الموقف الروسي يتجذّر.. لافروف: نرفض أي تدخل عسكري في سورية

الموقف الروسي يتجذّر.. لافروف: نرفض أي تدخل عسكري في سورية

أكدت روسيا مجدداً رفضها الطروحات بشأن نشر أية قوات في سورية أو فرض عقوبات عليها، وإصرارها مع الصين على عدم تدخل الأمم المتحدة في الشؤون الداخلية لسورية وعدم استخدام القوة ضدها. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي عرض في سياقه نتائج السياسة الخارجية الروسية للعام الماضي: إن بلاده لن تمرر أبداً أي قرار في مجلس الأمن يجيز التدخل في سورية وأية دولة ترغب في التدخل عسكريا ضد سورية لن تحصل على أي تفويض من مجلس الأمن الدولي، مجدداً دعوة بلاده إلى التوصل إلى حل سياسي عبر البدء بحوار وطني داخلي بعد الوقف الفوري لأي عنف أياً كان مصدره ودعم الجهود التي تبذلها بعثة الجامعة العربية.

 وأكد لافروف أن روسيا تقف ضد تطبيق عقوبات أحادية الجانب، وتعتبر أن مثل هذه العقوبات تقوض سمعة ونفوذ مجلس الأمن الدولي، وتشكل تقويضاً وعائقاً للجهود الجماعية فيما يتعلق بسورية أو إيران أو أية دولة أخرى.

وقال لافروف: بالنسبة لنا فإن الخط الأحمر واضح، ولن نؤيد أية عقوبات أو نشر قوات في سورية، مؤكداً أن روسيا ستعرقل ولن تسمح بأن يتخذ مجلس الأمن أية قرارات غير قانونية لا تتجاوب مع مصالح الشعوب.

وأوضح لافروف أن مشروع القرار الروسي المطروح على المناقشة في مجلس الأمن الدولي حالياً، والذي يحظى بتأييد الصين وبلدان مجموعة بريكس الأخرى، يهدف إلى تحقيق أهداف خاصة بالتوصل إلى حل سياسي بالحوار الوطني الداخلي ومنع تدخل الأمم المتحدة في شؤون سورية الداخلية.

وقال وزير الخارجية الروسي إن روسيا والصين تواصلان الإصرار على أن يتضمن القرار أحكاماً بعدم تدخل الأمم المتحدة في الشؤون الداخلية السورية وعلى عدم جواز تأويل هذه الوثيقة كذريعة لاستخدام القوة ضدها.

وتطرق إلى المواقف التي اتخذتها بعض الدول الغربية حيال مشروع القرار الروسي حول سورية المطروح في مجلس الأمن ووصفهم إياه بغير الصارم، وقال: إن تعليقاتهم التي يتم ترديدها بهذا الخصوص تشكل محاولة للتهرب من السؤال الرئيسي المتعلق بأسباب الصمت عما تقوم به المعارضة المسلحة المتطرفة في سورية ضد المقرات الحكومية والمشافي والمدارس، وأسباب الصمت على الأعمال الإرهابية التي يتم تنفيذها بداخلها، لافتا إلى أن الغرب يتخذ موقفاً أحادي الجانب بهذا الصدد.

وجدد انتقاد بلاده ورفضها لعمليات تهريب الأسلحة إلى سورية لدعم المسلحين، ومحاولات اختلاق أزمة إنسانية فيها، واصفا هذه الإجراءات بأنها مرفوضة وغير مثمرة.

وقال لافروف: هناك حقيقة لا ينكرها أحد تتمثل بتهريب أسلحة إلى المسلحين والمتطرفين في سورية الذين يحاولون استخدام الحركة الاحتجاجية من أجل تحقيق أهدافهم باغتصاب السلطة منتقداً الطروحات التي تتناول إرسال ما يسمى بمساعدات القوافل إلى سورية بهدف خلق الانطباع بوجود كارثة إنسانية.

وأكد لافروف أن هذا الأمر مرفوض بصورة مطلقة وغير مثمر إطلاقاً لأنه يؤدي إلى احتدام مسلسل العنف.

وحول التصريحات الصادرة عن مسؤولي بعض الدول الغربية بشأن نفي الرغبة بالتدخل العسكري ضد سورية، أعرب لافروف عن الأمل في أن تكون هذه التصريحات قد صدرت بنوايا صادقة وتعكس الموقف الفعلي لهذه الدول، لافتاً إلى وجود معلومات لدى بلاده تدل على أن دولاً بالغرب لا تنظر بجدية إلى مسالة فرض حظر جوي على غرار ما جرى في ليبيا مؤكداً أنه لا يمكن تطبيق السيناريو الليبي في سورية.

وقال لافروف: سمعت دعوات لإرسال قوات عربية إلى سورية، وإذا كان هناك من ينوي استخدام القوة بأي ثمن فعليه أن يفعل ذلك بمبادرته الخاصة، وسيبقى ذلك معلقاً بضمائرهم، ولكنهم لن يحصلوا أبداً على أي تفويض من مجلس الأمن بهذا الخصوص.

