«شريك المي ما بيخسر» باستثناء مياهنا!
عبد الرحيم علي عبد الرحيم علي

«شريك المي ما بيخسر» باستثناء مياهنا!

تصريح المدير المكلف بتسيير أعمال المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي بدمشق، عبر إحدى وسائل الإعلام خلال الأسبوع المنصرم، والذي أشار فيه إلى أن المياه تكلف 10 أضعاف التكلفة التي يدفعها المواطنون، أثار الكثير من الريبة لدى المواطنين.

 

على الرغم من نفيه وجود أية دراسة قائمة لرفع أسعار المياه، وتوضيحه أن العمل حالياً وفق الأسعار السائدة، ولا وجود لأي شيء مرتبط برفع الأسعار، لكنه في معرض حديثه أشار إلى الأعباء الكبيرة والمبالغ التي تصرف لقاء محطات التوليد والمحروقات وأجور الكهرباء...

مقاربة غير منطقية

التصريح أعلاه، أتى على مقاربة غير منطقية، عندما قارن سعر عبوة المياه الواحدة والتي تبلغ 200 ليرة في السوق، مع فواتير المياه المنزلي التي لا تتجاوز ألف ليرة عن فترة شهرين بالنسبة للمواطنين المشتركين بالخدمة.

هذه المقاربة والمقارنة المجحفة وغير المنطقية، مع الحديث عن التكاليف والأعباء، كان وقعها سلبياً على المواطنين، خاصة وقد اعتادوا على أن مثل هذه التصريحات، غالباً ما تكون مقدمات لرفع قادم بالأسعار من قبل الحكومة، بحجة التكاليف والدعم الكبير وتقنينه وتوجيهه وعقلنته، وغير ذلك من الحجج والذرائع، التي تأتي على المواطن وبالاً معاشاً بشكل يومي.

المواطن منتوف الريش

وإذا ما كانت الدراسات السعرية للخدمات العامة تقوم على مثل هذه المقاربات والمقارنات، فعلى الدنيا السلام، فمن غير المعقول أن يقارن من يستهلك المياه المعدنية المعباة، مع من تتقطع به السبل وهو يستجدي الشبكة العامة على نقطة ماء، كما يستجدي أصحاب الصهاريج لتعبئة خزانه بسعر منطقي، بعيداً عن الاستغلال، بنتيجة الحاجة الملحة لمثل هذه المادة الحياتية.

أحد المواطنين قال: «من يومنا منعرف أنو شريك المي ما بيخسر، إلا عنا بتطلع الحكومة عم تخسر بهي التجارة معنا، كيف ما حدا بيعرف؟».

مواطن آخر قال: «لك عم ياخدوا بكل فاتورة رسم عداد ورسم اشتراك ورسم صيانة شبكة، غير حق المي والرسوم التانية، وبالأخير بيقولولك عن نخسر عليك يا مواطن، يا حسرتي ع هالمواطن، كلهم بينتفوا بريشوا وصار ع العظم».

معاناة مستمرة

المواطنين الذين يعانون الويلات من تدني وسوء الخدمات العامة، وخاصة الرئيسية منها، مثل المياه والكهرباء، على مستوى ساعات القطع والوصل، وانعدام العدالة في التوزيع والتقنين، وعلى مستوى الأسعار المجحفة لقاء هذه الخدمات المتدنية، أثقلت كاهلهم التصريحات المتوالية على ألسنة المسؤولين عن التكاليف المرتفعة، والأسعار المدعومة وغيرها، وكأن هذا الواقع المتردي من الخدمات بواد، وتلك التصريحات الرسمية بواد آخر.

فعلى الرغم من ارتفاعات بالأسعار كلها التي طالت هذه الخدمات خلال الأعوام الأخيرة، إلا أنها لم تتحسن على المستوى المطلوب من الجودة فيها، بل ما زالت من السيئ إلى الأسوأ، علماً أن كل رفع في السعر يترافق مع ادعاءات العمل على تحسين جودة هذه الخدمات، كما يترافق مع عبارات الحرص على مصلحة المواطنين وسلامتهم.

مختصر غير مفيد!

المختصر غير المفيد، بالنسبة للمواطنين بنهاية المطاف، هو أنهم أصبحوا مضطرين لتأمين هذه الخدمات الحياتية الضرورية، عبر المستغلين من القطاع الخاص تباعاً، بظل التراجع الذي أصبح متعمداً ورسمياً من الحكومة عن دورها الفعلي على هذا المستوى رويداً رويداً، بحجة التكاليف والحرب والأزمة والحصار الاقتصادي، وغيرها من الذرائع التي فسحت المجال للتمرير الرسمي لمصالح التجار والمستغلين الداخلين على هذه الخدمات، كما غيرها من القطاعات الحيوية الأخرى تباعاً.

فإذا انتشرت مولدات الأمبير على مستوى تأمين الخدمة الكهربائية للمواطنين من قبل القطاع الخاص، ترى ما هي نوعية الشبكات التي يمكن الاعتماد عليها لتأمين خدمة المياه من قبل هؤلاء؟.

هذا ما يمكن أن تتفتق عنه إبداعات أصحاب العقول النيرة، من القطاع الخاص الباحثين عن الثراء على حساب المواطن، بالتنسيق مع العباقرة من الرسميين، والله أعلم!.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
786
آخر تعديل على السبت, 26 تشرين2/نوفمبر 2016 18:17