«حماس» تقبل بدولة مستقلة في الضفة وغزة

«حماس» تقبل بدولة مستقلة في الضفة وغزة

قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في احتفال توقيع وثيقة الوفاق الوطني أقيم الأربعاء في القاهرة إنهما عازمان على طي «صفحة الانقسام السوداء». وأعلن مشعل تمسكه بالهدف الوطني الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على ارض الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي كلمة افتتح بها احتفال المصالحة بين فتح وحماس قال عباس إن «صفحة الانقسام طويت إلى الأبد» واتهم «إسرائيل» بالتذرع بالمصالحة للتهرب من السلام.

وزعم عباس أنه يرفض التدخل الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية مؤكداً أن «حماس جزء من شعبنا»(!!)  و«ليس من حق أحد أن يقول لنا لماذا تفعلون هذا أو ذاك» و«أقول لنتانياهو أنت يجب أن تختار بين الاستيطان والسلام».

وقال مشعل في كلمته إن حركته ستعمل على تحقيق «الهدف الفلسطيني الوطني» وهو إقامة «دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على أرض الضفة والقطاع عاصمتها القدس الشريف ودون تنازل عن شبر واحد أو عن حق العودة»، موضحاً أن حماس مستعدة «لدفع أي ثمن من أجل المصالحة» وأن «معركتنا الوحيدة مع إسرائيل».

وعند بدء الاحتفال رسمياً جلس عباس على المنصة في قاعة الاحتفال إلى جوار وزير الخارجية المصري نبيل العربي ورئيس المخابرات المصرية مراد موافي بينما جلس مشعل في الصف الأول للقاعة إلى جوار الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى.

وحضر الاحتفال ممثلون عن 11 فصيلاً فلسطينياً وقعت الثلاثاء الاتفاق في العاصمة المصرية بعد أن قامت حركتا فتح وحماس بتوقيعه الأسبوع الماضي على نحو مفاجئ بعد قرابة عامين من المفاوضات. وشارك ثلاثة من «النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي» هم أحمد الطيبي ومحمد بركة وطلب الصانع.   

واجتمع عباس بعد ظهر الأربعاء في القاهرة مع مشعل والأمين العام لحركة الجهاد رمضان عبد الله شلح بحسب مصادر فلسطينية.  وبدأ هذا الاجتماع فور انتهاء الاحتفال باتفاق المصالحة.

ويعود آخر لقاء بين عباس ومشعل إلى نيسان 2007 في القاهرة. وقال عباس خلال لقاء في صحيفة الأهرام المصرية مساء الثلاثاء إن «إسرائيل لا تريد المصالحة والتصعيد الإسرائيلي على أشده ضد هذه المصالحة وكأن إسرائيل مستفيدة من الانقسام» (!!!). وأضاف أن «رئيس الوزراء الإسرائيلي قال علينا الاختيار بين حماس والسلام ونحن نقول عليه الاختيار بين الاستيطان والسلام ونختار حماس باعتبارهم أخواننا ونختار إسرائيل باعتبارهم شركاء بالسلام»(!!). لكنه أكد أنه «إذا وافق نتنياهو على وقف الاستيطان وتحديد مرجعية حدود عام 1967 للمفاوضات لا نمانع في العودة لها».

من جهته اعتبر خالد مشعل أن «الأجواء الجديدة التي تشهدها مصر بعد ثورة 25 يناير» ساهمت في إنجاز المصالحة «بيسر». وقال للصحافيين إثر لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية مساء الثلاثاء «إننا فخورون بالثورة المصرية العظيمة وبشعب مصر الذي قدم نموذجاً منيراً ونتطلع إلى مصر القائدة بدورها الإسلامي والإقليمي والدولي الكبير. وسعداء باحتضانها المصالحة الفلسطينية». وأضاف أن «الروح التي تسود مصر بعد الثورة ساهمت في انجاز المصالحة بيسر وانعكست علينا كفلسطينيين لندخل عصراً فلسطينياً وعربياً جديداً يمكننا من حشر إسرائيل في الزاوية من أن نعبر عن إرادتنا الفلسطينية التي على الكل أن يحترمها».

بدوره شدد موسى على الدعم العربي للمصالحة الفلسطينية. وأشار إلى أنه استقبل الكثير من ممثلي المنظمات الفلسطينية الذين أجمعوا على ضرورة تلك المصالحة من أجل وحدة الصف. مؤكداً أن العرب يؤيدون المصالحة الفلسطينية ويدعمونها «وسيحمونها».

في هذا الوقت قال رئيس حكومة الاحتلال إن اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس هو «ضربة قاسية للسلام».  وصرح نتنياهو للصحافيين في لندن حيث من المقرر أن يجري محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «ما حدث اليوم في القاهرة هو ضربة قاسية للسلام ونصر عظيم للإرهاب».

