المدينة الجامعية تقول للطلبة: «عودي لديارك عودي»!

تأسس السكن الجامعي في سورية منذ بداية عام 1958 بوحدة سكنية سميت بالوحدة الأولى ويسكن اليوم أكثر من خمسة عشر ألف طالب في المدينة الجامعية محشورين فيها كالمكدوس موزعين على ثلاثة تجمعات، تجمع المزة وهو مختلط وفيه 13 وحدة سكنية ووحدتان جديدتان ليصبح العدد 15 وحدة سكنية، وتجمع طريق المطار المنطقة الصناعية فيه ثلاث وحدات، واحدة منها فقط مستخدمة حالياً لأن الباقي تحت الترميم، والتجمع الأخير في مساكن برزة أي الوحدة التاسعة التابعة لكلية الزراعة.

مجموع الأسِرّةَ للوحدات جميعاً لا يتجاوز التسعة آلاف سرير وهي تستقبل فعلياً أكثر من خمسة عشر ألف طالب لا ندري أين ينامون (مع العلم أنها أسرة مفردة).

تستوعب الغرفة الواحدة ثلاث أسرة وتجهيزات لثلاثة طلاب فقط ولكن معظم الغرف تحوي ثمانية أسرة ينام فيها الطلاب كالعسكر (في المهجع) في استعداد نفسي للخدمة العسكرية.

أما بخصوص الخدمات الأساسية فالتدفئة المركزية معطلة دوماً وخاصة أن البرد لا يطرق أبواب المدينة الجامعية لأنه لا يجرؤ على ذلك، والتيار الكهربائي يعاني من مشاكل عديدة بسبب الأسلاك المكشوفة والمهترئة المعرَّضة لعوامل الطبيعة والمعرض لها الطلاب القاطنون، أما المياه فتتحدث عنها أنابيبها المضروبة، وتتوزع قمامة المدينة الجامعية على كافة المستويات حتى على قمم الأشجار شامخة فوق رؤوس الطلاب، مذكرة رئيس الوحدة بألا ينسى التنصت على المكالمات الهاتفية لطلاب وحدته الأعزاء حرصاً على مصالحهم، مانعاً إياهم من دخول حمامات الغير في مكتبة المدينة من شدة حرصه على استخدام حمامات الوحدات فقط حتى تبقى الروائح محصورة داخل مناطق انبعاثها لتبقى لكل وحدة رائحتها المميزة.

وجميع من التقيناهم يؤكدون على أن وضع المدينة الجامعية أكثر سوءا مما ذكرناه، بالإضافة إلى عدم وجود عدل ومصداقية في الطلبات المقدمة للسكن الجامعي، لأن الواسطة والرشوة هما سيد الموقف، ورفض الطلاب القاطع لرفع البدل في السكن الجامعي المرفوع من قبل رئيس المدينة للجهات المسؤولة كاقتراح ناسيا بأنه سكن مجاني للطلاب.

دبروا أوضاعهم مع رئيس الوحدة!

● الطالب شيخ نور يقول نحن ثمانية طلاب مكبوسون في غرفة واحدة وهناك بعض الغرف عددهم أقل لأنهم دبروا أوضاعهم مع رئيس الوحدة وأكثر ما يقلقنا في هذه الوحدة السكنية هو الزبالة المتكومة بشكل مخيف، وعموماً جميع الخدمات سيئة في منطقة السكن الجامعي في المنطقة الصناعية وحتى علاقات الزملاء فيما بينهم ليست أفضل حالا، ولا ندري متى سينتهون من ترميم الوحدتين المعطلتين.

● يقول محمد: نحن في هذه الوحدة السكنية في مساكن برزة أفضل حالا من باقي زملائنا في السكن الجامعي وحتى الجوار قد تعودوا على وجودنا دون أي مضايقات تذكر، لكن معاناتنا واحدة في العدد الزائد عن طاقة الغرف وغلاء الأسعار وهناك بعض الزملاء يعملون بعد دوامهم الصباحي في الجامعة ويعودون للسكن غالبا دون مضايقات من الحرس الجامعي ولو قامت الإدارة ببعض التحسينات في الخدمات العامة لهذه الوحدة لأصبحت أفضل حالاً.

