القهر السوري
دارين السكري دارين السكري

القهر السوري

كلمة «القهر» بمعجم عربي- عربي بتعني «الغَلَبة» أو «الأخذ قهراً»، أي مغالبة بغير رضا!!

ومن هون فينا نحكي شوي عن القهر اللي صايبنا وصايب كل الشعب السوري مِندون ولا أي استثناء، هاد القهر اللي جواتنا واللي صرلوا مزروع فينا وغصب عنا، مو من تسع سنين بس، أكتر من هيك بكتير، مندون ما حدا يشوف شو صاير فينا ويحس فينا، أو يمكن يكونوا شايفينا بس ما بِدون يحسوا فينا ومو هاممهم أصلاً!! «الله أعلم».
اليوم كلمة القهر صارت كأنها شبه مخصصة للسوريين وبس!
مثلاً إذا منفتح محرك البحث «غوغل» ومنكتب كلمة القهر... بتطلعلنا هل النتائج: (السوريون تفوقوا بالدراسة رغم القهر. يوم القهر السوري- سبعة أطفال ماتوا. القهر السوري- أن تدفن أطفالك بيديك...) وهاد ضمن القهر الإلكتروني.
أما القهر الواقعي والمعيشي فمنسمعوا لما مننزل ع المقاهي من حكي الرجال الكبار بالعمر.. لأن ما منسمع غير بِسِيَر القهر، متل:
«والله قلبي مقهور على ابني اللي استشهد وراح بعز شبابو وما فرحت فيه ولا شفت ولادو»..
«والله مقهور على ابني المخطوف ولا عم أعرف أوصلّوا ولا بأية طريقة، ولا بعرف إذا كان عايش أو ميت؟»
«مقهور على حالنا.. شو صار فينا أكتر من اللي كان»
والله مقهور ومقهور ومقهور... إلخ، وبتقعد بتسمع سِيَر عنجد بتقهر قلب يلي ما عندو قلب..
عداك ع إنو أغلب السير المفتوحة بصبحيات النسوان كلها صارت ع الشكل التالي:
«دريتو!! اليوم طالع الدولار وصار تقريباً بـ 716 ليرة!!»
«الله لا يوفقون.. اليوم نزلت جبت ليمونتين بالعدد من عند الخضرجي حطيت حقون 435 ليرة!!»
«يا الله ما عم لاقي دوا لابني.. والمستورد حقو هديك الحسبة!!»
«والله فتل مخنا ونحن عم نحاول ندور ع بيت بحدود 50000 وما كنا نلاقي... وصاحب البيت رح يزتنا بالشارع بآخر الشهر وما عم يرضى إلا بدو يزود الأجرة!!»
«لك بتتذكروا كيف كانت حياتنا قبل الحرب؟!»..
وهي الجملة بالذات عم تتكرر وهي اللي عم بتطّلع القهر اللي جواتنا عنجد، لأنو يمكن كانت حياتنا أحسن بشوي صغيرة من حياتنا هلق بظل هل التدني الرهيب لمستوى المعيشة- والنهب- والسرقة- غير التشرد والنزوح.. وما في رحمة من العبد ولا عم يخلو رحمة الرب تنزل ع العباد!!
صحيح في مين يقول أنو كنا عايشين بحياة لا بأس بها... قدرانين نتعايش شوي مع الوضع المعيشي... بس ما فينا نعمم!! لأن في كتار كانوا معدومين- مفقرين وأجت هل الحرب عدمتون أكتر، إذا ما محتهم بالأساس.. واللي درج ع تسميتهم «المهمشين».. هدول قعدوا ع الطرف زيادة كمان.. وأكتر شي حِسنوا يعملوا أنهم ينقهروا زيادة وبس!..
لك وصارت سيرتنا ع كل لسان كمان، اليوم المواقع الإلكترونية عم تعمل علينا وع وضعنا استبيانات، متل موقع يو غوف «YouGov»...
مثلاً.. أحد الاستبيانات اللي عملوها كانت ع الشكل التالي: «شو أثر الأزمة على نفسية الشعب السوري؟ وشو هو الوضع الأمني ببلدك؟ أديش راتبك؟»... إلخ من الأسئلة اللي بتخلي كل القهر المزروع جواتك من تسع سنين إذا مو أكتر يطلع لبرا.. طبعاً غير غايات وأهداف متل هيك استبيانات اللي ما بيعرف فيها غير الله..
واليوم، صرنا نموذج تشبيهي لكل الأوضاع السياسية والمعيشية لكل بلدان العالم.. «في حرب متل ما صار بسورية؟! في أزمة اقتصادية متل ما صار بسورية؟! في تدني مستوى معيشي متل ما صار بسورية؟!».. في وفي وفي.... كلو متل ما صار بسورية.. ومتل اللي صار بالشعب السوري للأسف..
وفوق كل هاد صرنا عم نتقارن مع أسوأ الدول بالترتيب العالمي ع بعض القضايا متل: (الأجور- الفقر- البطالة- التعليم- الأمن الغذائي- الفساد- الأمان...) وكأنو في منافسة لنوصل للحضيض ع كل المستويات.. وفي مين راسهم وألف سيف مو ناويين إلا يخلونا «متل وعبرة» بقهرنا اللي عايشينو.. من الحكومة وسياساتها والمستفيدين منها وأنتو ماشيين.. وكلو كرمال زيادة حصة أرباح اللي ما بيشبعوا من الظالمين والفاسدين وحرامية النهار وتجار الحرب والذي منو.. ع حسابنا وع حساب البلد..
مشان هيك فينا بكل رياحة نقول أنو القهر اللي عايشينو السوريين أسبابو كتير مركبة ومتشابكة سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية وثقافية و... ومن جوا ومن برا كمان.. والقهر ما عاد شخصي أبداً.. صار معمم وع كل البلد.. والناس ما عاد فيها تحملوا أكتر من هيك يمكن..

معلومات إضافية

العدد رقم:
940