25% من المباني بالحد الأدنى متهالكة وغير آمنة للسكن!
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

25% من المباني بالحد الأدنى متهالكة وغير آمنة للسكن!

خلال مؤتمر صحفي بتاريخ 20/2/2023 أعلن وزير الأشغال العامة والإسكان أن: «لجان السلامة الإنشائية في المحافظات المتضررة جراء الزلزال (حلب واللاذقية وحماة)، أنهت الكشف عن حالة أكثر من 41 ألف مبنى، وستقوم بتصنيفها إلى أبنية متضررة بالكامل، وأخرى تحتاج إلى تدعيم، وأبنية تحتاج إلى صيانة بسيطة، ومبان سليمة».

وفي توضيحات تفصيلية بين الوزير أن: «عدد الأبنية التي كشفت عليها اللجان في محافظة اللاذقية تجاوز 22 ألفاً، وفي حلب أكثر من 12,600 مبنى، وفي حماة 7,200 مبنى، وهذا الأرقام قابلة للارتفاع مع تواصل عمليات الكشف على المباني».

الأرقام أعلاه إجمالية وغير منتهية، ولم توضح فيها التفاصيل وفقاً للتصنيف أعلاه (متضررة بالكامل- تحتاج لتدعيم- تحتاج لصيانة بسيطة- سليمة)، بالرغم من الإعلان عن انتهاء عمليات الكشف، كذلك لا تتضمن عدد الأبنية التي سبق وانهارت في هذه المحافظات المنكوبة بسبب الزلزال!

المحافظات الأقل تضرراً من الزلزال

على الطرف المقابل، وفي محافظة حمص الأقل تضرراً من الزلزال، بين عضو المكتب التنفيذي لقطاع البلدان والبلديات والإسكان في محافظة حمص رامح منصور لصحيفة الوطن بتاريخ 22/2/2023، أن إجمالي الأبنية التي تم الكشف عليها حتى تاريخه وصل إلى حوالي 880 بناء، وتبين بحسب الكشوف الحاصلة أن نحو 40 بناء منها بحاجة للهدم، و185 بناء بحاجة إلى تدعيم، و630 أبنية آمنة إنشائياً.

أي إن نسبة 4% من الأبنية التي تم الكشف عليها في الحافظة يجب أن تهدم، ونسبة 21% منها بحاجة للتدعيم، أي إنها معرضة للانهيار، ما يعني أن النسبة الإجمالية للأبنية المتهالكة وغير الآمنة للسكن هي 25%.

وفي محافظة طرطوس، بحسب إذاعة نينار اف ام بتاريخ 24/2/2023، بلغ عدد المباني التي تم الكشف عليها من قبل اللجان المشكلة للبحث عن الأضرار الناجمة عن الزلزال 3512 بناء، تشمل منازل سكنية ومدارس، وتبين أن 123 منها يحتاج للهدم، بينما يحتاج 732 لإعادة تدعيم البناء، في حين أن ما تبقى آمن إنشائياً، ولا يشكل خطراً على السلامة العامة.

أي ان نسبة 3% من الأبنية التي تم الكشف عليها في المحافظة يجب أن تهدم، ونسبة 20% منها بحاجة للتدعيم، أي إنها معرضة للانهيار، ما يعني أن النسبة الإجمالية للأبنية المتهالكة وغير الآمنة للسكن هي 23%.

أكثر من 13 ألف أسرة
منكوبة بسكنها حتى تاريخه!

