الكهرباء.. واقع مُزر ومزاودة

الكهرباء.. واقع مُزر ومزاودة

تردى واقع التزود بالطاقة الكهربائية بشكل كبير خلال الفترة القريبة الماضية، تزامناً مع موجة الحر الشديدة، والتي كانت بحسب مسؤولي الكهرباء سبباً في زيادة الاستهلاك، وبالتالي، زيادة ساعات القطع.

واقع الحال، يقول: إن الأمر لم يقف عند ساعات التقنين التي تزايدت، بل بتفاوت عدد هذه الساعات بين مدينة وأخرى، وفي الأرياف عموماً، وفي ريف دمشق بشكل خاص، وفوق كل ذلك، هناك المعاناة من تذبذب وصول التيار الكهربائي خلال ساعات الوصل نفسها، وما تسببه من أعطال في الأجهزة الكهربائية المنزلية.

تبريرات مستهلكة ولا مفاجئات..

التبرير بزيادة معدلات الاستهلاك ليس جديداً، ولا يقتصر ذلك على فصل الصيف وموجات الحر خلاله، بل في فصل الشتاء وموجات البرد نسمع هذا التبرير أيضاً، علماً أن ساعات التقنين خلال فصول الاعتدال لا تتغير، بل ربما الثابت خلالها هو قلة تذبذب التيار الكهربائي فقط لا غير.
حتى مبررات عدم تأمين المشتقات النفطية أو تأخرها لتشغيل محطات التوليد لم تعد مجدية كذريعة، بعد كل هذه السنين، فحاجات التشغيل (كماً ونوعاً) من هذه المشتقات من المفترض أنها معروفة أيضاً، كما من المفترض أن تكون موضوعة ضمن خطط التشغيل المعدة مسبقاً!
ففي بعض مناطق الريف، وخاصة في بعض بلدات ريف دمشق، تصل ساعات القطع إلى أكثر من 20 ساعة يومياً، وفي بعض الأحيان يستمر القطع لأيام متتالية، وهذا طبعاً لا يمكن إدراجه ضمن خانة زيادة معدلات الاستهلاك المرتبطة بالحر أو بالبرد من كل بد!
والسؤال الذي يفرض نفسه بعد كل السنين الماضية بذرائعها وتبريراتها المستهلكة: لماذا لم يتم استدراك فجوة حاجات الاستهلاك من الطاقة الكهربائية بالشكل المطلوب حتى الآن؟ خاصة وأن الحديث الرسمي يقول: إن وزارة الكهرباء، بمحطات توليدها وبشركاتها العاملة وبمراكز تحويلها ونواقلها وحواملها وكوادرها، تعمل ليل نهار لهذه الغاية، حيث تبدو معدلات الاستهلاك للطاقة الكهربائية وكأنها مفاجئة في كل مرة، ومع كل فصل، ومع كل موجة برد أو حر؟
ومن الناحية العملية، من يُفاجَأ هو المواطن دائماً، الذي يعاني من استمرار هضم حقه بالتزود بالطاقة الكهربائية بشكل مستمر، وبالحد الأدنى بساعات تقنين يومية مقبولة دون قطع وتذبذب بالتيار خلال ساعات الوصل.

خسائر بالجملة وانتهاك مزمن للحقوق

الحديث عمّا يعانيه المواطنون جرّاء تذبذب التيار الكهربائي، وطول ساعات القطع، وعدم العدالة في ساعات التقنين بين مدينة وأخرى، وبين بلدة وأخرى، بل بين حي وآخر، قديم ومستجد، فقد جرى الحديث عن كل ذلك مراراً وتكراراً، مع التأكيد طبعاً على ما يتكبده المواطنون من خسائر وتكاليف، سواء بما يخص أعطال التجهيزات الكهربائية المنزلية، أو ما يخص خسائر المونة السنوية، ناهيك عن أخطار ذبذبة التيار الكهربائي نفسه.
أما ما توقف عنده المواطنون مؤخراً، فهو الحديث مجدداً عن تزويد لبنان بالطاقة الكهربائية، والرد الرسمي المنقول عبر بعض وسائل الإعلام حوله بأن: «أي قرار توريد للطاقة إلى لبنان لن يكون على حساب المواطن السوري».
فالقضية بالنسبة للمواطنين ليست بتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية من عدمه، بل تماماً بعبارة «لن يكون على حساب المواطن السوري»، فهذا الحساب المرتبط بحقه بالتزود بالطاقة الكهربائية منتهك منذ سنين طويلة، وما زال، ولا أفق أو مؤشرات تقول عكس ذلك حتى الآن، لذلك تبدو العبارة فجّة، وفي غير مكانها وسياقها، وهي بالكاد يمكن اعتبارها من ضمن عبارات الاستهلاك والمزاودة الرسمية على المواطنين، وما أكثرها!

معلومات إضافية

العدد رقم:
977
آخر تعديل على الإثنين, 03 آب/أغسطس 2020 15:20