رئيف بدور رئيف بدور

مناقشة جدية للواقع الصحي والخدمي في مجلس محافظة طرطوس

عضو مجلس المحافظة
جرى اجتماع لمجلس محافظة طرطوس بتاريخ 12 تموز الماضي، واختصر بيومين بسبب الجولات الميدانية للسيد المحافظ على البلديات والقرى في المحافظة،  ورغم ذلك طرحت مواضيع جدية للغاية أهمها:

 - مديرية الصحة:
جرت مناقشة واقع مشفى الباسل، وتقدم أعضاء المجلس بمعروض يطالبون بإلغاء الهيئة العامة لمشفى الباسل، فالمشفى قبل إحداثها هيئة عامة كانت رائدة ومن أنجح المشافي في القطر، وكانت من حيث النظافة شبيهة بفندق خمس نجوم، وقد قدمت خدمات جليلة لأبناء المحافظة والمحافظات المجاورة وللأشقاء اللبنانيين. وعندما صدر قرار بإحداثها هيئة عامة كانت الغاية كما ورد في القرار:
1) تحسين الأداء الطبي والإداري بما يخدم المرضى.
2) تحسين الخدمات الفنية والعلاجية.
3) تأمين موارد خاصة بالهيئة لتقليل الاعتماد على الدولة.
4) تطوير البحث العلمي والتأهيل والتدريب.
5) الحوافز للأطباء والعاملين في الهيئة.
6) التقليل من المركزية وإعطاء الصلاحيات للإدارة لكي تخدم المرضى بشكل أفضل.
لكن، بعد أربع سنوات من تطبيق التجربة، لم تحقق أيه أهداف وضعت لها، بل ما حدث هو العكس، فقد تراجع وضعها العام، حتى أصبح واقعها المزري حديث الشارع، فالأداء الطبي تراجع بشكل ملحوظ، لأن الخبرات تركت المشفى أو عزفت عن العمل بحجج غير مقبولة، والعمليات الجراحية أصبحت نادرة جداً، وكثرت الوفيات ومعظمها سببه الاستهتار واللامبالاة وضعف الشعور بالمسؤولية لدى إدارة المشفى، وهذا ولد انطباعاً بأن العمليات الجراحية في المشافي الخاصة هي الضمانة للحياة.
بالنسبة للخدمات الفنية حدث ولا حرج.. لا يوجد سرير أو كرسي أو مغسلة أو تواليت بحالة جيدة، كما أن الأسرّة خالية من الشراشف والمخدات النظيفة. وليس هناك أية بحوث أو محاضرات أو مؤتمرات كما كان يجري سابقاً.
وبالنسبة لإعطاء صلاحيات، فقد أصبحت المركزية أشد، والارتباط بكل أمر أصبح مع الوزارة بدل المديرية أو المحافظة، والمعاملة التي كانت تحتاج إلى أسبوع لإنجازها أصبحت تحتاج إلى شهر. وأصبح هناك إرباك شديد بعقود المواد والصيانة بين الوزارة والهيئة، ناهيك عن الضعف الشديد في الأداء وعدم الالتزام بالدوام وانخفاض عدد المراجعين والخدمات وكثرة الوفيات وزيادة الشكاوى والمشكلات المستمرة بين العناصر العاملة، إضافة إلى الإرباك في النقل من وإلى داخل المحافظة وبين المشافي وبين عناصر التمريض والمعهد الصحي.. وأصبحت الموافقات مرتبطة بالوزارة بدل المحافظة، وهذا زيادة في المركزية.
أما بالنسبة لتأمين الموارد المالية والتي على أساسها تم إحداث الهيئة، فلم يتم تأمين موارد تذكر، بل ظلت متدنية جداً مقارنة بحجم الدعم المقدم من الدولة، وتقارير مديرية الصحة والمشفى تبين التدني في تأمين الموارد.