بإسقاط النسب المبينة أعلاه للأبنية المتهالكة وغير الآمنة في كل من محافظتي حمص وطرطوس، والمقدرة بـ 25% من إجمالي عدد الأبنية التي تم الكشف عليها، على الأرقام الإجمالية المعلنة من قبل الوزير عن عدد الأبنية التي تم الكشف عليها أعلاه، والبالغة 41 ألف مبنى، يمكن أن نستنتج أن عدد الأبنية المتهالكة في المحافظات المنكوبة حتى تاريخه يقدر بـ 10,250 بناء، والتي يجب أن تضاف إليها أعداد الأبنية التي انهارت سلفاً في هذه المحافظات.
والنتيجة، أن عدد المباني المتهالكة وغير الآمنة في المحافظات المنكوبة، بالإضافة إلى محافظتي حمص وطرطوس فقط، يصل إلى 11,330 بناء حتى الآن!

وبحال أن كل بناء يضم 10 أسر فقط لا غير، فهذا يعني أن عدد الأسر المنكوبة فعلياً في سكنها، حتى تاريخه، يتجاوز 13 ألف أسرة في المحافظات المذكورة فقط لا غير، وهذا الرقم مرشح للزيادة الكبيرة، طبعاً مع استكمال عمليات الكشف، بحال تم استكمالها!

ماذا عن بقية المحافظات بمناطق مخالفاتها وعشوائياتها؟

من المفروغ منه، أن النسبة المقدرة أعلاه من الأبنية المتهالكة وغير الآمنة ستكون أعلى بكثير، تناسباً مع عدد الأبنية الكبير في مناطق المخالفات والعشوائيات المنتشرة في مختلف المحافظات، والبعيدة كل البعد عن عوامل السلامة والأمان، والشروط الهندسية والفنية، والتي تشكل نسبة تتجاوز 60% من إجمالي عدد المباني المشيدة!

وبالتالي، بحال تم العمل على الكشف الفعلي على الأبنية المشادة في مناطق المخالفات والعشوائيات من قبل اللجان المشكلة لهذه الغاية في المحافظات، فلا بد أننا سنكون أمام أعداد كبيرة من الأسر المنكوبة في سكنها بالنتيجة!

لكن، وعلى الرغم من أهمية وضرورة عمليات الكشف على الأبنية في جميع المحافظات، ليس تحسباً من آثار الزلزال فقط، بل تحسباً لكل آثار التصدعات الناجمة عن المعارك خلال سني الحرب والآزمة، وبالرغم من نتيجتها المتمثلة بالزيادة الكبيرة في أعداد المنكوبين سكناً، إلا أن هذه المهمة، ومع كل أسف، ليست واجبة على اللجان المشكلة، وليست شاملة لجميع المناطق والمباني، بل مقتصرة ومشروطة بإبلاغ المواطنين، وبناء على طلبهم فقط!

محافظة دمشق مثالاً عن رفع العتب واللا مسؤولية!

أصدر محافظ دمشق قراراً بتشكيل تسع لجان مشتركة للطوارئ في محافظة دمشق، وكلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق، مهمتها «إجراء الكشوفات على العقارات التي يتم الإبلاغ عنها، بهدف تقييم الحالة الإنشائية والفنية للمباني وتقدير السلامة الإنشائية وتقديم الدعم الفني اللازم».

وفي متن الإعلان عن تشكيل اللجان أعلاه، بحسب صفحة المحافظة الرسمية، ورد أن: «المحافظة تذكر الأخوة المواطنين عن تخصيص رقم واتس آب، للتواصل وإرسال العنوان بالتفصيل والمعلومات ورقم الموبايل، أو الهاتف الارضي في حال وجود تشققات بالأبنية السكنية، أو ملاحظة أية تصدعات جراء الزلزال، لإرسال لجان الكشف الفني على العنوان المرسل».

قرار تشكيل اللجان التسع أعلاه، يبدو أنه شكلي، ولذرّ الرماد في العيون ليس إلا!
فالمحافظة تريد الظهور بمظهر المسؤول، مع التهرب من المسؤوليات الملقاة على عاتقها بنفس الوقت، خاصة مع ربط مهام اللجان بالتصدعات جراء الزلزال فقط، كما ورد في متن الإعلان!

