أعباء وتكاليف جديدة.. رفع أجور نقل الركاب بنسبة 100%!

أعباء وتكاليف جديدة.. رفع أجور نقل الركاب بنسبة 100%!

رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أجور نقل الركاب بين المحافظات بتاريخ 8/8/2023.

وبحسب قرار الوزارة يحسب الكيلومتر الواحد بالنسبة لحافلة رجال أعمال (30 راكباً) 60 ليرة، وبالنسبة لباص البولمان العادي (45 راكباً) 50 ليرة سورية للكيلو متر الواحد، أما الميكرو باص بولمان حديث مكيف محدث على القانون الاستثمار رقم 10 سعة (30-33 راكب) بـ 53 ليرة سورية لكل كيلومتر.
تضمن القرار أيضاً إضافة نسبة 20% على التعرفة المعتمدة للمحافظات الشرقية كبدل خطورة، لحين زوال الأسباب.
وبحسب الأسعار الجديدة في بعض شركات البولمان، وهي غير نهائية، فقد بلغ سعر التذكرة بين دمشق واللاذقية 21 ألف ليرة سورية لرجال الأعمال، مقابل 15 ألفاً للباص العادي. وبين دمشق وحلب 24 ألفاً وخمسمئة. ودمشق- حماة 13 ألفاً لرجال الأعمال، مقابل 10 آلاف وتسعمئة للباص العادي. ودمشق- صافيتا 9 آلاف وستمئة ليرة. ودمشق- طرطوس 11 ألفاً وأربعمئة لباص البولمان العادي. أما دمشق- السويداء 10 آلاف ليرة سورية.

نسبة الزيادة 100% تقريباً!

تجدر الإشارة إلى أن نسبة الزيادة الحالية تقارب 100% على الزيادة السعرية السابقة التي تم إقرارها في شهر أيار الماضي.
فعلى سبيل المثال كانت التعرفة الكيلومترية لحافلة البولمان لرجال الأعمال (30) راكباً 32,40 ليرة لكل كيلومتر، وأصبحت الآن 60 ليرة!

الأولوية للشركات والسلبيات للمواطنين!

بررت الوزارة قرارها بارتفاع تكاليف التشغيل للبولمان الواحد، من ارتفاع الزيوت المعدنية وأجور الصيانة والإصلاح وقطع الغيار والرواتب والأجور وتكلفة المازوت وعدم تأمينه بالسعر الرسمي، وغيرها من التكاليف وفقاً لطلبات شركات النقل، كما جاء بالقرار.
فالقرار راعى ارتفاع التكاليف على المستثمرين دون النظر لانعكاس هذه الارتفاعات على المواطن!
فالأولوية بحسب الرسميين للشركات الخاصة على حساب المواطنين على طول الخط!
بالمقابل فإن أكثر الفئات المتضررة من هذا القرار هم الطلاب الجامعيون والعسكريون، نظراً لحاجة هذه الشرائح أكثر من غيرها للتنقل بين المحافظات بصورة متكررة.
فطالب يدرس بجامعة دمشق من محافظة أخرى عليه تكبد ما يقارب الـ80 ألف إلى 196 ألف شهرياً، في حال قام بزيارة أهله مرة كل أسبوع، دون إضافة تكاليف المواصلات من وإلى الكراج، وهذا المبلغ يعادل الحد الأدنى للأجر رسمياً!
وكذلك الأمر بالنسبة للعسكري الذي سيتكبد تكلفة شهرية تعادل 200 ألف شهرياً، مقابل دخل لا يتجاوز 150 ألف ليرة، دون النظر للتكاليف المعيشية الأخرى، من غذاء وطبابة ومستلزمات عديدة.

تعديل أجور النقل للسرافيس وباصات النقل الداخلي

صرح عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق «قيس رمضان» بأن شركات النقل الداخلي تقدمت بطلبات لرفع الأجور وبأنه ستتم دراسة المتغيرات الحاصلة على صعيد ارتفاع أجور قطع التبديل ومختلف المواد والمستلزمات على صعيد البطاريات والإطارات ولاسيما عند ارتفاع سعر صرف الدولار وبعد قرار رفع أجور النقل بين المحافظات.
علماً أن السعر الرسمي حاليا يقدر بـ400 ليرة للخط القصير و 500 ليرة للخطوط الطويلة.
لتصدر بعدها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتاريخ 10 أب 2023 قراراً باعتماد التعرفة الكيلومترية لكل من الميكروباص سرفيس (9-14) راكباً العاملة على المازوت لتصبح 38 ليرة لكل كيلومتر، والميكرو باص العادي (25) راكب لتصبح 35 ليرة. أما الميكرو باص الذي يعمل على المازوت بدون تكييف (24) راكباً فما فوق لتصبح 32 ليرة. والميكرو باص شبه البولمان (40- 45) راكباً لتغدو 38 ليرة.

أزمة المواصلات والمزيد من التضييق!

