الخصخصة الرسمية لقطاع الكهرباء
صدر القانون رقم 41 القاضي بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء لعام 2010، تحت عنوان: دعم كميات الكهرباء المتاحة، وتنويع مصادر الطاقة، وتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، وتشجيعاً للقطاع الخاص على تنفيذ مشاريع توليد الكهرباء وتحميله مسؤولية تجاه المجتمع، وذلك سعياً لتحقيق استراتيجية الطاقات المتجددة.
وباختصار، وبكل مباشرة، ودون الخوض ببعض التفاصيل، وخاصة موضوع تأمين المشتقات النفطية لمشاريع التوليد التقليدية، من أين وكيف وبأية أسعار؟ فإن التعديلات التي أدخلت على بعض أحكام قانون الكهرباء رقم (32) لعام 2010، هي استكمال الخصخصة الجزئية الرسمية لقطاع الكهرباء.
فقد سُمح للقطاع الخاص بموجب التعديلات الأخيرة، أن ينتج ويوزع ويبيع ويصدر الطاقة الكهربائية، وبغض النظر عن نوعية مشاريع الطاقة الكهربائية التي سيتم الترخيص لها، سواء كانت مشاريع توليد تقليدية، أو بالاعتماد على الطاقات المتجددة.
ولعل حديث وزير الكهرباء، عبر الفضائية السورية بتاريخ 29/10/2022، فيه الكثير من التوضيح بهذا الشأن، حيث قال: «إن دخول المستثمرين على خط إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة والتقليدية لا يعني خصخصة قطاع الكهرباء، بل هو مساهمة من القطاع الخاص، حيث تبقى الأسعار من مسؤولية وزارة الكهرباء، كما تبقى المشاريع الكبرى هي أيضاً تحت إشرافها وتنفيذها».
فبكل وضوح، يعلن الوزير، أن ما تبقى من مسؤوليات بعهدة الوزارة بشأن مشاريع توليد الطاقة الكهربائية هي مسؤولية محصورة بالتسعير فقط!
ولنا تجربة مريرة بما يخص مسؤولية التسعير، وفقاً لآليات العمل الحكومي، وخاصة ما يتعلق بتسعير المواد والسلع الأساسية، وتحديداً الغذائيات، وكيف يتم فرضها من قبل البعض من كبار المستوردين، وما على وزارة حماية المستهلك إلا الرضوخ لمشيئة أصحاب الأرباح بالنتيجة!
أما حديث الوزير عن المشاريع الكبرى التي سيبقى تنفيذها بيد الوزارة، أي بتمويل الدولة، فهو بلا شك تأكيد رسمي على أنه لا رهان على القطاع الخاص في مثل هذه المشاريع!
فلن يستثمر القطاع الخاص في المشاريع المكلفة، بل سيصب جل اهتمامه في بعض المشاريع الصغيرة سريعة وكبيرة الأرباح، هذا بحال تم ذلك؟!
أما الأكثر وضوحاً، فهو تكريس تقويض دور الدولة بهذا القطاع الحيوي والهام، والذي يعتبر من القطاعات السيادية!
فبعد التخلي عن دور الدولة في تأمين الطاقة الكهربائية بما يكفي الحاجات، أو بالحد الأدنى منها، وفقاً لما يمكن إنتاجه من محطات التوليد العاملة، مع الكثير من التبريرات والذرائع لتبرير التقصير في هذا المجال، أو رمي الكرة في ملعب وزارة النفط، بالتوازي مع سياسات تخفيض الدعم الجارية على هذا القطاع وغيره من القطاعات الهامة الأخرى، وإجراءات تخفيض الدعم المباشر التي طالت حقوق المواطنين ومن حسابهم، جرى الآن تخلٍّ إضافي عن جزء من هذا القطاع بالخصخصة، وستتبعه ربما بقية الأجزاء!
فإذا كان التعديل الحالي يقيد بيع الكهرباء المنتجة من المشاريع المزمعة للمشتركين على التوتر المتوسط، فإن ما هو قائم من مشاريع توليد صغيرة تحت مسمى «الأمبيرات»، وهي تعتبر تقليدية، والمخصصة للتوتر المنخفض الخاص بالمستهلكين من المواطنين، والتي انتشرت في الكثير من المدن والبلدات خلال السنوات السابقة، فلن يطول بها الأمر لشرعنتها قانوناً هي الأخرى على ما يبدو، برغم انتزاعها المشروعية الإدارية لها حتى الآن، تحت ضغط الحاجة والاضطرار كذريعة.
فهل من خصخصة أكثر وضوحاً من ذلك؟!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1094