فساد وظلم العمال! خسارة أم تخسير؟!  ننعي إليكم:شركة ألبان حمص!

لنؤكد القاعدة الرائجة في عرف الصناعات الغذائية، والتي تقول أن صناعة الألبان صناعة رائجة، ماعلينا سوى الإتيان باستثناء اليتيم «شركة ألبان حمص»!

تلك الشركة التي استمرت بتحقيق معدلات ربح جيدة إلى أن حل قضاء الله وقدره في عام التسعين، لتتوالى الخسائر عليها، إلى أن وصلت في عام 2003 إلى 113 مليون ليرة سورية تقريباً. وهو الرقم  الذي يفوق بأضعاف، حجم رأسمالها المستثمر. مما أخرج الشركة من إطار المنافسة في السوق الداخلية وأفسح المجال لمنتجات القطاع الخاص لتحل مكانها. وأوقع الشركة بعجز مالي افتقدت معه السيولة اللازمة لتنفيذ خططها الإنتاجية المقبلة، والنتيجة زيادة شركات القطاع العام قيد الإفلاس شركة إضافية.

لماذا الخسارة؟

الخسارة لم تكن لامتناع السوريين عن شرب اللبن، ولا لإقدام ربات المنازل على ترويب اللبن في بيوتاتهن، ولا لانضمام سورية إلى معاهدة حظر الألبان الدولي، وإنما وببساطة شديدة: لسوء الإدارة وفسادها!

لتعود اللغة بنا إلى دورها الوظيفي: هل مايجري هو خسارة أم تخسير؟

الشركة مثلاً قامت بشراء المواد الأولية ومواد التعبئة بأسعار تفوق الأسعار الرائجة، وذلك سيتضح بمقارنة أسعار شراء المواد نفسها في شركة حمص، وأسعار شرائها بنفس الفترة في شركة ألبان دمشق، التي نقصت عنها بمعدل 15 %، وليس من المعيب أن نقول إن الشراء يتم في السوق نفسها، وأن هنالك في لجان المناقصة من نبه إلى الأمر قبل وقوعه.

عقود!

من الملاحظ أن السادة الذين وقعت الشركة معهم عقود مناقصاتها (مزايداتها فعلياً)، هم ثلاثة أو أربعة أسماء يتكررون بالتناوب مما سيعد (صدفة) لولا بعض الأرقام:

■ عقد توريد (50) طن من الزبدة بسعر (106.5) في حين ينقص السعر (8.5) ليرة سورية للكيلو غرام الواحد في دمشق، وكذلك عقد شراء حليب مسحوب الدسم من أوكرانيا عن عر ض آخر للشركة نفسها وبنفس المواصفات بـ(11) ل.س للكيلو غرام، وقد رفضت الشركة العقد الأخير بحجة أن مصدره أوكراني!

وهناك عقد ثالث لتوريد (50) طن زبدة بقرية بسعر يزيد عن السعر الذي  كانت تعاقدت عليها الشركة بعقد خارجي لشراء الكمية نفسها بمقدار تسع ليرات سورية للكيلو غرام، مع العلم أن المادة كانت موجودة في ميناء اللاذقية، مما سبب تحميل الشركة خسارة نتيجة فارق السعر إضافة لأجور التخزين.

كرم لا يطاق!!

قامت الإدارة ببيع منتجات الشركة لبعض المتعهدين المقربين من مديرها وذلك بأسعار أقل من الأسعار المعتمدة لباقي المتعهدين الذين يوزعون المنتجات في السوق الداخلية، كما قامت باستلام مواد أولية (حليب ـ زبدة) رغم مخالفتها للشروط التعاقدية فنياً، وبتوجيه مباشر من المدير العام، منها استلام (100) طن حليب مجفف قاربت صلاحيتها على الانتهاء، ووضع لصاقة بمدة صلاحية جديدة فوق مدة الصلاحية المحددة على الأكياس. وهنالك مايؤكد ذلك من وثائق . كذلك قام المدير العام بتوزيع (هدايا) من منتجات الشركة على المسؤولين والمقربين بعد سحبها من المستودع مباشرة دون فواتير نظامية، وقد بلغ كرم المدير العام حداً لا يطاق إذ وزع خلال عام واحد فقط من الهدايا ما بلغت قيمته حوالي (600) ألف ليرة سورية من المخزن الاستهلاكي من (حر شركته)!!