ودعا نتنياهو الثلاثاء رئيس السلطة الفلسطينية إلى التخلي عن اتفاق المصالحة مع حماس و«اختيار السلام» مع الكيان الإسرائيلي، بعدما صرح مؤخراً أن على عباس الاختيار بين «المصالحة مع حماس وبين السلام»، معتبراً أن هذا الاتفاق يغلق الباب أمام ما يسمى بعملية السلام. ويقضي الاتفاق بتشكيل حكومة تكنوقراط تتولى إدارة الشؤون الداخلية الفلسطينية وبإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني بعد عام من إعلانه. وتبقى الملفات السياسية وخصوصا عملية «السلام» من اختصاص منظمة التحرير. غير أن الاتفاق ينص على تشكيل قيادة موحدة من رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إضافة إلى الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية من اجل التشاور حول القضايا السياسية.

أمريكياً، أجرت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون محادثات هاتفية مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ورئيس حكومة الاحتلال نتنياهو كلاً على حدة مساء الثلاثاء حول المصالحة الفلسطينية. وقال المتحدث باسم الخارجية مارك تونر إن كلينتون أثارت خصوصاً مسألة المساعدة الأمريكية للسلطة الفلسطينية.

لكن مسؤولاً أمريكيا لم يكشف هويته قال إن وزيرة الخارجية لم تهدد بإلغاء المساعدة في حال تم الاتفاق بين فتح وحماس. ورفض تونر التكهن مسبقاً برد فعل واشنطن موضحاً فقط أن الولايات المتحدة «ستقيم سياستها في ضوء تشكيل الحكومة». وذكّر المتحدث أيضاً بموقف واشنطن التي تؤكد أنه «إذا كانت حماس تريد أن تؤدي دوراً سياسياً فعليها نبذ العنف والإرهاب والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود واحترام الاتفاقات الموقعة». ومن المقرر أن تبدأ المشاورات حول تشكيل الحكومة الجديدة بعد الاحتفال بالمصالحة.

في سياق متصل، تضمن تقرير داخلي وسري، نشرته صحيفة «هآرتس» العبرية، توصيات بشأن سياسة «إسرائيل» حيال إقامة حكومة وحدة وطنية فلسطينية. ويعتبر التقرير أن هذه الخطوة الفلسطينية بالذات فرصة إستراتيجية إيجابية من الممكن أن تفيد «إسرائيل». كما يتضمن التقرير توصيات تتعارض مع ما يطرحه بنيامين نتنياهو في الأيام الأخيرة بشأن اتفاق المصالحة الفلسطينية.

وبحسب التقرير فإن «الخطوة الفلسطينية ليست خطراً أمنياً فقط، وإنما فرصة إستراتيجية لخلق تغيير حقيقي في الساحة الفلسطينية، وأن هذا التغيير من الممكن أن يفيد المصالح الإسرائيلية على المدى البعيد. وجاء أن التقرير الذي تسلم نسخا منه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان ومدير عام وزارته رفائيل باراك ومسؤولون كبار آخرون، قد أعد من قبل الشعبة للتخطيط السياسي في وزارة الخارجية، وهي هيئة تتألف من دبلوماسيين مهنيين وتقوم ببلورة توصيات للسياسة الإسرائيلية حيال قضايا مختلفة تتصل بعلاقاتها الخارجية.

وتضمنت توصيات التقرير بأن تتخذ «إسرائيل» توجهاً بناءً بحيث يحتد الصراع بين الفلسطينيين بشأن البرنامج السياسي للحكومة الفلسطينية وعدم جاهزية حركة حماس للاعتراف «بإسرائيل». ويعتقد معدو التقرير أن التوجه «الإيجابي» من قبل «إسرائيل» تجاه الخطوة الفلسطينية سوف يعزز العلاقات مع الولايات المتحدة، وأنه على «إسرائيل» أن تعمل كلاعب ضمن مجموعة وأن تنسق مع الإدارة الأمريكية الرد على حكومة الوحدة الفلسطينية، الأمر الذي يعزز دور الولايات المتحدة ويخدم المصالح «الإسرائيلية».

كما يدعو تقرير وزارة الخارجية «إسرائيل» إلى توخي الحذر في سياستها وتصريحاتها في هذه المرحلة الحالية قبل المصادقة على الاتفاق. وأنه يجب أن يكون الرد الإسرائيلي على تشكيل حكومة وحدة فلسطينية مدروساً ويأخذ بالحسبان ضرورة مواجهة النوايا الفلسطينية بشأن طلب الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول المقبل. كما يتضمن التقرير عدة توصيات أخرى أولها مواصلة التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية ويدعو التقرير أيضاً إلى أن تطالب «إسرائيل» المجتمع الدولي بوضع معايير مفصلة بشأن الحكومة الفلسطينية الجديدة.

ويقترح التقرير إيفاد بعثة لإجراء محادثات في القاهرة من أجل تعزيز التنسيق مع الحكومة المصرية المؤقتة، علما أن مستشار نتنياهو، يتسحاك مولخو، سوف يتوجه الأحد المقبل إلى القاهرة حيث يلتقي وزير الخارجية نبيل العربي ومسؤولين مصريين آخرين.