المتحدث باسم المجلس المذكور بأن (الهدف) يجمعهم مع «داعش» للتخلص من النظام العراقي الحالي ودخول بغداد...؟! ثم ما مصلحة الشعب الكردي للأخذ بنصائح المجرم الهارب طارق الهاشمي، ينفخ السيد طارق الهاشمي مجدداً في نار الفتنة الطائفية والمذهبية المقيتة, حيث نشر على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى موقعه الشخصي نصائح وإرشادات وإشارات وملاحظات للكرد, نقتبس منها هذه المقتطفات: «نتمنى على الإخوة الكورد حسم موقفهم من الفريق أنور حمة أمين، قائد القوة الجوية، إما بالاستقالة أو البراءة منه لو رفض... إنه الآن أشد أذى على (الثوار المجاهدين) من أي وقت مضى... ولا نعتقد أن ذلك يرضيكم» وهنا نسأل: هل حقاً نحن الكورد بحاجة إلى نصائح طارق الهاشمي الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال بتهمة «الإرهاب» وباعترافات حماياته ورفاقه؟ أليس هو أيضاً يتحمل مسؤولية الاخفاقات الحكومية والتراجع والفشل الذريع وفي شتى المجالات، باعتباره كان نائباً لرئيس الجمهورية...؟».

أما نحن، فنضيف إلى تساؤلات الكتاب اليساريين الأكراد أسئلةً طبقية ووطنية. ما هي مصلحة الكيان الصهيوني في إعلان قادته الاستعداد للاعتراف بـ«الدولة الكردية» المنفصلة عن العراق؟ وما هي مصلحة النظام التركي في المساعدة على تهريب وتسويق النفط العراقي بأبخس الأسعار؟

رغم دور الدعاية المتصهينة التي تروج على حد سواء لسياسة مسعود البارزاني، المتعارضة على طول الخط مع مصلحة الشعب العراقي عامة وشعبنا الكردي خاصة، ووهم سياسة الحسم العسكري لنوري المالكي. فالبارزاني والمالكي يمثلان، في النهاية، امتداداً لقطبين إقليميين متصارعين, القطب السعودي المدعوم أمريكياً، والذي يستهدف تفتيت العراق، والقطب الإيراني المدعوم روسياً, في عالم يتغير لمصلحة ولادة نظام التعددية القطبية العالمية على أنقاض أحادية القطب الأمريكي. إذن، قدر العراق أن يقع مجدداً في تقاطع الصراع الدولي، في لحظة تاريخية انعطافية جذرية, كما حدث عامي 1958 و1991 فخرج منتصراً انتصاراً مؤقتاً في المرة الأولى، وخاسراً مدمراً في الثانية. 

إننا نؤمن، وفق نظرة معرفية وتاريخية للواقع المحلي والإقليمي والدولي، بحتمية الانتصار الجذري هذه المرة, المتمثل بتخلص العراق من نظام المحاصصة الطائفية الاثنية الفاسد، وبالتحرر من بقايا هيمنة الاحتلال الامريكي وذيوله الداعشية والفاشية, وبزوغ فجر الدولة الوطنية الديمقراطية التي تضمن للشعب العراقي، بعربه وكرده وتركمانه وكلد- اشورييه ومندائيه، الحياة الحرة الكريمة. الدولة المتكاملة مع سورية الشقيقة، في دور عربي داعم للشعب الفلسطيني في معركته الكبرى ضد الكيان الصهيوني.