ليس هذا كافياً لإدارة ألبان حمص كي تشبع نهمها، فالتلاعب في المناقصات وإعطاؤها لأشخاص محدودين ومحددين بالاتفاق معهم على الأسعار، ومخالفة الشروط الفنية في عمليات الشراء، والتلاعب في كشوف الإصلاح، وإقصاء الراغبين في دخول مناقصة نزيهة، كل ذلك غيض من فيض سلوك الإدارة ومسلكها.

وهنالك المزيد...

تقوم  إدارة شركة ألبان حمص، بتنظيم أذونات سفر وهمية لسائقي سيارتين، وبمعدل 15 أذن سفر شهرياً لكل منهم، ذلك لتغطية استهلاك المحروقات الناتج عن استخدام سيارتين من قبل أولاد السيد المدير وصهره، طبعاً خارج أوقات الدوام الرسمي، هذا إضافة إلى تحميل الشركة نفقات إصلاح الحوادث التي وقعت لسيارة يقودها ابن السيد المدير، على حساب إصلاح آليات وسيارات الشركة.

أساليب الإدارة الحديثة:

الضرب و الشتائم!!

آخر ما ابتكره مدير الشركة هو أسلوب جديد في التعامل مع عماله (وليس عمال الدولة) إذ أن أقدم على توجيه الشتائم لاثنين من العمال ومن ثم ضربهما ليكمل سلسلة الانتقام من أولئك المساكين، ويحجب حوافزهم الإنتاجية ويفرض عليهما عقوبات إدارية، إضافة لقيامه بنقل العاملين المغضوب عليهم، وتغيير مفاصل الإدارة بحيث لايرد له طلب من مدير في شركته، ولم ينس بالطبع، أقرباءه وأزلامه ليضعهم في المراكز التي تضمن تغطية ارتكاباته.

ومع هذا رابحة!!

السيد المدير مصر على أن شركته رابحة، فالإدارة قامت بإضافة إيرادات وهمية بتوجيه مباشر منه، كما زورت الميزانية الختامية لعام 2003، وذلك بتزوير فاتورة وهمية باسم إدارة التعيينات تحمل الرقم (10127) بتاريخ 

31/12/2003 (في اللحظات الأخيرة) ولكمية تبلغ خمسين طن سمنة بقيمة سبعة ملايين وخمسمائة ألف ليرة سورية مما أدى لظهور أرباح وهمية تحفظ له ماء وجهه.

- وهناك من الإثباتات الفنية ما يؤكد ذلك، إذ أن الكمية المذكورة لم تلحظ في سجلات الباب الرئيسي، وكذلك لم ترفق بطلب من إدارة التعيينات، وقد نظمت مذكرة مرتجعات للكمية نفسها بعد ثلاثة أيام!

بانتظار الرقابة

ليس من داع ربما، أن نسأل السيد المدير عن إنجازات الشركة في عهده، فالإنجازات واضحة ويعرفها جميع العمال، وهي بعهدة الرقابة والتفتيش:

- مجمع كومبيوتر مؤلف من ثلاثة طوابق (كلفه حوالي عشرين مليون ليرة سورية) وقد أسماه «عنتر نيت»!

- سيارتي مرسيدس وشاليهين بطرطوس.

- سيارة لانسر قدمها لابنه هدية بمناسبة تخرجه (كرم طائي)!

أوليس من حقنا أن نسأل السيد المدير سؤالاً واحداً لاغير هو: أخسارة أم تخسير؟!

 

■ المحرر