قرارات وتوصيات..

كلها حبر على ورق

● سمير طالب في كلية الآداب: نحن نكرر سنويا نفس الديباجة من المطاليب وهي خطب جاهزة لمؤتمراتنا الطلابية ونبدأ بالتنظير على بعضنا ونخرج بقرارات وتوصيات كلها حبر على ورق والمهم هو المناصب التي يتقاسمونها في آخر هذه المؤتمرات وعند استلامهم لمناصبهم وسياراتهم ومكاتبهم الفخمة ينسون الطالب الذي يركض ويلهث للفوز بسرير في غرفة في السكن الجامعي.

● تقول الآنسة م. من كلية الآداب أدب فرنسي: لولا قرب المدينة من الكلية لما تقدمت بطلب السكن في المدينة وهناك غلاء كبير في المدينة عموما لاتناسب أبدا دخولنا الضعيفة جداً، وهناك ازدحام شديد في الغرف، وأكثر ما يثير اشمئزازي هي تلك القذارة والزبالة المكومة عند الحمامات والممرات وأرجاء المدينة عموماً، ولولا مساعدة والدي واتحاد الكتاب لما حصلت على شاغر في المدينة الجامعية. 

لناس.. وناس

● أَنَس طالب في كلية الهندسة يتحدث عن معاناته مع الحرس الجامعي عند زيارة أصدقائه في المدينة الجامعية: لي الكثير من الأصدقاء في المدينة الجامعية وبرغم من إبرازي لهويتي الجامعية في كل مرة فهم يضايقونني ويومياً هناك مشاجرات بين الحرس وأهالي الطلاب وأصدقائهم وكأنهم يحرسون ثكنة عسكرية علماً أن هناك العديد من الأشخاص يدخلون ويخرجون دون أي اعتراض، يعني الزيارات متوقفة على مزاج الحرس «ولناس وناس»

وهناك العديد من الطلاب والطالبات تعرضوا للبهدلة على أيدي الحرس في السكن الجامعي.

● محمد .أ طالب في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية: تخيل مغسلة واحدة لطابق كامل ومجلى واحد وأنت وشطارتك إذا استطعت الحصول على كرسي إضافي أو طاولة والبطانيات لا تنفع إلا مَدّةً للرحلات، وبالرغم من برد الشتاء لا يوجد هناك تدفئة مركزية، يمكن لأنهم ينتظرون أياماً أقسى، وبالرغم من الازدحام الشديد في الغرف إلا أن هناك غرفاً فيها فقط طالبان لا أكثر، وذلك بشاغر لا يسكن الغرفة ويتركها لزملائه باتفاق مسبق وأنا شخصياً ساعدت زملاء لي بهذا الخصوص .

● الطالبة يارا تقول: هناك مشاجرات شبه يومية في هذه الساحة وكلها بلا طعمة تلطيش أو بسبب الهاتف عندما يعند أحدهم ولا يغادر الكوة إلا بخناقة وهنا تبدأ المرجلة والنخوة العائلية والعشائرية …، ويختلط الحابل بالنابل وقد تنشب مشكلة كبيرة جراء ذلك .

يبدو أننا نعود للقرون الوسطى!!

● وقال أحد الطلاب همساً: منذ فترة تم تقييد أحد الطلاب من يديه وجره والسير به في جميع أرجاء المدينة الجامعية أمام مرأى جميع الطلاب والمسؤولين في الاتحاد من الهيئات الإدارية والمكتب التنفيذي والمسؤولين في المدينة الجامعية، وهذه العقوبة هي بسبب اشتراك هذا الطالب في يوم الطفل العالمي بتظاهرة تطالب بحق عشرات الآلاف من أطفال محافظة الحسكة من جنسيتهم السورية المحرمون منها بموجب الإحصاء الجائر في عام 1962. وللعلم فأن هذا الطالب لم يشارك في تظاهرة أو إضراب داخل أسوار المدينة الجامعية بل كانت خارجها أمام مبنى الأمم المتحدة،  يبدو أننا نعود للقرون الوسطى.

غرف غير شكل!

