مشروع قانون العلاقات الزراعية الأولوية لحقوق الفلاحين

من المعلوم بعد نضال دام سنين طويلة والذي تجلى بقيام تمردات وانتفاضات فلاحية متعدد تطالب برفع الظلم الإقطاعي عن الفلاحين كالسخرة والربا الفاحش وضريبة العشر والتهجير وتخفيض حصة المالك التي كانت تصل في بعض الأحيان إلى الجزء الأكبر من المحصول،

حيث رفع في خضم الصراع شعار أساسي في حل المسألة الزراعية والذي هو «الأرض لمن يعمل بها» حيث نظم الحزب الشيوعي وحزب البعث والقوى الوطنية الأخرى أول انتصار لهم عام 1957 يوم أصدر المجلس النيابي تحت ضغط الشعب وقواه الوطنية قانون بمادة واحدة هو القانون رقم 363 الصادر بتاريخ 16/1/1957 قضى فيه بمنع إخلاء الفلاحين من بيوتهم ريثما يصدر تشريع ينظم علاقة الفلاحين بالمالكين عملاً بأحكام المادة 22 من الدستور.

إلا أن التطورات الهامة التي جرت في القضية الزراعية إنما تمت بعد صدور قانون العلاقات الزراعية بالقانون رقم 134 لعام 1958 وقانون الإصلاح الزراعي رقم 161 لعام 1958.

ومما لاشك فيه أن السمة الأساسية لقانون العلاقات الزراعية هي أنه قانون توفيقي بين المالك والعامل الزراعي إلا أن ذلك لا يمنع من الإقرار بأنه تضمن جوانب إيجابية لصالح الفلاحين الفقراء والعمال الزراعيين ومنها:

1 ـ منع الطرد التعسفي للفلاحين من الأرض ومنح تعويض عن خدمتهم وتحديد حصة كل من الفلاح وصاحب الأرض.

2 ـ تحديد بعض الحقوق للعمال الزراعيين ومنحهم حق تأسيس نقابات خاصة بهم إلا أن هذا الحق ألغي في عام 1969 مما حرم العمال الزراعيين وسيلة هامة من وسائل الدفاع عن حقوقهم.

3 ـ وفي عام 1974 أحدث التنظيم الفلاحي بالقانون رقم 21 وقد جاء بالمادة الخامسة الفصل الثاني أهداف التنظيم الفلاحي وأغراضه الفقرة (1) منه:

- نشر وتعميق الوعي الطبقي وترسيخ النضال القومي الاشتراكي والتأكيد على ضرورة وأهمية تنظيم الفلاحين لتطوير الإنتاج وزيادة الدخل القومي وتحسين أحوال الفلاحين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والسهر على قيامهم بواجباتهم.

- إحلال العلاقة الاشتراكية محل سائر الانتماءات والعلاقات المرضية الأخرى.

هذا وقد مر على أخر تعديل لقانون العلاقات الزراعية مايقارب الثلاثين عاماً وأصبح هذا القانون متخلفاً عن متطلبات الواقع الحالي وتطوره إلا أن مايدعو إلى القلق أن كبار الملاكين المستثمرين الرأسماليين يعمدون في ظل الأوضاع الدولية الجديدة المعقدة ونظام العولمة على جعل التعديلات في مصلحتهم بدلاً من تعديله في مصلحة العمال الزراعيين والفلاحين الفقراء، إن مشروع التعديلات مطروح للمداولة والنقاش.

إن لب التعديلات المقترحة هو مانصت عليه الفقرة (أ) في المادة 96 والتي جاء فيها: «إن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولاتعديله إلا باتفاق الطرفين للأسباب التي يقرها القانون»

واعتبار عقد المزارعة ملزماً للمتعاقدين خلال مدة العقد الأصلية أو المحدودة في كل مااحتواه من حقوق والتزامات باعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين وفق نص الفقرة (1) من المادة (97) واعتبار عقد المزارعة المنظم بعد نفاذ هذا القانون والمسجل لدى مديرية الشؤون سنداً تنفيذياً يحق لصاحب العمل استرداد أرضه عند انتهاء مدة العقد من المزارع جبرا ًعن طريق دائرة التنفيذ وفق نص المادة (98) منه. وإذا ما طبقت فستحدث خطورة كبيرة لأنه توجد نسبة من الفلاحين لاتقل عن 60% لاتوجد عندهم عقود ويستثمرون الأرض بدون عقود منذ زمن طويل علماً أن أغلب المالكين من الإقطاعيين لم ينظموا عقود مزارعة نظامية للفلاحين وكذلك نص الفقرة الأولى من المادة 107 التي تخول صاحب العمل الزراعي بعد ثلاث سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون مراجعة القضاء لاسترداد أرضه المتعاقد عليها في ظل أحكام القانون رقم 134 لعام 1958 وتعديلاته من المزارع خالية الشواغل مقابل تعويض يقدر بتاريخ الادعاء وفق نسبة 40% من مساحة الأرض لمن تجاوزت مدة زراعته عشرين عاماً و30% من مساحة الأرض لمن تجاوزت مدة زراعته عشر سنوات ولم تتجاوز العشرين و20% من مساحة الأرض لمن تجاوزت مدة زراعته ثلاث سنوات ولم يتجاوز عشر سنوات.

ملاحظات حول بعض مواد مشروع قانون العلاقات الزراعية:

نصت المادة 110 على أن لصاحب العمل طلب فسخ العقد قبل انتهاء مدته الأصلية أو المحدودة في إحدى عشرة حالة ولم ينص ولو في حالة واحدة بتحيز للعامل أن يفسخ العقد قبل حلول أجله علماً أن المادة 135 من القانون رقم 134 لعام 1958 قد نصت على أربع حالات وهذا تراجع ويتناقض مع المبادئ المنصوص عنها في المادة 88 من القانون المقترح أي مبادئ القانون والعدالة ويخالف النص المادة 16 من الدستور التي تضمن حماية الفلاح والعامل الزراعي من الاستغلال.

أقترح إلغاء المادة 107 من مشروع القانون واستبدالها بمادة جديدة تنص على مايلي:

1 ـ يحق للمزارع من تاريخ نفاذ هذا القانون مراجعة القضاء المختص لتصفية علاقته مع صاحب العمل الزراعي بالأرض المتعاقد عليها في ظل أحكام القانون 134 لعام 1958 وتعديلاته وذلك بإعادة 30% من مساحة الأرض شاغرة لصاحب العمل الزراعي مقابل احتفاظ المزارع لدى السجل العقاري ويخير المزارع بتحديد موقع قطعته بحيث تتضمن الإنشاءات المتواجدة في الأرض المزارع عليها.

2 ـ إلغاء الفقرة 8 من المادة 111 والتي تنص على مايلي: «يعتبر عقد المزارعة قابلاً للنسخ بناءً على طلب المالك إذا كان المزارع مالكاً أو انتقاصاً من أراضي أملاك الدولة أو الإصلاح الزراعي ..إلخ».

 

■ الياس أبو حامضة

معلومات إضافية

العدد رقم:
231