حقوق اللاجئين في القانون الدولي
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

حقوق اللاجئين في القانون الدولي

عالجت الأمم المتحدة قضية اللاجئين، من خلال العديد من الاتفاقيات الدولية، التي وضعت الأسس القانونية لقضية اللاجئين، وكيفية التعاطي معهم، وخصوصاً بعد تنامي هذه الظاهرة خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها، حيث بات من غير الممكن  إيجاد حل مُرْضٍ لهذه الظاهرة دون تعاون دولي، وذلك بسبب الأعباء الباهظة التي تقع على عاتق بلدان معينة خلال الحروب.

 

فكانت اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951، المتعلقة بحماية اللاجئين، هذه الاتفاقية التي أعدتها الأمم المتحدة، وعددت فيها حقوق اللاجئين ومسؤولياتهم، والتزامات الدول المتعاقدة، وهناك البرتوكول الإضافي الذي وقع عام 1967، الذي وسع النطاق الزماني والمكاني لهذه الاتفاقية.

ووقعت على هذه الاتفاقية، والبرتوكول الإضافي، إلى الآن 142 دولة.

من هو اللاجئ؟

لقد عرفت المادة الأولى من الاتفاقية بوضوح من هو اللاجئ: (على أنه شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، بسبب خوف له ما يبرره، من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر، أو الدين أو القومية أو الانتماء إلى طائفة معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف، أو لا يريد أن يستظل بحماية ذلك البلد، أو العودة  إليه، خشية التعرض للاضطهاد).

من خلال هذا التعريف، هناك بعض اللاجئين لا تنطبق عليهم صفة اللاجئ، فلا يستفيدون من نصوصها بل يحظون بإقامة مؤقتة، وبدعم من اللجنة العليا، بانتظار أن يزول الخطر عنهم،  ويسمح لهم عادةً بالإقامة حسب شروط HCR  للاجئين في البلد المضيف.

أي أن اللاجئين الذين لم تقم حكوماتهم بحمايتهم، أو لم يعد بإمكانها حمايتهم، فإن المجتمع الدولي يقوم بهذا الدور، من خلال الاتفاقية التي وقعت عام 1951 عبر المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة.

حقوق اللاجئين

من أهم الحقوق الممنوحة للاجئين حسب نصوص الاتفاقية:

1 – الحماية القانونية من الملاحقة بتهمة الدخول غير القانوني للدول المشتركة في الاتفاقية مادة 31: - تمتنع الدول المتعاقدة عن فرض عقوبات جزائية بسبب دخول لاجئين، أو وجودهم غير القانوني.... -  تمتنع الدول المتعاقدة عن فرض غير ضروري من القيود على تنقلات اللاجئين.

2 – الحق في السكن مادة 21.

3 – الحق في العمل مادة 17 (تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها أفضل معاملة ممكنة، تمنح في الظروف نفسها لمواطني بلد أجنبي، فيما يتعلق بحق ممارسة عمل مقابل أجر).

4 – الحق في التعليم مادة 22 (تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المعاملة الممنوحة نفسها لمواطنيها فيما يخص التعليم الابتدائي).

5 – حرية التنقل مادة 26 (تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين حق اختيار محل إقامتهم الحر ضمن أراضيها).

6- الحق في التقاضي أمام المحاكم مادة 16(يكون للاجئ.....حق التقاضي الحر أمام المحاكم).

7  - الحق في الحصول على وثائق هوية وجوازات سفر مادة 28 (تصدر  الدول المتعاقدة للاجئين المقيمين في إقليمها بصورة نظامية وثائق سفر تمكنهم من السفر إلى خارج هذا الإقليم.....). 

الأزمة السورية واللاجئون!

مع انفجار الأزمة السورية وامتدادها على رقعة البلاد كاملةً، وعدم إيجاد حل سلمي ينهي الحرب الدائرة فيها منذ 6 سنوات، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع  الاقتصادية بسبب الحصار المفروض على البلاد، وعدم قدرة الحكومة السورية على تأمين أبسط متطلبات المعيشة لملايين السوريين، هذه الأسباب كلها أدت إلى هجرة ملايين من السوريين ديارهم إلى  الدول المجاورة، أو إلى الدول الأوربية، التي استضافت لاجئين (كالسويد وألمانيا) بحثاً عن الأمان ولضمان مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم.

السوريون في البلدان المجاورة

تقدر أعداد السوريين في البلاد المجاورة حوالي 4 ملايين نسمة، يتوزعون على لبنان وتركيا والأردن ومصر، ويعيش الغالبية منهم في ظروف غاية في السوء في هذه الدول، نتيجة التعامل المخزي، لحكومات هذه الدول معهم، فمن إقفال الحدود بوجههم، إلى تعقيد الإجراءات والمعاملة السيئة، حيث يتعرض السوريون للإهانة، ويعاملون معاملةً عنصرية من قبل الأمن العام اللبناني، عدا عن فرض تأشيرات دخول على السوريين من قبل: لبنان وتركيا، وإغلاق الحدود، وصلت إلى حد إطلاق النار تجاه من يحاول عبور الحدود، كما تفعل الجندرمة التركية، وحرس الحدود الأردني، حيث قتل العشرات نتيجة لذلك، وهذا ما حرمته القوانين الدولية، في المادة 33 من اتفاقية عام 1951 (حيث لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئاً، أو ترده بأية صورة من الصور إلى حدود الإقليم الذي تكون حياته مهددةً فيه......) كما لا يجوز لأية دولة منضمة إلى الاتفاقية إبداء أية تحفظات على هذه المادة، لأهميتها في حمايه حياة اللاجئ، حسب ما نصت عليه الاتفاقية ذاتها.

