اللقاء اليساري العربي الثالث.. الواقع التحديات!

اللقاء اليساري العربي الثالث.. الواقع التحديات!

جاء اللقاء اليساري العربي الثالث الذي عقد في بيروت من 13 وحتى 15 من الشهر الجاري ليعيد إلى الأذهان السؤال التقليدي: أين هو اليسار؟ وهل انتهت أزمته، أم أن لها فصولاً لم نشهدها بعد؟.

 حضر اللقاء الذي دعا إليه ونظمه الحزب الشيوعي اللبناني، اثنان وعشرون حزباً من أحد عشر بلداً عربياً، وعلى الرغم من أن اللقاء سجل تقدماً لا بأس به عن سابقه من حيث درجة استيعاب اليسار لأزمته وتلمسه للمخارج، إلا أن بعض الطروحات دلّت بوضوح على أن جزءاً غير يسير من الحاضرين ينتمون إلى فضاء سياسي ميت سرعان ما ستوارى طروحاته الثرى..

 

حول «الإسلام السياسي»..

اتفق الجزء الأعظم من الحضور على تناول ظاهرة «الإسلام السياسي» من زاوية ضيقة لم يعلنوا عنها صراحةً هي زاوية العلمنة، حيث ركز جزء من المتداخلين على جوانب التخلف في هذه الظاهرة ومعاداتها لروح الانفتاح والدمقرطة والتقدم، ولا شك في أن لهذا الكلام أرضيته الموضوعية، ولكن مشاكله الكبرى تبدأ بالتدحرج حين يلجأ البعض إلى تعميم الموقف من كل الأحزاب الدينية على أساس العلمنة، الأمر الذي يفتح الباب على مواقف سياسية شديدة الخطورة كوضع حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني في سلة واحدة مع الإخوان المسلمين والنور السلفي وغيرهم.. ولا شك أن هذا الموقف يخفي في طياته استمرار اغتراب جزء من اليسار عن واقع مجتمعاته، بل إنه في العمق يعكس حالة من العجز وغياب التأثير يتم تبريرها بتخلف الواقع وبسيطرة الأيديولوجية الدينية! وكأن اليسار الماركسي إذ ينطلق للتحليل يرمي خلف ظهره أسبقية المادة على الوعي ويضع كل بيضه في سلة «التوعية الجماهيرية الواسعة» لينتقل بذلك من يسار ثوري إلى يسار تنويري. والمؤسف أن ذلك إنما يأتي في وقت هو الأكثر مناسبة للتثوير والأدلجة وليس للتنوير والعلمنة..

 

في «الثورات العربية»..

بدا واضحاً لمتابع اللقاء الثالث أن ربط ما يجري في العالم العربي مع ما يجري في العالم لم يحتل سوى مساحة صغيرة من النقاش الدائر، وحيث أنه من الممكن أن يعكس هذا الأمر انشغالاً حثيثاً بالوضع الداخلي العربي يجب تكثيفه في مدة قصيرة نسبياً هي مدة اللقاء، إلا أنه يعكس في جانب آخر السبب الكامن وراء استمرار حالة العجز لدى البعض، الذي لم يلحظ بعد التغير الجاري في موازين القوى العالمية، وإن لاحظه فهو يعتبره مؤقتاً وعابراً. تبرز هنا مشكلة أخرى هي الأخطر وهي الضعف المعرفي لدى قسط من قوى اليسار، ضعف معرفي جعل جزءاً منهم إذ يتحدث عن الاشتراكية باستحياء فإنه يراها أفقاً بعيداً من غير العقلاني وضعه على طاولة البحث، بل ويذهب نحو التركيز على كون المرحلة هي مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية بشكلها التقليدي، التي ستتبعها نضالات طويلة جداً  قد تستمر عقوداً لكي يبدأ أفق التفكير ببديل الرأسمالية بالانفتاح..!

وبالضد من ذلك، برز لدى مجمل الحضور موقف واضح من الرجعية العربية وتدخلاتها السافرة في شؤون بلدانهم، وتحديداً فيما يخص إدانتهم لمواقف قطر والسعودية بالتوازي مع رفض مواقف تركيا مما يجري..

 

في التحالفات..

