المواطن والزفت

الطرق العامة في القطر، من المسؤول ومن هو المفترض أن يسأل عن الحالة المتدهورة لهذا القطاع الإستثماري والتنموي المهم في سورية، الموضوع من المهم أن يطلع عليه المواطنون والمسؤولون ولا يخص الفنيين فقط، مليارات تخصص لوزارات مختلفة، وملايين يتم التعاقد بها مع مختلف الجهات، وشركات عامة وخاصة تنفذ الأعمال، تأسيس الطابق الترابي، تزفيت الطبقات الأساس والإهتراء، الصيانات المتتابعة والدورية، ثم إستثمار الطرق من قبل المواطنين.

وبعد فترات مختلفة تبدأ العلل والإشكالات الفنية، والعيوب تَطفو على السطح، زَحف الطبقات الإسفلتية، تَعجين في المجبول نتيجة الحمولات والفرامل،  تكسر في الطبقات السطحية، إنفصال السَطح عن الطبقة الأساس، هبوطات مختلفة، إنفصال اللحامات الطولية والعرضية. ووو...، وكَثير من المشاهدات على طول الطرق الدولية وهي مسؤولية وزارة المواصلات، وعلى الطرقات المحلية مسؤولية مديريات الخدمات الفنية بالمحافظات، وعلى الطرق الداخلية للمدن والبلديات والقرى مسؤولية المجالس المحلية.

آلآف المهندسين بمختلف الإختصاصات الفنية والنوعية  بهذه الجهات ومئات الإختصاصات وحملة الشهادات الأخرى الداعمة والمؤازرة التي تعمل على تنفيذ الخطة السنوية لكل الجهات المذكورة (وزارة المواصلات - الخدمات الفنية - المجالس المحلية - والطرق الزراعية والريفية ..) وبالنهاية نجد أن الأعمال نفذت والخطة تحققت وزيادة أحياناً 110% و125% و150% وبدون مراجعة ذاتية وإحترام عقول وعيون الآخرين، والمشَاهَد والمظاهر مَوجودة على الأرض والواقع تؤكد أن الإستثمار هو المؤشر النهائي.

إذن هناك مشكلة في الطرق العامة في القطر من المالكية وعين ديوار شمالاً إلى ناحية الشجرة و بير عجم جنوباً وما بينهما، هذه حقيقة على الأرض يجب الإعلام عنها ومعالجتها وتجاوز مخلفاتها للمستقبل، لنصون الأموال العامة التي تنفق بهذا العمل الإستثماري العظيم ولحفظ أرواح المواطنين وممتلكاتهم، ولا بد من إيجاد الحلول النوعية والفنية لتنفيذ الطرق بسورية بأعلى المواصفات الفنية العالمية، وبأجود المعايير الهندسية والفنية، وبكلفة مقبولة ومدروسة؟؟؟.

المنافسات وكسر الأسعار بين القطاع العام والقطاع الخاص بمجال المناقصات للحصول على الأعمال، الصيانة والتعبيد والتزفيت والإنشاء، قائمة على قدم وساق وبحدة، الكسر بالأسعار يصل إلى 50% أحياناً بين القطاعين، والأمثلة كثيرة، ورغم جهود وزارة الإسكان والتعمير وتصنيفها للمقاولين ومستوياتهم بمختلف القطاعات، نجد أن هناك خروقات لدى رب العمل، فالسعر المتعاقد عليه لا يخضع لمنطق أحياناً، فكيف تتعاقد جهة عامة مثلاً على تنفيذ صيانة رئيسية لطبقة سطحية بـ 700 ل. س للمتر المكعب منفذاً مع القطاع الخاص  ونجد الشركات الإنشائية الحكومية يتراوح سعرها بين 1100- 1300 ل. س للمتر المكعب، هذه نقطة أولية، الأخطر هو الطرق الدولية، فعلى مدى عقود نفذت شركات الإنشاءات العامة بالقطر منذ 1975 ولتاريخه معظم الأعمال الطرقية بمختلف تكويناتها ومسمياتها وبنودها العقدية، وكانت النتيجة إيجابية أحياناً، ومقبولة أحياناً أخرى، ومرفوضة في بعض الأوقات، فما الأسباب والعوامل التي تجعل نتيجة الأعمال بهذا التفاوت؟؟؟ الأصل هو المطابقة الكاملة للمواصفات العالمية والعربية والمحلية.

