وفد الجامعة ..لا «نبيل» ولا «عربي»

وفد الجامعة ..لا «نبيل» ولا «عربي»

منذ اتفاقات كامب ديفيد  ووادي عربة وصولا ً إلى أوسلو وما تلاها من تكوين سلطة رام الله، وقيام الرباعية الدولية، والقمم العربية السنوية وما بينها من حروب «إسرائيلية» عدوانية ، وتهويد للأراضي العربية المحتلة مع استمرار الكيان الصهيوني بتصعيد سياسة القتل والاعتقال والنفي والعزل ضد المقاومة في فلسطين ولبنان والجولان، لم تكن الجامعة العربية يوماً إلا الظهير الخلفي لقوى التحالف الإمبريالي الصهيوني ضد شعوب منطقتنا وقواها المقاومة !

من هنا لا تحمل مقترحات «وفد الجامعة العربية» إلى واشنطن حول «تبادل الأراضي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية» أية مفاجآت تتناقض مع نهج النظام الرسمي العربي، ولاسيما في ظل ما وصلت إليه الجامعة العربية من انحطاط وانكشاف دورها في الفترة الأخيرة من حيث ارتباطها المطلق بمخططات تفتيت المنطقة جغرافياً وديموغرافياً (إعطاء مقعد سورية في الجامعة لإتلاف الدوحة نموذجاً ) لكن اللافت هنا، توقيت «المقترحات» والتي اعتبرها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأنها «خطوة كبيرة إلى الأمام» أي أنها تتجاوز كل ما قدمته «المبادرة العربية للسلام» سيئة الذكر من تنازلات وتفريط بالحقوق الوطنية المشروعة والثابتة للشعب العربي الفلسطيني.

لقد جاء توقيت هذه «المقترحات» بالتوازي مع تصعيد الخطاب الأمريكي ضد سورية والحديث عن رفع أشكال تسليح المعارضة السورية وعودة التأكيد على الخطوط الحمراء حول السلاح الكيميائي في سورية. وكذلك في ظل بدء مناورات عسكرية «إسرائيلية» واسعة مصحوبة بطلعات جوية فوق لبنان والجولان، هذا بالإضافة لإعطاء النظام الأردني دوراً خطيراً في الأزمة السورية يتجاوز تسهيل استقبال اللاجئين وتدريب المقاتلين والمرتزقة الأجانب على أراضيه.

ولاشك أن ما تقدم به وفد الجامعة العربية - وهو لا يحمل من أسماء قادته لا صفة العروبة ولا النبل-سيعطي النظام الأردني دوراً وظيفياً مكملاً لما قام به منذ نكبة 1948  وحتى الآن.

وليس مصادفة الحديث عن إعادة الإشراف الأردني على المقدسات الإسلامية في القدس الشرقية، كما سيعود الحديث قريباً عن ( الخيار الأردني) لتسوية القضية الفلسطينية وهذا ما يفسره تصريح بنيامين نتنياهو رداً على خطاب وزير الخارجية القطري في واشنطن حيث قال: « إن أصل النزاع مع الفلسطينيين ليس على الأراضي، بل بدأ قبل العام 1967، ويتمحور حور الاعتراف بـ إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي. إن جذور الصراع مع الفلسطينيين ليست مستوطنات وإنما على حيفا وعكا ويافا والقدس»!.

وفي هذا السياق لابد من الوقوف عند خطورة ما قاله محمود عباس رداً على نتنياهو في معرض تثبيت التنازلات التي أقدمت عليها السلطة الفلسطينية الرسمية :» نحن معترفون بدولة إسرائيل منذ عام 1993 (عملية أوسلو) وتكرر هذا الاعتراف أكثر من مرة، ولم يسألنا أحد عن الاعتراف بيهودية إسرائيل حتى قبل عامين، من وجهة نظرنا يستطيعون أن يسموا أنفسهم ما يريدون»!.

وكان قد سبق تصريح محمود عباس آنف الذكر ترحيب رسمي من جانب سلطة رام الله بمقترحات وفد الجامعة العربية في واشنطن، حيث صرّح كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات:» إن بيان الشيخ حمد يعكس المواقف الفلسطينية القائمة منذ فترة طويلة»!.

من الواضح هنا مدى ارتهان سلطة رام الله «بدولة قطر العظمى» والتي تتقدم الأن -بعد الأزمة السورية- كل الأنظمة اللاهثة وراء التطبيع مع الكيان الصهيوني. ولذلك لم تأبه الخارجية الأمريكية بحفظ ماء الوجه لدول قطر، ومصر، والبحرين، وسلطة رام الله والإمارات، عندما كشفت بأن الوفد العربي تعهد بمنع السلطة الفلسطينية من الانضمام لوكالات الأمم المتحدة، وكذلك تجميد الدعاوى التي كانت تعتزم السلطة رفعها أمام المحكمة الجنائية الدولية.

قد يتوهم النظام الرسمي العربي (المرتبط بحبل السرة مع التحالف الأمريكي- الصهيوني)، أن انشغال سورية بأزمتها قد يخرجها من معادلة الصراع العربي –»الإسرائيلي»، أو يضعف خيار المقاومة لدى الشعوب العربية من أجل تحرير فلسطين والجولان وما تبقى من أراضي الجنوب اللبناني.

لكن تلك الأوهام ليست أقل هشاشة من أحلام قادة الكيان الصهيوني بالقضاء على المقاومة اللبنانية عشية حرب 2006، أو تحطيم إرادة الأسرى الفلسطينيين والسوريين في سجون الاحتلال.

أما الشعب السوري صاحب التاريخ الكفاحي الطويل فسيفاجئ الجميع بالخروج من أزمته وسيحافظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً بالانتصار على أعداء الخارج والداخل تحت شعار: «كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار» وهذا ما سيعيد سورية لدورها الوطني والإقليمي المعهود.