مصر: عملية استخبارية سرّية لواشنطن
ميشيل شوسودوفسكي ميشيل شوسودوفسكي

مصر: عملية استخبارية سرّية لواشنطن

مبعوث أوباما إلى مصر فرانك غاردنر ويزنر الابن هو عضوٌ مشهورٌ في عائلة وكالة الاستخبارات المركزية سي آي إيه، وابنٌ لواحدٍ من أسوأ الجواسيس سمعةً، الراحل فرانك غاردنر ويزنر (1909-1965)، العقل المدّبر للانقلاب الذي رعته الوكالة والذي أطاح بحكومة محمّد مصدّق في إيران في العام 1953.

اندفع المبعوث الأمريكي الغامض، وهو دبلوماسيٌّ متقاعد، إلى القاهرة في 31 كانون الثاني في ذروة حركة الاحتجاج لعقد لقاءاتٍ على مستوىً رفيعٍ مع حسني مبارك.

كان حسني وفرانك صديقين مقرّبين، ويرجع الأمر إلى أواخر الثمانينيات حين كان ويزنر سفيراً في مصر (1986-1991).

عمل ويزنر كسفيرٍ في ذروة حرب الخليج. وقد لعب دوراً أساسياً في المفاوضات التي تمخّضت عنها اتفاقية العام 1991 والتي لم تلتزم وفقها مصر بالمشاركة في حرب الخليج ضدّ العراق فحسب، بل بحزمة إصلاحاتٍ اقتصاديةٍ قاسيةٍ بتوجيهٍ من صندوق النقد الدولي. أملت واشنطن هذه الاتفاقية مباشرةً وتحكّمت بمسارها سفارة الولايات المتحدة في القاهرة.

أُرسل فرانك ويزنر إلى مصر بناءً على طلبٍ صريحٍ من أوباما لـ«التفاوض على حلٍّ يتعلّق بحركة الاحتجاج».

كانت نقاشاته مع الرئيس المصري مقدّمةً لكلمة مبارك يوم الثلاثاء في الأول من شباط والتي أكّد فيها أنّه لن يتنحّى عن الرئاسة إلى حين إجراء الانتخابات المقرّرة في خريف 2011. في تصريحٍ علني، أكّد ويزنر أنّه يجب السماح للرئيس مبارك بالبقاء في منصبه. لكنّ البيت الأبيض أوضح لاحقاً أنّ ذلك لا يعكس وجهة نظر الإدارة وأنّ تصريح ويزنر يعبّر عن رأيه الشخصي...

كانت الاجتماعات التي عقدت بين مبارك وويزنر وراء أبوابٍ مغلقةٍ جزءاً من أجندةٍ استخبارية. لم تكن لدى واشنطن نيّة الدفع باتّجاه إيجاد حلٍّ لحركة الاحتجاج، إذ إنّ أولويّتها تتمثّل في تغيير النظام. كان ويزنر مخوّلاً بأن يطلب من مبارك ألاّ يقدم على الاستقالة كيلا يستثار مناخٌ من الفوضى الاجتماعية والغموض، ناهيك عن التفكّر في زعزعة استقرار النظام النقدي المصري نتيجة هروب رؤوس أموال بمليارات الدولارات.

ترأّس ويزنر الأب مكتب الخدمات الاستراتيجية في جنوب شرق أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية. في أعقاب الحرب، أشرف على عدّة عملياتٍ استخباريةٍ أسّست لأسلوب عمل وكالة المخابرات المركزية. وقد تضمّنت مسؤولياته من بين أمورٍ أخرى البروباغندا وعمليات التخريب والتضليل الإعلامي، إلخ. كان مهندس عملية موكينغبير، وهي برنامج الوكالة للتسلل إلى وسائل الإعلام الأمريكية والأجنبية. في العام 1952، أصبح ويزنر رئيس إدارة تخطيط وكالة المخابرات المركزية، وكان ريتشارد هيلز رئيس عملياته. (انظر: فرانك ويزنر ـ ويكيبيديا، الموسوعة الحرّة). كما كان العقل المدبّر وراء الانقلاب الذي رعته الوكالة وأسقط حكومة محمد مصدّق في إيران في العام 1953، ممهّداً الدرب لتنصيب محمّد رضا شاه بهلوي «إمبراطوراً» ودميةً على رأس الدولة.

ترجمة قاسيون