عام            إعانة الدولة               الإيرادات

2005       440 مليون ل.س       4,5 مليون ل.س

2006       441 مليون ل.س       8,4 مليون ل.س

2007       441,80 مليون ل.س 8,4 مليون ل.س

2008       441 مليون ل.س       5,5 حتى الشهر التاسع
 
هل يعقل أن تكون هذه الإيرادات الهزيلة هي الهدف والغاية من إحداث الهيئة العامة، أم أن رياح التغيير الذي يقوده الفريق الاقتصادي والهادف إلى أن تتخلى الدولة أو أن تنسحب تدريجياً من وظيفتها الاجتماعية هو الهدف غير المعلن؟؟.
أقل ما يقال عن المشفى بعد إحداثها كهيئة من خلال زياراتنا المتكررة واستماعنا إلى شكاوى المرضى، بأن هناك حالة من الفوضى تسود دوام الأطباء، وخاصة الأخصائيين، فالدوام شبه كيفي لدى غالبية الأطباء، حتى أن بعضهم لا يأتي إلى الدوام إطلاقاً، وبعضهم لا يستمر دوامه أكثر من ساعة، إضافة إلى بروز عرف جديد فرض نفسه في الهيئة حيث يبدأ دوام الأطباء الأخصائيين الساعة الحادية عشرة ولساعة واحدة فقط. وعلى الرغم من وجود كادر فني كاف من الناحية التنظيمية لإصلاح وصيانة كل الأعطال والتعامل معها بشكل آني، إلا أن الأداء غير موجود حتى في الحد الأدنى، وهذا سببه التسيب والفوضى وعدم توزيع الأعمال أو حصر المسؤوليات في حال حدوث أي خلل.. ونجد أن بعض الأعطال البسيطة تستمر فترة طويلة، وتبقى دون إصلاح حتى يتم التعاقد مع الشركات الخاصة لإصلاحها دون الاعتماد على الكوادر الموجودة والتي يفترض أن تقوم هي بإصلاح الأعطال بشكل فوري.
لهذه الأسباب، وأسباب أخرى منها وجود المشفى على مفترق طريق عام اللاذقية -طرطوس – حمص، وعدم وجود مشفى آخر في المدينة، يجعل عمل المشفى الأساسي هو الإسعاف للضرورة الحتمية، مما يؤثر على بنية المشفى بشكل كبير وعدم إمكانية تطبيق أجور على هذه الحالات، ولهذه الأسباب جميعها يتوجه أعضاء مجلس محافظة طرطوس بتوصية إلى السيد وزير الصحة عن طريق السيد المحافظ، بإلغاء الهيئة العامة لمشفى الباسل حفاظاً على المكتسبات والمنجزات التي تحققت خلال الفترة الماضية وعدم المساس بحقوق المواطنين.
 
2 - الخدمات الفنية:
أما فيما يتعلق بمديرية الخدمات الفنية، ومن خلال التقارير الصادرة عن المديرية نفسها، فهناك ما يدعو للاستهجان والاستغراب، فالاعتماد المرصود لخطة الطرق يفوق المليار ومئتي مليون ليرة سورية، والذي بحاجة إلى تفسيرات أن معظم المشاريع تم تلزيمها إلى القطاع الخاص وحصة القطاع العام لا تتجاوز خمسة بالمائة، وحتى هذا مخالف لقرار مجلس الوزراء. أليس القطاع العام هو الذي حافظ على ميزة تغنينا بها كثيراً من خلال المشاريع الحيوية التي نفذت بالكوادر الوطنية في بناء الجسور والسدود والأوتوسترادات وأقنية الري والمباني وغيرها كثيرة، ومازالت بصماتها حتى الآن ماثلة أمام الجميع؟
أليس هذا القطاع إضافة إلى أنه قطاع اقتصادي، هو قطاع اجتماعي يعتبر ملاذاً للطبقة العاملة لاحتضانه آلاف العمال؟ وفي حال حدوث كوارث من الذي يهب لإنقاذ ممتلكات وأرزاق وحياة المواطنين؟ أليس القطاع العام هو من يشكل غرفة طوارئ ويجند عماله وكوادره وآلياته ومعداته في معالجة أية كارثة تحدث؟ ماذا يفعل القطاع الخاص في هذه المحن؟ هل من المعقول بعد كل هذا إعطاء الحق للمدراء بطرح المشاريع للمناقصة مساوين بين الشركة العامة والشركة الخاصة؟ فمثلاً من الذي أعطى الضوء الأخضر لمديرية الخدمات الفنية أن تطرح مشروع تعبيد وتزفيت طريق صافيتا ـ العبودية للمناقصة، وهذا المشروع أنجزته الشركة العامة للطرق والجسور منذ خمسة عشر عاماً، والجميع يشهد بجودة هذا الطريق؟ بأي منطق يطرح هذا المشروع للمناقصة حين تلزمه صيانة؟ ألم يكن جديراً بمديرية الخدمات الفنية أن تبادر إلى إجراء عقد بالتراضي مع الشركة المنفذة لأنها هي صاحبة المشروع سابقاً؟ وهل يستطيع القطاع العام مجاراة القطاع الخاص في موضوع المناقصات وجميعنا يعلم بأن هذا القطاع يعاني حالة من الركود والتأزم ومن مشاكل فنية ناجمة عن قدم آلياته؟ وفي حال عدم تلزيمه مشاريع بالتراضي، فكيف تدفع أجور العمال ورواتبهم؟ وكيف سيتم تأمين الطبابة واللباس لهم؟ إننا نتوجه للسيد المحافظ بإلزام مديرية الخدمات الفنية بإجراء عقد بالتراضي للمشروع المذكور مع الشركة العامة للطرق والجسور.

3 - بلدية طرطوس:
إن ما طرح حول أداء البلدية والترهل والروتين والاستهتار واللامبالاة بالنظافة وإشغال الأرصفة وغيرها من الأمور الخدمية، هو طرح محق وصحيح، ولكن هناك بعض الطروحات من هذا القبيل تخفي بين طياتها أموراً مبطنة، لعلها مقدمة الصراع والحرب الدائرة بين المتنفذين وعموم الشعب. ويحق لنا أن نتساءل في هذا الإطار حول القانون /26/ لعام 2000 وعن مصير الجمعيات السكنية، وحول قانون تنظيم وتسوية المخالفات الجماعية ومناطق التوسع؟
إننا نرى أن هذين القانونين هما السبب في هجوم إعلامي مكثف على بلدية طرطوس، ومستقبلاً سيتم التعرض إلى هذين القانونين بشكل مفصل على صفحات جريدتنا.

معلومات إضافية

العدد رقم:
415