ماذا بعد؟
دعاء دادو دعاء دادو

ماذا بعد؟

بالرغم مما تمر به سورية، والشعب السوري، من اختناقات كادت أن تفقد الناس صوابهم، أو إن صح القول: بدأت تفقد الناس صوابهم- من تدني مستوى معيشي رهيب- قاتل- مُفتعل- جنوني إلخ.. استمر احتكار السلع، كما استمر الشتاء القاسي دون أية وسيلة للتدفئة، بالإضافة إلى الطوابير، والشجار من أجل الحصول على ربطة الخبز، ليكتحل كل ذلك بالكثير من الممارسات السلبية بحق الغالبية المفقرة من الشعب، سواء من قبل الحكومة الموقرة، أو من قبل كبار التجار والحيتان.

تأثيرات سعر الصرف

بالتأكيد، إن الحجة لدى الحيتان الكبيرة، والسبب الرئيسي والأساسي للارتفاع الجنوني لأسعار السلع والمواد التموينية في السوق، هو «ارتفاع سعر العملة الأجنبية»، علماً أن الحكومة منعت عموم المواطنين من التعامل بها، بل وحتى من ذكرها، طبعاً باستثناء بعض الحيتان الكبار الذين يستوردون السلع الغذائية، أو الألبسة وغير ذلك، المحسوبة بالدولار طبعاً، والذين ما زالوا إلى اليوم يتلاعبون بأسعار السلع حسب سعر الصرف بالسوق السوداء.
أما المصيبة فتكمن بأسعار بعض السلع المنتجة محلياً، ذات المواد الأولية السورية وغير المستوردة من الخارج، والتي لا علاقة لها بالدولار، لكنها بآن متأثرة أشد التأثير بسعر الصرف في السوق السوداء للأسف أيضاً.
فلم تعد هناك أية سلعة، بل وحتى خدمة، لا يتم تسعيرها وفقاً لمتغيرات سعر الصرف في السوق السوداء، وطبعاً كل ذلك لمصلحة كبار الحيتان وعلى حساب الغالبية المفقرة.

ارتفاعات مستمرة دون توقف...

اللافت للانتباه بموضوع الأسعار، بأنها تتأثر بسعر الصرف ارتفاعاً، لكنها لا تتأثر به انخفاضاً، وفق معادلة فريدة من نوعها، ومن الصعب فهمها حتى: «ترتفع الأسعار بارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء.. تبقى الأسعار مرتفعة حتى وإن هبط سعر الصرف.. النتيجة تبقى أسعار السلع مرفرفة بالعلالي».. وكذلك بات من الطبيعي أن تسجل الفروقات السعرية ارتفاعاً فقط بين الصباح والمساء، وأحياناً بين ساعة وأخرى!
فيما يلي تباينات أسعار بعض السلع الغذائية- بسعر نصف جملة، خلال أقل من أسبوع واحد: لبنة متوسطة الجودة كانت 3500 ل.س أصبحت 4500ل.س، رز نوعية جيدة كان 3300 ليرة أصبح 3700 ليرة، معكرونة نوعية جيدة كانت 1800 ليرة أصبحت 2400 ليرة، زيت نباتي جيد كان 6900 ليرة أصبح 7600 ليرة، قهوة نوعية وسط كانت 12000 ليرة أصبحت 15000 ليرة، شاي نوعية جيدة كان 20000 ليرة أصبح 23000 ليرة.
وهذا إن كان يدل على شيء، فإنه يدل على الكم الكبير من الاستغلال للسوريين، وخاصة ذوي الدخل المحدود والفقراء والمعدمين، والتي تتزايد نسبتهم يوماً بعد يوم بسبب طمع وجشع التجار المحتكرين للمواد الغذائية، وانسحاب الدولة من ممارسة مهامها ودورها المفترض.

كوارث مُفتعلة

إذا قمنا بالبحث عن طريق «غوغل» عن معنى «الكوارث المُفتعلة» فسيدلك مربع البحث تلقائياً على الأزمات السورية الخانقة، من طوابير الخبز والمحروقات ككل، والمواد المدعومة... إلخ، التي تُري العالم بأن الحكومة السورية والمعنين عاجزون تماماً على توفير أبسط متطلبات الحياة في ظل التدهور الكبير في الأوضاع بشكل عام.

حياة السوريين بخطر!

يكفي أن نعلم ما معنى أن يكون راتب موظف الحكومي حوالي الـ 60 ألف ليرة سورية، بمعنى أن الغالبية يعيشون تحت خط الفقر وتحت رحمة الله، ومن هنا نعلم حجم الكارثة التي يعيشها غالبية السوريين.
فالغالبية غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء في ظل هذا الارتفاع الفاجر في الأسعار، وهذا مؤشر سيء بأن يخسر الغالبية من الشعب السوري حياته من الجوع مستقبلاً بحال الاستمرار على نفس المنوال، معيشياً وخدمياً وصحياً و..

واقع وتساؤلات مشروعة

تشهد جميع المحافظات السورية تدنياً واضحاً بالطلب على الأساسيات الحياتية، وخاصة الغذائية من أجل البقاء على قيد الحياة، في حين أن الحكومة لم تحرك ساكناً بهذا الشأن!
غلاء فاحش، فقر متزايد، احتكار لجميع السلع والمواد، بطالة، مرض، سرقة، نهب، سلوك شاذ بسبب العوز وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات إلخ...
فمن سيحاسب الذين تسببوا بكل ذلك، وبتدمير شعب بأكمله أصبح يتضور جوعاً أكثر فأكثر؟
ومن سيحقق فعلاً تمنيات المواطن المفقر بالحصول على أبسط حقوقه المتمثلة في الحصول على الغذاء الضروري للبقاء على قيد الحياة؟
ومن سيضع الحدّ للحيتان والفاسدين والمستغلين، الذين يُجوّعون الشعب ويسرقونه، لتحقيق ثرواتهم على حساب السوريين واستمرار معاناتهم؟؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1007
آخر تعديل على الإثنين, 01 آذار/مارس 2021 02:17