ودعا لافروف الدول التي تملك تأثيراً على المعارضة في سورية إلى استخدام تأثيرها لوقف العنف والعمل على درء استخدامه ضد المدنيين، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن على الدول أيضا التي تتحاور مع الحكومة السورية أن تصر عليها على عدم استخدام القوة، معربا عن استعداد روسيا لأن تستقبل في أراضيها ممثلي الأطراف السورية المختلفة لإجراء لقاء بما أمكن من السرعة للاتفاق على إطلاق حوار وطني.

ولفت إلى وجود معلومات عن أن الجامعة العربية تقترح إجراء مثل هذا الحوار، وأنه إذا نشأت صعوبات لدى أحد فان روسيا مستعدة لاستقبال جميع الأطراف وتوفير الظروف للبدء بالاتفاق دون أي تدخل.

من جانب آخر أكد وزير الخارجية الروسي أن روسيا تصدر الأسلحة إلى سورية بصورة شرعية ولا ترى بأن هناك حاجة لأن تبرر هذا الأمر لأنها لا تنتهك أية اتفاقيات دولية، ولا تخالف قرارات لمجلس الأمن الدولي، ولا ترسل أسلحة محظورة إلى سورية، راداً بذلك على ما أعلنته مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن سوزان رايس حول ما اعتبرته قلقا حيال إرسال أسلحة روسية إلى سورية.

وشدد لافروف على ضرورة اعتماد الحوار الوطني لتسوية الأزمات الناشئة في عدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا محذرا من خطر نشوب حرب كبيرة تلحق الأذى ببلدان المنطقة برمتها ودول أخرى تقع بعيدا عن حدودها في حالة عدم اعتماد أساليب الحوار، موضحاً أنه يجب دعم الحوار الوطني وإفهام القوى الموجودة في المعارضة بأنه يتوجب عليها الاتفاق ضمن أطر العملية السياسية وعدم تحريض هذه القوى على استخدام السلاح وإسقاط الأنظمة.

وأكد وزير الخارجية الروسي وجوب امتناع القوى الخارجية عن محاولة التدخل بالحوار الوطني أو استخدام القوة أو التدخل في الحملات الانتخابية للدول والعمل مع القوى البناءة في هذه الدول لتقديم المساعدة على اشاعة الاستقرار وحل القضايا الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة.

وأكد أن روسيا تعارض فرض عقوبات أحادية الجانب واستخدام أية جهة تدابير لإرغام الأخرى بما في ذلك عقوبات جدية دون استشارة زملاء لها في مجلس الأمن، مشيرا إلى أن روسيا والصين واجهتا في السابق محاولات مماثلة بهذا الخصوص.

وحول التهديدات ضد إيران حذر وزير الخارجية الروسي من عواقب أي هجوم ضد إيران، وقال: إن ذلك سيشكل كارثة تؤدي إلى أخطر العواقب، داعياً القوى الخارجية إلى الامتناع عن محاولة تقسيم الدول الإسلامية والى العمل من أجل جعلها شريكا مستقرا آمنا لأنه لا يمكن مكافحة التحديات الراهنة دون مشاركة العالم الإسلامي.

ولفت لافروف إلى أن روسيا والصين عملتا على إدخال مشروع قرار مشترك يفتح المجال لاستئناف المفاوضات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية داعيا الطرفين إلى الاعتراف بمسؤولياتهما لاستئناف هذه المفاوضات.

وحول العلاقات الروسية الأمريكية وإمكانية أن يؤدي نشر الدرع الصاروخية إلى سباق تسلح، رأى لافروف أنه لا توجد أسس للحديث حول الوصول إلى عتبة سباق تسلح جديد أو حرب باردة، مشددا في الوقت نفسه على أن روسيا سترد بإجراءات تكفل أمنها في حال استمرت الولايات المتحدة بنشر الدرع الصاروخية في أوروبا بشكل يهدد القوات الروسية الإستراتيجية على مقربة من الحدود الروسية.

وقال لافروف: ان محادثاتنا مع الأمريكيين تشير إلى أنهم لا يستبعدون أن تهدد الدرع الصاروخية القدرات النووية والإستراتيجية الروسية، ونحن نعتمد على الأعمال والأفعال وليس على التصريحات بالنسبة للأمن الدولي، وسيكون الرد دقيقا ومناسبا لإمكانيات الدرع الصاروخية الأمريكية حسب نشرها ومحادثاتنا حول هذا الأمر مستمرة .. وهناك وقت لنزع المسائل الحادة المختلف عليها، لكن هذا الوقت ليس بلا نهاية، وأمل أن تكون هناك رغبة للحيلولة دون لعب الدرع الصاروخية دورا في زيادة التوتر بالعلاقات بيننا إلى حد يمكن أن يوصف بأنه مرحلة المواجهة، وآمل أن يتعقل الأمريكيون في هذا الأمر ويجدوا مخرجاً، إذ يجب أن يسمع صوتنا وتحصل مصالحنا على ردة فعل مناسبة.