فالمسؤولية، بحال توفرت النية الجادة لتحملها، تقتضي من اللجان المشكلة البدء بعملها اعتباراً من المناطق التي تشك المحافظة بواقع أبنيتها ناحية الحالة الإنشائية والفنية للمباني وتقدير السلامة الإنشائية، وخاصة مناطق المخالفات والعشوائيات، داخل المدينة وبمحيطها، والتي تعلم المحافظة مسبقاً واقع تهتك أبنيتها، وضعف عوامل الأمان والسلامة فيها، بسبب بعدها عن شروط السلامة، وعدم تقيد منفذيها بالشروط الهندسية والفنية، دون انتظار الاتصالات من المواطنين بهذه المناطق للإبلاغ عنها!

فهل إعلان رفع التعب أعلاه ينفي مسؤولية المحافظة، أو أنه تكريس لتخليها عن مسؤولياتها؟!
وأين دور ومسؤولية وزارة الإدارة المحلية، والحكومة من خلفها، بشأن عمل مثل هذه اللجان المشكلة في جميع المحافظات ومهامها، وبما يضمن سلامة وأمان المواطنين في مساكنهم، ولو بالحدود الدنيا؟

فالحكومة، وتهرباً من مسؤولياتها، لم تكلف نفسها عناء تكليف المحافظات بالكشف على كافة الأبنية فيها، وخاصة الأبنية المشكوك فيها، بسبب الزلزال وبسبب التصدعات الناجمة عن العلميات العسكرية خلال السنوات الماضية، وذلك من كل بد تكريساً لتهربها من نتائج كشوف هذه اللجان، والتي ستظهر الكم الكبير من أعداد المباني غير الآمنة بحسب النسب المبينة أعلاه، وما يفرضه عليها لاحقاً من مسؤوليات تجاه الأسر المنكوبة بسكنها، كإضافة نوعية جديدة لتهربها من كل مسؤولياتها وواجباتها الأخرى والكثيرة تجاه عموم السوريين، وعلى كافة المستويات!

الكشوف المأجورة لم يتم الإعفاء منها!

بقي أن نشير إلى أن عمليات الكشف على الأبنية، من قبل لجان المحافظة والنقابة، مأجورة عادة، وهي تكلف مئات الآلاف من الليرات على من يطلب عملية الكشف!

ولم يصدر حتى تاريخه أي إعفاء رسمي من هذه الأجور والرسوم الأخرى المفروضة لهذه الغاية على إثر كارثة الزلزال، بل جل ما هناك هو تأكيد من قبل نقيب المهندسين في سورية غياث قطيني، لموقع «سيريانديز» بتاريخ 20/2/2023، بأن: «النقابة حالياً لا تتقاضى أية أجور أو نفقات أو رسوم تتعلق بالكشف عن الأبنية المتضررة، أو المتصدعة نتيجة الزلزال».

لكنه بالمقابل، أكد أيضاً أن: «ما يحدث الآن هو كشف أولي، وهو مجاني تماماً لجميع الجهات العامة والخاصة والمواطنين، وخلال المرحلة القادمة عندما تكون هناك دراسة فنية كاملة، ستعمل النقابة على تخفيض رسوم هذه العمليات إلى الحد الأدنى».

والنتيجة، أن أي مواطن سيطلب إجراء كشف على البناء الذي يسكن فيه، للاطمئنان على أنه آمن للسكن، تحسباً واحتياطاً، سيتكبد هذه المئات من الآلاف من الليرات!
فالحكومة، وبغض النظر عن مساعي نقابة المهندسين لتخفيض رسومها، وحتى تاريخه، وعلى الرغم من حجم الكارثة، لم ترهق نفسها حتى على مستوى الإعفاء من هذه الأعباء المالية على المواطنين، المنكوبين على كافة الأصعدة، لتثبت مجدداً لا مسؤوليتها ولا مبالاتها تجاه المواطنين، بل واستهتارها بحياتهم!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1111