● الطالب جدعان وزميل له رفضا الإدلاء بأسمائهما الكاملة يقولان: هناك موظفون مقيمون في المدينة كطلاب وهناك غرف مخصصة باسم أعضاء الاتحاد وهي غرف مظبطة جدا «غير شكل»، وكذلك مكاتبهم. فالفرش أنيق جديد جميل والغرف غير قابلة للمقارنة مع غرفنا نهائياً ويسكن فيها كل مدعوم لوحده .

 أما عندنا فلا توجد إجراءات سلامة فأسلاك الكهرباء مكشوفة وأدراج الطوارئ مغلقة وأجهزة الإنذار لا تعمل وصنابير المياه معطلة بالإضافة إلى الأثاث المهترئ الذي لا يصلح للاستخدام الآدمي.

● منى: ثمانية أسرة فوق بعضها في غرفة واحدة وثمانية أمزجة مختلفة لا زمالة ولا صداقة تربطنا لماذا لا يتم أخذ ذلك بعين الاعتبار حتى أختي لا أستطيع أن أسكن معها  وتحصل بين فترة وأخرى مشاحنات.

قروض تافهة لطلاب غير تافهين

● يقول أحد العاملين في مصرف التسليف الطلابي (طلب عدم ذكر اسمه): نحن نقدم قرضاً للطالب بكفالة 

موظف له خدمة عشر سنوات على الأقل ويبلغ القرض 700 ل س وهو لطلاب كلية الآداب و800 لطلبة المعاهد و 900 لطلاب كلية الطب والفنون الجميلة، هذه القروض على هزالتها تحل مشكلة بالنسبة للطالب وعند رسوب الطالب يتوقف هذا القرض ويقطع عنه خلال أشهر الصيف تضاف فائدة 1% على هذه القروض بعد تخرج الطالب بسنتين وعندما يمتنع عن التسديد تضاف غرامة تصل إلى 7% وأحياناً يتم الاستعانة بالشرطة لاستعادة القرض. قد يعتقد البعض أن هذا المبلغ بسيط وتافه ولكن بالرغم من ذلك فالطالب بحاجة إليه وهناك البعض ممن لا يستطيعون سداده بعد التخرج إذ لا يجدون فرصة عمل.

المهم الحفل الساهر!

● مستثمر المطعم المركزي: أستثمر هذا المطعم منذ سنة ونصف ونقدم جميع الخدمات بأسعار طلابية وبعد افتتاح مطعم أوركيد (الذي يعلن حالياً عن وجود حفل ساهر) والسماح له بفتح باب خارجي قدمت له العديد من المساعدات والتسهيلات بينما نحن نعاني الأمرين عند إدخال المواد للمطعم من الباب الرئيسي إذ لا يسمح لنا بإدخال سيارة الخضار وغيره ومنذ استلامي لهذا المطعم بمناقصة قمت بالعديد من الإصلاحات على حسابي وتم سحب ميزة إعطاء وجبات المعسكرات مني لصالح مطاعم أخرى، ومع أن المطعم صيفي لكنه أصبح يعمل صيفاً شتاء. 

نزلت على رأسي طنجرة!

● متعهد النظافة في المدينة الجامعية: أعتقد أن الطلبة ليس لديهم حس بالمسؤولية تجاه النظافة فنحن نقوم بجمع القمامة وهم يرمونها من الشبابيك.

● رجل طاعن في السن يعمل في التنظيفات: لقد نزلت على رأسي طنجرة من أحد الطوابق العالية وتم نقلي إلى المستشفى وإجراء الاسعافات اللازمة التي تضمنت خياطة جراحية وكان وضعي خطراً. وهذا يعني أن الأكياس أمر طبيعي والطنجرة هي الاستثناء الذي نزل على رأسي.

إن المدينة هي الخيار الوحيد لغالبية طلابنا ويجري استغلال هذا الواقع لترك الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ فإن كانت خيارنا الوحيد فلم لا تكون خيارنا الأفضل بنفس الوقت أم أنه حكم القوي على الضعيف.

■ طاولة

 أصبحت

 حاوية

 قمامة

 أمام

 المكتبة

 المركزية 

■ المكتبة المركزية... أثاث تالف... وتدفئة مفقودة و.....

■ ابراهيم نمر

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.