كما يتعرض اللاجئون إلى الاضطهاد ومنع للتجوال، أو التحرك في كلّ من لبنان والأردن وتركيا، حيث يمنع السوريون في لبنان من التجوال ليلاً في بعض شوارع بيروت، ويتم منعهم من الدخول إلى مناطق معينة، كما يمنع سكان المخيمات من الخروج إلى خارج المخيمات في تركيا والأردن، حيث تحولت تلك المخيمات إلى سجون للسوريين، وهذا يخالف القوانين والاتفاقيات الدولية، التي نصت على حرية التنقل للاجئين ضمن أراضي الدولة المضيفة.

عدا عن التجاوزات التي تحصل داخل المخيمات، بحق اللاجئين، من إدخال أطعمة فاسدة ملوثه، ولقاحات سامة، تسببت في مقتل العديد من اللاجئين، وخاصةً من الأطفال، عدا عن تعدي قوات الأمن على اللاجئين، وضربهم، بالإضافة إلى حوادث الحريق، أو الغرق التي تتعرض لها خيام النازحين، ووقوع العديد من الانفجارات داخل هذه المخيمات، تسببت في مقتل العديد من اللاجئين، دون أن يفتح تحقيقٌ أو يكشف عن ملابسات أي من الحوادث.

استغلال حاجة السوريين للعمل

يعيش أغلب اللاجئين حياةً في غاية البؤس والفقر، وتتغاضى حكومات الدول المضيفة عن الاستغلال الذي يتعرض له العمال من قبل أرباب العمل، الذين يستغلون حاجة السوريين للعمل، ويفرضون عليهم شروط عمل لا إنسانية، حيث يتم تشغيلهم برواتب متدنية ودون الاعتراف لهم بأية حقوق، كالتأمينات الاجتماعية، أو التعويضات، أو تعويض عن إصابات العمل.

ويعامل السوريون معاملةً مخالفة للقوانين والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان واللاجئين، ورغم توقيع الدول الثلاثة على الاتفاقية الخاصة باللاجئين، وبالرغم من انطباق وصف اللاجئ على السوريين المتواجدين على أراضي هذه الدول جميعهم، إلا أنه لا يوجد تعاطٍ جدي أو إنساني من قبل الحكومات الثلاث مع هذه  المشكلة.

بل تحولت قضية اللاجئين إلى أداة سياسية، للتدخل بالشأن السوري، ولا ننسى أن سبب نزوح السوريين، وطول الحرب الدائرة في بلادهم، يعود إلى التدخل السلبي لهذه الدول في الأزمة السورية.

السوريون في أوروبا 

مئات الآلاف من السوريين غامروا بحياتهم، وعبروا البحر إلى أوروبا، طلباً للجوء، وكانت نتيجة هذا الهروب وفاة الألاف منهم السوريين، وغرقهم في البحر نتيجةً لسوء القوارب، أو فساد أدوات النجاة التي تباع لهم، وهنا المسؤولية تقع على عاتق السلطات التركية التي استخدمت ورقة اللاجئين أداة ابتزاز سياسية ضد الاتحاد الأوربي، وبعد ذلك  قامت بمنع اللاجئين من العبور إلى أوروبا، وقامت بمحاولات إغراق قوارب اللاجئين بعد الاتفاق مع الاتحاد الأوربي.

على المقلب الآخر لم يكن تعامل دول شرق أوروبا أفضل من الدول الإقليمية، فالوصول إلى الشاطئ المقابل، يعني بدء رحلة جديدة من التشرد والضياع في الغابات، أو الموت في الطرقات داخل حافلات مغلقة، والملاحقة، وإغلاق الحدود في وجههم، كما فعلت دولة المجر التي تعرضت لانتقادات كثيرة، لتعاملها السيء مع اللاجئين (مع أنها من الدول الموقعة على الاتفاقية 1951) بإيعاز من الدول الغربية، التي تحاول منع تدفق اللاجئين إليها بطريقة غير مباشرة، أي قبل وصول اللاجئين إلى حدودها، كي لا  تتحمل مسؤوليه ذلك أمام الرأي العام العالمي.

أما اللاجئون الذين استطاعوا الوصول إلى دول غرب أوروبا، حيث حصلوا على الحقوق  الممنوحة لهم بموجب الاتفاقيات الدولية، والتي تم ذكرها في الاتفاقيات الدولية، مع وجود بعض الاتفاقات على هذه الحقوق، كالتعقيدات في قضايا لَمّ الشمل والإقامة، حيث يتم التأخر بمنح الإقامات، وبالسماح للاجئ بلم شمل أسرته، عن قصد ودون معرفة الأسباب، والتي تضطر بعض اللاجئين للاستعانة بالمنظمات الدولية الإنسانية لمساعدتهم على لم شمل أسرهم، ومن أساليبهم في وقف تدفق اللاجئين تعطى اقامات طويله لمن لا يملك أسرة، فيما تعطى إقاماتٍ قصيرةً لسنة واحدة، لا يسمح بها للاجئ بِلَمّ شمل أسرته.

تبقى مشكلة اللاجئين مشكلةً جدية، ومن الصعب حلها مهما تظافرت الجهود الإنسانية لحلها، فالعمل الإنساني يبقى عملاً إسعافياً ومؤقتاً، وليس بكافٍ لحل هذه المشكلة، وخصوصاً في الحالة السورية، أو غيرها من الأزمات الدولية، ويبقى العمل السياسي على حل الأزمات سلمياً، وتجنب الحروب، هو الطريق الأمثل لإنهاء مشكلة اللاجئين وجعلها من ظواهر الماضي.                                                                                                                                         

معلومات إضافية

العدد رقم:
801