العرقوب.. تاريخ صناعي يبحث عن مستقبله

العرقوب.. تاريخ صناعي يبحث عن مستقبله

تعتبر المنطقة الصناعية في العرقوب من أقدم وأهم المناطق الصناعية في محافظة حلب، وكانت تضم العديد من الصناعات (النسيجية- الكيميائية- الغذائية- الهندسية وغيرها) بالإضافة إلى العديد من الحرف والورش الأخرى.

قاسيون قامت بجولة سريعة على هذه المنطقة، للاطلاع على واقع معاملها الحالي، وواقع الوضع الخدمي فيها، وخلال الجولة ظهر وكأن الصناعة الحقيقية أصبحت خارج هذه المنطقة.

افتقار لمقومات الإقلاع
الواقع يشير إلى أن بعض هذه الصناعات قد عاد إلى العمل البدائي، فيما بقي بعضها الآخر خامداً بين الركام والمخلفات المنتشرة في الشوارع، أي: أنه من المبكر الحديث عن عودة الحياة والانتعاش إلى هذه المنطقة إلى ما كانت عليه في سابق عهدها، فهي ما زالت تفتقر إلى الكثير من مقومات الإقلاع.
فعلى سبيل المثال: الصناعة النسيجية في المنطقة، والتي كانت تعتبر من أهم الصناعات فيها قبل أن تطالها أيدي الإرهابيين، وتنام عنها عيون حكومتنا الساهرة على أمن البلاد، استبدلت بصناعة البوليستر، تخفيضاً للتكلفة.

شكاوى وواقع
في لقاء مع بعض أصحاب المعامل في المنطقة اشتكوا من قلة الأيدي العاملة الخبيرة، ونقص ساعات التزود بالكهرباء التي تصل لـ 12 ساعة فقط، وهي غير كافية للمساهمة في إعادة الإنتاج الحقيقي إلى مستوى الصناعات في المنطقة الصناعية، بالإضافة إلى الملاحظات على الواقع الخدمي فيها.
بعض أصحاب المنشآت عملوا على إعادة الإنتاج، ساعين نحو التوسع به مستعينين بالأيدي العاملة المتوفرة، فيما اعتمد أصحاب منشآت أخرى على أفراد العائلة، أولاً: لسد النقص الحاصل على مستوى الأيدي العاملة، وثانياً: لسد جزء من الاحتياجات المعيشية الأسرية.
متوسط أجور العاملين في المنطقة يتراوح بين الـ 15000 والـ 20000 ليرة أسبوعياً، وهي غير كافية لتأمين متطلبات الحياة الأساسية في ظل ارتفاع الأسعار.
الكثير من منشآت صناعة النسيج أصبحت تعتمد على مادة البوليستر كأحد المدخلات الأساسية في صناعتهم، مستغنين عن مادة الحرير كمادة أساسية في هذا الإنتاج كما كانت عليه سابقاً، وذلك لقلة تكاليفها ولزيادة الطلب عليها، باعتبارها أقل سعراً.
اللافت أن المنشآت في هذه المنطقة الصناعية، وبرغم الحاجة لليد العاملة فهي تُقصي المرأة عن العمل فيها، بالرغم من توفر اليد العاملة النسوية بكثرة، وبرغم الحاجة الماسة للعمل بالنسبة إليها، وخاصة في هذه الظروف الصعبة، ليس كغيرها من المنشآت في المناطق الصناعية الأخرى في مدن أخرى، مثل: دمشق واللاذقية، التي تستقطب اليد العاملة النسائية بكثرة.

ضرورات ملحة
إن إعادة عجلة الإنتاج وإقلاعها في هذه المنطقة الصناعية التاريخية الهامة يتطلب:
المزيد من الاهتمام الحكومي الجدي والعملي.
استكمال إزالة مخلفات الخراب والدمار.
استكمال تأهيل البنى التحتية وتطويرها.
زيادة ساعات تزويد المنطقة بالطاقة الكهربائية.
المزيد من المحفزِّات الصناعية، وخاصة على مستوى تطوير وسائل الإنتاج.
زيادة الثقة بعمل المرأة، وإشراكها بشكل أوسع في سوق العمل، بعيداً عن أوجه الاستغلال، وبما يؤمن أيدي عاملة للمنشآت الصناعية.