الأعلاف رفعُ سعرٍ يصبّ في مصلحة حيتان الاستيراد
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

الأعلاف رفعُ سعرٍ يصبّ في مصلحة حيتان الاستيراد

سقطت كل الادعاءات الرسمية عن دعم الإنتاج الحيواني والمربين، فقد صدر قرار جديد يقضي برفع أسعار الأعلاف، والنتيجة المتوقعة هي خروج بعض المربين عن العمل، بالإضافة إلى ارتفاعٍ في أسعار المنتجات الحيوانية (لحوم بأنواعها- فروج ومشتقاته- ألبان وأجبان..).

بدأ العمل بالتسعيرة الجديدة للأعلاف، التي أقرتها المؤسسة العامة للأعلاف، اعتباراً من تاريخ 24/11/2020، حيث أصبح طن النخالة بسعر 250 ألفاً، وطن كسبة فول الصويا 865 ألفاً، وطن الذرة الصفراء 585 ألفاً، وطن جاهز حلوب 385 ألفاً، كذلك أصبح سعر طن الشعير 350 ألفاً، وطن كسبة القطن 600 ألف، وذلك بحسب ما نقل عن مدير المؤسسة بحسب بعض وسائل الإعلام.

علماً أن بعض الأسعار السابقة كانت كالتالي: النخالة 133 ألف ليرة، الحلوب 225 ألف ليرة، كسبة القطن 300 ألف ليرة، كسبة الصويا 650 ألف ليرة.
مع الأخذ بعين الاعتبار، أنه سبق أن تمّ رفع سعر الأعلاف مطلع حزيران السابق أيضاً، أي: إن الرفع الحالي هو ثاني رفعٍ سعري خلال مدة خمسة أشهر فقط.

كلام الليل يمحوه النهار

على ما يبدو، أن كلام الليل يمحوه النهار بالنسبة لمؤسسة الأعلاف، كما بالنسبة لكل الوعود الرسمية بشأن دعم المربين والإنتاج الحيواني.
فرفع السعر الأخير، بحسب مدير المؤسسة، كان بسبب: «قيام المؤسسة السورية للحبوب بتغيير سعر النخالة»، بالإضافة إلى أن: «المواد العلفية هي مواد مستوردة، ويتم بيعها من قبل مؤسسة الأعلاف للفلاح بأقل من سعرها في السوق المحلية بنسبة 50%».

وبهذا الصدد تجدر الإشارة إلى تصريح سابق لمدير عام المؤسسة نهاية شهر تشرين الأول الماضي، عبر إحدى الصحف الرسمية، حيث أكد أنه: «خلال الأسبوع القادم سيتم تشغيل أكبر معمل أعلاف في حلب، بطاقة إنتاجية قدرها 100 ألف طن سنوياً، وسيساهم في تخفيض أسعار الأعلاف»، كما قال: إن: «المؤسسة خزنت 500 ألف طن من الأعلاف لفصل الشتاء، منها 70 ألف طن نخالة»، مؤكداً أنه: «سيتم البدء بزيادة المقننات وتوزيعها على المربين بدءاً من الشهر المقبل».

فأين الطاقة الإنتاجية لمعمل الأعلاف في حلب، ومساهمتها في تخفيض الأسعار؟
وكيف يتم التذرع بأن المواد العلفية هي مواد مستوردة، بعد الحديث عن إقلاع معمل الأعلاف في حلب؟
وأين المخزون لفصل الشتاء، بما في ذلك النخالة؟
وكيف يمكن التذرع برفع سعر النخالة من قبل السورية للحبوب، طالما هناك مخزون سابق من المادة لدى الأعلاف؟

دور حيتان الاستيراد

كل المقدمات التي جرى التأكيد عليها من قبل مدير مؤسسة الأعلاف نهاية الشهر الماضي تتعارض مع تبريرات رفع السعر الحالي، وبهذه النسب المرتفعة، التي وصلت إلى حدود 100% على بعض أنواعها.

فهل بدء توزيع المقنن العلفي، الذي ترافق مع إصدار القرار الأخير، والاضطرار له من قبل المربين، هو السبب الرئيس في زيادة الأسعار، أم أن حيتان الاستيراد كان لهم دور في هذا الرفع السعري، من أجل استمرارهم في أسعارهم المرتفعة المتحكم بها في السوق؟

فمما لا شك فيه، أن المستفيد من الرفع السعري هم حيتان استيراد الأعلاف قبل أية جهة أخرى، بغض النظر عن كل ما يُساق من ذرائع ومبررات، وطبعاً على حساب المربين والمستهلكين معاً.

نتائج متوقعة

رفع سعر الأعلاف ستكون له تداعيات ونتائج كارثية، سواء بالنسبة للمربين، أو على مستوى أسعار المنتجات الحيوانية في الأسواق.
فقد توقع أحد أعضاء لجنة مربي الدواجن: «أن يخرج العديد من المربين عن الإنتاج خلال الأشهر القليلة القادمة، نتيجة ارتفاع تكاليف التدفئة وغلاء أسعار المازوت، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف»، وذلك بحسب ما نقل عنه نهاية الأسبوع الماضي عبر إحدى وسائل الإعلام المحلية.

وبحسب قوله: «بمجرد ارتفاع سعر الصرف قام تجار الأعلاف برفع أسعار الأعلاف، على الرغم من وجودها لديهم في المستودعات وعدم استيرادها».

النتيجة المتوقعة أعلاه، الكارثية بالنسبة لمربي الدواجن، لن تكون بالنسبة لبقية مربي الثروة الحيوانية أخف وطأة، والنتيجة المحسومة هي خروج البعض منهم من دائرة الإنتاج بشكل نهائي، ليضافوا إلى من سبقهم بهذا المصير المأساوي.
أما الأسوأ، فهي النتائج المتوقعة على مستوى رفع أسعار المنتجات الحيوانية في الأسواق خلال الأيام والأسابيع القادمة.

سلة الغذاء ومصلحة حيتان الاستيراد

سلسلة رفع الأسعار التي قد تبدأ بمنتج أو سلعة ما من المنتجات الحيوانية، نتيجة وبسبب رفع سعر الأعلاف حالياً، وبسبب قلة الإنتاج بنتيجة خروج بعض المربين من دائرة الإنتاج تالياً، ستستكمل على مستوى جميع السلع في سلسلة الإنتاج هذه تباعاً (لحم غنم- لحم بقر- حليب- ألبان- أجبان- سمن- زبدة- فروج- بيض..).

ولا أحد يعلم بالنتيجة أين ستقف حدود السقوف السعرية المفتوحة لهذه المواد والسلع، ولا ما هي السلع الغذائية الجديدة من هذه السلسلة التي ستخرج من سلة الاستهلاك اليومي للمفقرين، بعد أن خرجت اللحوم الحمراء والأجبان بشكل نهائي من هذه السلة خلال الفترة الماضية، وبدأت معالم خروج الفروج والبيض منها مؤخراً؟

وطبعاً كل ذلك يصب في مصلحة حيتان الاستيراد، الذين يعملون جاهدين على وقف الإنتاج الحيواني، كما غيره من الإنتاج النباتي، والصناعي والحرفي أيضاً، لاستبداله بسلع مستوردة تحقق لهم المزيد من الأرباح، كما تضمن لهم المزيد من التحكم في السوق.
والفج في الأمر، أن الحكومة، عبر جهاتها المعنية، تساهم بشكل حثيث بتحقيق هذه الغاية والهدف لهؤلاء، من خلال قراراتها وتوجهاتها وسياساتها عموماً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
994