تنبع مطابقة المواصفات من تتبع التنفيذ والمراقبة الفنية ومطابقة المعايير لكل مادة ولكل بند، ولا بد ضمن هذا المجال من مهندسين وفنيين ومخبَريين يطبقون هَذه المراقبة وهي صَمام الأمان للعمل، ووجود هذه الفئة المهمة والضابطة لموضوع تنفيذ الطرق والمواصلات مهم جداً، والإختصاصات القائمة حالياً في الكليات الهندسية والمعاهد في القطر لا تخرج إختصاصيين بهذا المعنى، مادة الطرق والمواصفات والرقابة الفنية لها هي مجرد مادة من أصل خمسين مادة يدرسها الطالب في الكليات الهندسية المدنية، ومادة ضمن معاهد المراقبين الفنيين، فلماذا يوظف القطر سنوياً مليارات الليرات بهذا المجال ولا نخرج متخصصين بالطرق والمراقبة الفنية للأعمال الهندسية الطرقية بمختلف جوانبها وبنودها وتطور البحوث العلمية بهذا المجال لإستثمار المواد الأولية المحلية لعملية إنشاء وصيانة الطرق ومعالجة بعض المكونات الأولية الداخلة بمنتج المجبول الإسفلتي لتتناسب مع طبيعة بلادنا وأراضي القطر، لتعَمٍر طبقات الطرق أطول مدة ممكنة، ونخفف من الهدر وسوء الإستثمار ونوفر منهجية واضحة للقائمين والمنفذين والمستثمرين للطريق العام، وما ينعكس ذلك على سلامة المواطن والآلية المستثمرين الأساسيين للطريق. 

إنها دعوة ملحة لإنشاء إختصاص واسع في كليات الهندسة المدنية والكليات العلمية الأخرى والمعاهد لتبرز هذا التخصص وتؤهله علمياً وتعمق خبرته بالتنفيذ بشركات القطر، ويكون مؤهلاً لتصدير هذه الخبرات عند تراكمها والإفادة منها وتوافر أعدادها وتكون فرصة عمل للشباب الجديد في هذه المهنة المطلوبة والمستمرة عالمياً ومحلياً.

إذن هناك قضية وموضوع مهم يجب علاجه، والتطرق للمسؤوليات والموظفين الذين قاموا بتنفيذ أعمال بمليارات الليرات السورية، وظهرت أبعاد مخالفتها للمواصفات، وعيوبها أثناء الإستخدام والوضع في الخدمة، وعدم إستهلاك عمرها الفني المقدر حين تتم عليها الصيانات والصرف من جديد، للترقيع والتحسين والإستبدال؟؟؟ 

فمسؤولية من ياترى؟. كيف وصل من وصل ممن نفذ وخالف وهدر في هذا المجال؟؟؟ كيف نطلب ممن لم يطبق المواصفات وخالف الأعراف الهندسية والعلمية، والكثير من النورمات العالمية، أن يكون مؤتمناً بموقع متقدم آخر، بعد أن أثبتت الوقائع فشل ما عمله في الموقع الأول، والآن في الموقع الثاني المتقدم عن الأول، مازال يمارس نفس العقلية والصيغة؟؟؟

والأهم التوجه بتقييم المرحلة السابقة والحالية والقائمين عليها، وأسباب هذا الإنزياح الخطي للدراسة والتنفيذ والإشراف على هذا القطاع الحيوي والإستراتيجي لمستقبل التنمية في القطر ومحيطه، وإستشراف مستقبل مزدهر لهذه التوظيفات بالمليارات، فلم يعد مقبولاً أن لا يكون عملنا ناجحاً ومميزاً، لأن التميز والنجاح لغة الألفية الثالثة.

■ النقابي مروان العش

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.