لعل إحدى التعبيرات الأكثر وضوحاً عن عجز جزء من اليسار هي طريقة نقاشه لمسألة التحالفات، حيث انطلق بعضهم من المواقف السياسية الجارية ومن الاصطفافات المؤقتة ليبني عليها تحالفاته التي سماها مرحلية، كأن يتم التحالف مع «الإخوان المسلمين» في بلد عربي ما، وبالمقابل ألا تُعطى أهمية كبرى للتحالف مع قوى مقاومة في بلدان أخرى تحت حجة عدم تطابق الوطني مع الاقتصادي- الاجتماعي، وكأن بعض اليسار يطلب مما يسميه «أحزاباً دينية» أن تتحول إلى أحزاب ماركسية ليتحالف معها..! وفي مكان آخر يكتفي بأن تعادي عدوه ليتصادق معها..!!

 

فضائية «اليسارية»

زار مندوبو اللقاء في ثاني أيامه استديوهات فضائية «اليسارية»، حيث عرض فريق اليسارية أمامه مراحل العمل، وأين وصل، والآجال المحتملة للانطلاق في البث. وناقش الحضور في اليوم التالي المهمة التي على اليسارية التصدي لها وآليات دعمها المالية والعينية.. وأصدر القرارات المناسبة في هذا الخصوص.

 

خلاصة..

لا شك أن مرحلة النهوض الثوري التي يعيشها العالم بأسره يجب أن تدفع اليسار العربي والعالمي إلى البحث عن آليات للعمل المشترك ولعل اللقاء اليساري العربي الذي ينظمه الحزب الشيوعي اللبناني يكون خطوة في هذا الطريق، ولكن ما يجب الانتباه إليه أن تفعيل النقد داخل هذه اللقاءات دون مجاملة ودون محاولات توفيق هو السبيل الوحيد نحو وحدة عمل وإرادة حقيقية.. هذا ما علمتنا إياه تجربة الثوريين الأوائل..

 

وفد حزب الإرادة الشعبية

مثل حزب الإرادة الشعبية في اللقاء وفد مكون من الرفاق: (د. قدري جميل، علاء عرفات، حمزة منذر، عمر حصني، مهند دليقان)، وركز الرفاق في مداخلاتهم على ربط الأزمة العامة للرأسمالية العالمية في ما يجري ضمن العالم العربي. حيث قسم الرفيق د. قدري جميل محاور المواجهة إلى ثلاثة مستويات: العام المتمثل بالمواجهة مع الخارج، الاجتماعي- الاقتصادي ضد السياسات النيوليبرالية، وأخيراً الحريات السياسية.. معتبراً أن اليسار قد أخطأ في تقديم أحد جوانب المستويات على الأخرى وجعلها خاضعة وتابعة له. وإذ اعتبر أن المستويات جميعها تشكل أوجهاً متعددة لعملةٍ واحدة، هي القضية الوطنية، رأى أن «ارتفاع منسوب هذه المهام، يدفعنا إلى مواقف جذرية. وأي تأن، أو تردد، أو تأخر زمني يُدفع ثمنه»، مضيفاً أن «الحريات السياسية هي الضامن الوحيد لحماية إنجازات الأولى والثانية».

وأكد الرفيق علاء عرفات على ضرورة إيلاء المسألة المعرفية أهمية كبرى، واستند إلى حقيقة كون المنتصر معرفياً هو من سينتصر في نهاية المطاف ليبرز مقولة موت الفضاء السياسي القديم وخلق الفضاء السياسي الجديد..

كما عالج الرفيق حمزة منذر موضوعة علاقة اليسار بالإسلام السياسي من باب الثلاثية (الوطني والديمقراطي والاقتصادي الاجتماعي)، معتبراً أن اليسار الذي يأخذ موقفاً متشدداً من جزء من قوى المقاومة لكونها «متدينة» هو يسار يعزل نفسه عن الجماهير..

■■

 

القوى المشاركة في اللقاء

فلسطين:

 - الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

- الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

- الحزب الشيوعي الفلسطيني

- حزب الشعب الفلسطيني

- جبهة التحرير الفلسطينية

الكويت:

- الحركة التقدمية الكويتية

العراق:

-التيار الوطني اليساري العراقي

- الحزب الشيوعي العراقي

البحرين:

- المنبر التقدمي الديمقراطي في البحرين

السودان:

- الحزب الشيوعي السوداني

الأردن:

- الحزب الشيوعي الأردني

المغرب:

- النهج الديمقراطي

- حزب التقدم والاشتراكية

تونس:

- حزب العمال الشيوعي

- حزب العمل الوطني الديمقراطي

مصر:

- الحزب الشيوعي المصري

- التجمع الوطني التقدمي الوحدوي

لبنان:

 - التنظيم الشعبي الناصري

- الحزب الشيوعي اللبناني

سورية:

- حزب الإرادة الشعبية