تشهد المناطق السورية كافة أزمة مواصلات خانقة ومستمرةـ، يمكن وصفها في بعض المناطق بالحادة، وذلك نتيجة الرفع المستمر لأسعار المحروقات وعدم توفير المخصصات المدعومة كماً وسعراً بما يلبي الحاجات الفعلية، رغم وجودها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة للمضطرين!
يتزامن هذا مع الأزمة الاقتصادية الخانقة المتفاقمة باستمرار، والأوضاع المعيشية المتردية للمواطنين!
حيث ترتفع أسعار السلع والمواد في الأسواق بشكل دائم دون ضوابط، على التوازي مع إجراءات تخفيض الدعم الجائرة، وما يطرأ على الليرة من انخفاض في قدرتها الشرائية بنتيجة المضاربة على سعر الصرف، كل هذا وسط عجز رسمي، إلا بالاستمرار بإصدار القرارات التي تحمل في طياتها مزيداً من التضييق على المواطنين أكثر فأكثر!

مزيد من الأعباء على الشارع السوري!

التعديلات الجارية على أجور نقل الركاب بين المحافظات، أو التعرفة الجديدة لخطوط النقل الداخلي والسرافيس، عبارة عن أعباء مادية إضافية كبيرة على المواطنين، وهي أعباء يومية اضطرارية للوصول إلى مكان العمل أو الدراسة أو لقضاء أية حاجة ضرورية!
فعند النظر إلى عامل يستقل وسيلتي نقل عمومي (سرفيس وهي الأقل تكلفة) ذهاباً وإياباً بتكلفة ألف ليرة للرحلة، وبصورة يومية للوصول إلى مكان عمله على مدار 22 يوم دوام فعلي شهرياً، فنحن نتحدث هنا عما يقارب 88 ألف ليرة سورية، وهو ما يعادل ثلثي أجره تقريباً، دون التطرق للحالات الطارئة حيث يكون مجبراً أن يستقل وسيلة نقل بتكلفة أعلى (تكسي- تكسي سرفيس)، ليصبح وسطي تكاليف المواصلات الشهرية للفرد الواحد ما يعادل 100 ألف ليرة!
هذا المبلغ الشهري من الناحية العملية يتجاوز قدرة غالبية الأسر السورية المفقرة، التي تعيش سلفاً تحت خط الفقر، وتعجز عن تأمين احتياجاتها المعيشية الأساسية!

بدائل التكيف والمرونة لا تحل الأزمة المعممة!

المواطن الذي بات بحاجة إلى راتب لتغطية تكاليف المواصلات، وراتب أو اثنين مع استمرار العجز عن تغطية متطلبات حياته الأساسية، يغدو المشي سيراً ع الأقدام الخيار الوحيد أمامه!
فالبعض من الشباب يمشون مسافة سيراً على الأقدام، ومن ثم يلتحقون بوسيلة نقل كي يوفروا على أنفسهم أجرة سيرفيس!
فيما يلجأ البعض، وتحت ضغط الاضطرار، لحلول بديلة بحسب الإمكانات المتاحة، كظاهرة الدراجة الهوائية التي باتت شائعة، حالها حال الدراجة الكهربائية والدراجات النارية، إضافة إلى ظهور بعض المبادرات المجتمعية مثل (ع طريقك) في بعض المناطق والبلدات!
لكن كل هذه البدائل لا تحل الأزمة المعممة، لا على مستوى التكاليف المرهقة بالنسبة للمواطنين، ولا على مستوى زيادة أعداد وسائط المواصلات وتحسين خدماتها!
فالبدائل الاضطرارية أعلاه، التي تعبر عن قدرة المواطن على التكيف ومرونته في التعامل مع الأزمات، غير قابلة للتعميم، وهي بآن تعمق الأزمة التي يتم استغلالها بشكل كبير ومستنزف للمواطن ولمرونته وقدرته على التكيف، وصولاً إلى الإنهاك المهدد للحياة!

الدور الرسمي وتعميق المعاناة!

بات الدور الرسمي بالواقع العملي يقتصر على الإعلان عن الزيادات السعرية، لأية سلعة أو خدمة، أو شرعنتها صمتاً وفساداً، دون مراعاة أوضاع الغالبية المفقرة، وتحديداً أصحاب الدخل المحدود التي تعرف الحكومة تماماً ثقل قراراتها عليهم ونتائجها الكارثية على حياتهم وخدماتهم ومعاشهم!
فخلال أسبوع واحد تضاعفت معاناة المواطنين بنتيجة بعض القرارات الرسمية، مثل، رفع سعر الصرف الرسمي لـ 10100 ليرة سورية. ورفع تكلفة الحصول على جواز السفر لـ 3 ملايين ليرة سورية. ورفع سعر الأدوية بنسبة 65%. ورفع سعر البنزين لـ 10 آلاف ليرة سورية. ورفع أسعار الدخان الوطني 50%. وأخيراً رفع أجور النقل بنسبة 100%!
وفي ظل الاستمرار بنهج التعامي عن مصالح الغالبية المفقرة مقابل محاباة مصالح الأقلية من كبار أصحاب الأرباح فإن معاناة الغالبية ستتعمق أكثر فأكثر!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1135